Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر August 15, 2017
A A A
“لؤلؤة الشرق” وحلم العودة
الكاتب: الياس الديري - النهار

 

في حديث صحافي شامل وصريح، شاء الرئيس سعد الحريري أن يكون الكلام في مطرحه وبكل دقّة، بعيداً من الإثارة وتوزيع الاتهامات قريباً من الحقائق والوقائع حتى التفاصيل. وبكل ما لها وما عليها. ومن دون القفز فوق الأزمات الأساسيَّة، أو اللجوء إلى أسلوب توزيع المسؤوليّات: هذا هو الوضع في لبنان اليوم، وها هي الأسباب.

وبرغبة من يريد تسمية الأشياء بأسمائها لا بناء هرم المسؤوليّات عليها فقط، أراد أن يدلَّ على الأمور كما هي: هناك خلافات سياسيَّة إقليميَّة معروفة بيننا وبين “حزب الله” المشارك في الحكومة. فهم لن يقتنعوا بوجهة نظرنا، ونحن لن نقتنع بوجهة نظرهم. من غير اللجوء إلى توزيع الاتهامات يمنة ويسرى. فالمكتوب يُقرأ من العنوان.

وهذا العنوان يتّسع للكثير مما يهزُّ الاستقرار والحياد والتوافق، وفي الوقت ذاته يمكنه أن يكون سياجاً متيناً للمصلحة الوطنيَّة. إلّا أن ذلك يستدعي أن نضع خلافاتنا السياسيّة جانباً و”الكف عن محاولات الالتفاف على التفاهم الوطني”… مما يقتضي أن يكون هناك استقرار، وحكومة فاعلة، وبرلمان يقوم بواجباته، لكي يكون لبنان وطنٌ آمنٌ ومنتجٌ ويقصده القريب كما البعيد.

وخلال الحديث عن “تحوّل لبنان بلداً آمناً”، ترجع بالحريري الذكريات إلى الستينات عندما استحقّ لبنان لقب “سويسرا الشرق”. ومع أن سعد الحريري لم يكن قد وُلد بعد إلّا أن الأحاديث، والوقائع، والحكايات من كل حدب وصوب في هذا الصدد جعلته يسترجع تلك المرحلة، مرحلة “سويسرا الشرق”، وخصوصاً بعدما تحوَّل البلد الصغير حاضنة للاستثمارات الخارجيّة، مع تسهيلات وحوافز جعلت الشركات والمؤسّسات والأعمال الأجنبيّة تصبُّ كالمطر في “ستّ العواصم”.

ولكن، ولكن السؤال كان جاهزاً عندئذ: هل من خطّة لديكم لاستعادة هذه المكانة للبنان، واستعادة لبنان إلى حيث كان في الستّينات؟

بالطبع، سيكون الجواب من صميم القلب والرغبة والإرادة. ستكون هناك مساعٍ وجهود ومحاولات لاستنهاض وطنٍ كبَّلوه من داخل ومن خارج. والمخلصون سيفعلون حتماً. بل هم يتمنّنون أن “يُسمح” لهم وللبنانهم بفرصة، بمحاولة لاسترجاع ما كان في الستينات والسبعينات مقطوشة عند منتصفها.

أليس لبنان الستينات هو لؤلؤة الشرق؟ أليس هو “المشروع الأكبر” الذي تجنَّد له الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وجنَّد معه كل ما يملك، وكل مَنْ يحبّون لبنان ويريدون إرجاعه إلى حيث كان، وحيث استحقّ عجقة الشرق والغرب به، مفكّرون، كتّابٌ، رسّامون، شعراء، فنانون في كل الحقول، جميعهم كلَّهم وقعوا في غرامه. يا تُرى هل يعود؟

هذا هو رهان سعد الحريري.