Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 15, 2023
A A A
هل تكهُّن “التيّار” بأيلول موعداً لنهاية الشغور في محلّه؟
الكاتب: ابراهيم بيرم - النهار

 

يمضي “حزب الله” قدماً في سياسة الاستعانة بالكتمان حول المدى الحقيقي الذي بلغته رحلة حواره المتجدد أخيراً مع “التيار الوطني الحر” مكتفياً بالتأكيد:

– أنه انطلق فعلاً وهو مستمر وسط إصرار طرفيه على بلوغه نتائج نوعية.

– والى وقت قصير كان الحزب يتجنّب الخوض في تفاصيل ومندرجات هذا الحوار مكتفياً بالقول إن محطته الأولى والمحورية هي لقاء يتيم (لحد الآن) جمع رئيس التيار النائب جبران باسيل مع رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، وإن الاول عرض في هذا اللقاء شروطه الثلاثة التي هي بنظره جسر العبور الى تفاهم جديد مختلف عن تفاهم مار مخايل المبرم منذ عام 2006. ولم يعد جديداً القول إن صفا أعطى موافقة أولية لكنه طلب أمرين الأول رؤية مكتوبة تتضمّن وجهة التيار حيال هذه الشروط (اللامركزية، والصندوق، وبناء الدولة) خصوصاً أن مثل هذه البنود هي موضع تباين في المقاربات. والثاني إعطاء مهلة للحزب لدرس هذه الرؤية من جهة وترك الباب مفتوحاً أمام نقاشها وإمكان التعديل بها.
وفي المقابل يبدو “التيار” أكثر تفاعلاً مع هذا المسار الحواري وأكثر احتفاءً به وحديثاً عنه، فالمعلوم أن رئيس التيار جبران باسيل كان هو المبادر الى الكشف عن عودة الروح الى العلاقة مع الحزب، وأكثر من ذلك سعى الى وضع أسس لهذا الحوار معلناً أنه أنتج ما سمّاه “اتفاقاً أولياً” حول مسار رئاسي.

وفيما كشف قادة من الحزب عن انطلاق هذا المسار الحواري مع التيار مقدمين إياه على أنه نموذج لفتح مسارات حوارية أوسع بين كل القوى في مرحلة الانسداد والاستعصاء، تكفل رموز التيار بإعطاء أهمية لهذا الحوار المتجدد عبر إطلاقهم مواقف شبه يومية تتمحور حوله أسهم بها باسيل نفسه.

وتحت وطأة حادث كوع الكحالة وتداعياتها، بادر رموز من التيار ومن بينهم رئيس التيار الى إطلاق مواقف تستبطن تنديداً بالحزب وتحمّله المسؤولية الأكبر مذكّراً بالرمزية التاريخية لهذا الكوع في الوجدان المسيحي.

وعلى الفور سارع خصوم الطرفين الى الاستثمار السياسي بهذا الطارئ العاصف، فأطلقوا سيلاً من التكهنات توشك أن تجزم بأن الحزب سيبادر الى إيقاف هذا الحوار لأنه لا يمكنه تحمّل تبعات المواقف البرتقالية. لكن البيان المرن والتهدوي الذي سارع الأب الروحي للتيار ومؤسسه الرئيس ميشال عون الى تعميمه كان كافياً بالنسبة للحزب لكي يمحو آثار تصريحات باسيل وموقف النائب سيزار أبي خليل في مكان الحادث.

وفي المقابل كانت مناخات الحزب الموزعة على الإعلام تؤكد أمرين أساسيين:
الأول الحرص على التهدئة واعتبار الحادث منتهياً بنتائجه لكونه حادثاً لحظوياً.

الثاني أن الحادث وما اكتنفه لن يثني الحزب عن المضيّ قدماً في مسار الحوار مع التيار.
وظلت الأمور عند الطرفين عند حدود إصرارهما على استكمال حوارهما، الى أن ظهر نائب التيار عن عكار أسعد درغام في مقابلة متلفزة مضى فيها الى أقصى حدود التفاؤل بنتائج هذا الحوار عندما حدّد منتصف أيلول المقبل موعداً للإعلان عن ولادة التفاهم الجديد المرتقب بين الطرفين ومحطة لوضعه بكل مندرجاته أمام الرأي العام. ولا ريب في أن هذا الكلام كان بمثابة جرعة تفاؤل بدّدت الكثير من الالتباسات من جهة وفتح باب التكهنات والتأويل على غاربه خصوصاً حيال مسألة معلوم أنها إشكالية وخلافية وهي موضوع التفاهم بين الطرفين على اسم الرئيس المقبل خصوصاً أن درغام أوحى بأمرين الأول أن هذا التفاهم الموعود من شأنه أن ينهي أزمة الشغور الرئاسي من جهة والثاني أنه يمكن للتيار أن يذهب الى حدّ تبنّي مرشح الحزب الحصري للرئاسة الأولى زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.

وأمام هذا التطور غير المسبوق انفتح باب التساؤلات عن أبعاد هذا التفاؤل الجامح من جانب أحد نواب التيار وتوقيت ذلك، وهل هو بهدف حرف الأنظار عن حادث الكحالة أم هو رسالة تطمين للحزب والأهم هل هو مقاربة جديدة قرّر التيار اتباعها في المرحلة المقبلة خصوصاً بعد محطة 14 حزيران؟ ومن البديهي أن هناك من طرح السؤال عما إن كان هذا التطور في مواقف التيار من شأنه فعلاً أن يمهّد لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي وفتح الباب أمام مرحلة استقرار وتعافٍ ينشدها الجميع؟

رداً على كل هذه التساؤلات يقدّم عضو تكتل لبنان الجديد والقيادي في التيار آلان عون رؤية أشمل وأوسع عندما يقول في تصريح لـ”النهار”: لا أحد يمكنه تحديد مواعيد لانتهاء الأزمة، إذ قد تحصل أحداث من شأنها أن تؤثر على وتيرة المشاورات التي نعلم أنها انطلقت على غرار الحادثة الأخيرة في الكحالة التي استأثرت بالاهتمام وجذبت الأنظار عن الشؤون والأوضاع الأخرى.

أضاف: على المستوى الرئاسي هناك مساران متحكمان يسيران بالتوازي أحدهما خارجي يقوده الموفد الفرنسي الخاص جان – إيف لودريان ومن خلفه اللجنة الخماسية التي يرجّح أن تجتمع في أيلول المقبل على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهناك مسار داخلي يعتمد على الحوار المنطلق حديثاً بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” والذي يمكن، إذا ما وصل الى نهايات سعيدة، أن يحقق خرقاً في جدار الأزمة الرئاسية.

وأضاف عون “نحن نشهد اليوم سباقاً بين هذين المسارين، قد يكون خط النهاية أيلول المقبل وهو ضمناً سباق بين مرشحين هما قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يعمل له المسار الأول (الخماسية) والوزير السابق سليمان فرنجيه الذي يوفر له المسار الثاني الدعم باعتباره مرشحه الحصري”.