Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر June 26, 2023
A A A
مانشيت “النهار”: الراية الجنبلاطية إلى تيمور: الحوار وحده للتسويات
الكاتب: النهار

بعد ست سنوات من الباسه كوفية فلسطين العربية في مهرجان حاشد في المختارة إيذانا ببدء انتقال الزعامة الجنبلاطية اليه من والده وليد جنبلاط، رفع النائب تيمور جنبلاط امس راية زعامة الحزب التقدمي الاشتراكي بعد استقالة والده متعمدا نقل الرئاسة اليه رمزا للجيل الشاب الجديد في احدى اقدم العائلات السياسية في لبنان، كما في الحزب، كما في طائفة الموحدين الدروز. وجاء انتقال الزعامة الجنبلاطية عبر استحقاق انتخابي حزبي أراده له وليد جنبلاط ، الرئيس المستقيل والزعيم الراسخ بزعامته ولو استقال حزبيا، ان يزاوج بين اجراء ديموقراطي وانتقال وراثي ولو ان تيمور ونائبي الرئيس فازوا بالتزكية من دون منافسين الامر الذي اضفى على انتقال رئاسة الحزب الطابع الاجماعي الذي يسلم بالزعامة الجنبلاطية التاريخية. وبدا طبيعيا ان يخترق هذا الحدث، ولو كان منتظرا ولم تخترقه أي مفاجأة، المشهد الداخلي الذي لا تزال تطغى عليه ترددات الزيارة الاستطلاعية الأولى للموفد الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان جان ايف لودريان، علما ان ظلال الازمة الرئاسية لم تكن غائبة ابدا عن المؤتمر الـ 49 للحزب التقدمي الاشتراكي الذي انعقد امس في عين زحلتا وأدى الى انتخاب قيادته الجديدة. ولعل ابرز المواقف “المتقاطعة” التي سجلت في كلمتي جنبلاط الاب وجنبلاط الابن بدت في تشديدهما على الحوار سبيلا الى التسوية الرئاسية كما الى التسويات عموما.

اذ في ما بدا خلاصة “للتحدي المستمر منذ 46 عاما” التي طبعت قيادته وزعامته ابرز وليد جنبلاط ما يشبه الوصايا الثوابت ومن ابرزها: “النضالِ من أجلِ عروبةِ لبنان، وتطورِه الديمقراطي، وضرورةِ إلغاءِ الطائفيّةِ السياسيّةِ وصولاً إلى المساواةِ بينَ المواطنين ، تحقيقِ النظامِ الاشتراكي الأكثرَ إنسانيّة، مع عدالةٍ إجتماعيّةٍ متطورةٍ وشاملة ، إن الإصلاحَ الشاملَ الجذري أكثرَ من ضرورةٍ بعيداً عن الوصفاتِ التجميليّةِ للهيئاتِ الدوليّة، التي خرّبت بلاداً بأسرِها، وسبّبت المآسي، إذا لم نقُل حروباً تقفُ من ورائِها الشركاتِ المتعدّدةِ الجنسيّاتِ لنهبِ الثرواتِ وقد يكونُ السودان اليوم أحد ضحاياها ، الحوارُ هو السبيلُ الأوحدُ للوصولِ إلى التسويةِ وتكريسِ المصالحةِ ، تحريرَ الأرضِ في مزراعَ شبعا وتلالِ كفرشوبا من الاحتلالِ الإسرائيلي، دونَ قيدٍ أو شرط ، تقويةَ الجيش وتعزيزَ قدراتِه، إلى جانبِ خطةٍ دفاعيّة، تتوحدُ فيها، وبشكلٍ مرن، الأمرةُ وقرارُ الحرب والسلم هو ضرورة، كما أن تعزيزَ القوى الأمنيّة الأخرى، هو حمايةٌ للوطنِ والمواطنين”.

اما تيمور وفي كلمته الأولى رئيسا للحزب التقدمي الاشتراكي فتعهد “اننا سوياً سنحمِلُ المشعل أيضاً، سنحمِله مع مَن سبقنا، سوياً سنرفعُ عالياً راية الحريات، ونحفظ تراثَ المعلم وإرثَ التنوع، سنَحمِل معاً قيمَ العروبة الديمقراطية المنفتحة في لبنان وعالمنا العربي في مواجهة التحجر والعنصرية.. أنَّ حزبنا سيبقى حزبنا حزبَ النضال لأجل لبنان عربي، علماني، ديمقراطي، ولبنان العدالة الاجتماعية،لبنان الحريات، لبنان التجربة التي لا تزال تستحق، لبنان التوزيع العادل للثروة، لبنان المواطنة الحقيقية، لبنان المُساواة، لبنان المحاولة الديمقراطية التي يجب ان تستكمل، لبنان نصير القضية الفلسطينية العادلة، لبنان نصير حقوق الشعوب العربية في الديمقراطية والحرية والإصلاح السياسي، لبنان المدني المتنوع، لبنان العمل لا لبنان التعطيل والشلل، لبنان المؤسسات لا لبنان الشغور، لبنان الانفتاح لا لبنان العزل والانعزال، ولبنان الحوار الحقيقي”. وتوجه الى والده “بصدق الإبن، أخاطبك باسمك الذي يعلو فوق كل الالقاب والتسميات والمواقع، يا وليد جنبلاط، يا والدي، أُقّرُ وأشهَد، أنا ومعي كل رفاقي ورفيقاتي في الحزب أن مسيرتك التي زينتها بصوت العقل، وشجاعة الارادة، وحكمة الرأي، ووضوح الانتصار وجمال التسوية، هذه المسيرة العابقة بالشرف والوفاء هي مسيرة تستحق العَناء من أجل الناس الذين ليس على صدورهم قميص، لأجل الأحرار والناس الطيبين الأبرار، من أجل هذا الوطن.

ستبقى يا وليد جنبلاط دائما القُدوة والمثال، ستبقى الملهم والمرجع والرمز، لنردد معك: المسيرة مستمرة”.

 

لودريان
بالعودة الى المشهد الرئاسي تترقب الأوساط السياسية على اختلافها الخطوة التالية التي سيتولاها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان سواء في ما يتصل بقيامه بزيارتين للمملكة العربية السعودية وقطر، قبل تحديد موعد زيارته الثانية لبيروت في تموز المقبل، ام في ما يتعلق بالاتجاهات والتوصيات التي يعتقد انه سيضمنها خلاصات جولته الأولى في التقرير الذي سيقدمه الى الرئيس ماكرون. وبدا لافتا انه اعلن في ختام جولته في بيروت عن انه سيعمل على تسهيل “حوار بناء وجامع بين اللبنانيين”. وقال في بيان مقتضب انه “بناء على طلب رئيس الجمهورية، الذي عيّنني موفده الشخصي من أجل لبنان، قمت بزيارة إلى لبنان من 21 الى 24 حزيران، في هذه الزيارة الاولى اردت اولا ان اصغي، لذا التقيت بالسلطات المدنيّة والدينيّة والعسكرية بالاضافة الى ممثلين عن جميع الاطراف السياسية الممثلة في مجلس النواب”. واضاف “سوف ارفع تقريرا حول هذه المهمة الى رئيس الجمهورية فور عودتي الى فرنسا. وسأعود مجددا الى بيروت في القريب العاجل لأن الوقت لا يعمل لصالح لبنان. سوف اعمل على تسهيل حوار بناء وجامع بين اللبنانيين من اجل التوصل الى حل يكون في الوقت نفسه توافقياً وفعالا للخروج من الفراغ المؤسساتي والقيام بالاصلاحات الضرورية لنهوض لبنان بشكل مستدام وذلك بالتشاور مع الدول الشريكة الاساسية للبنان”.

 

 

ترددات ومواقف
اما في الترددات التي تركتها جولة لودريان فسجل امس موقف لافت لرئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد اتسم في الظاهر على الأقل بمستوى متقدم من الواقعية في حديثه عن عدم قدرة أي فريق وحده بايصال مرشحه. وقال في هذا السياق: “لا نحن نستطيع أن نأتي بمرشح من دون تعاونهم ولا هم يستطيعون أن يأتوا بمرشحهم من دون تعاوننا، فما الحل؟ الحل هو أن نأتي ونجلس ونتفاهم ونقنع بعضنا بعضا و”صحتين على قلب لبيطلع” بالتوافق والتفاهم، فلو أن فريقا يمتلك الأكثرية الواضحة والوازنة ربما كنا تعاملنا مع هذه الحقيقة بواقعية، لكن طالما أنه يستحيل أن يمتلك فريق الأكثرية المرجحة للمجيء برئيس للجمهورية، فالحل واحد هو أن نتفاهم”. وأضاف: “لا تقبلون أن نتفاهم مع بعضنا البعض وتريدون دور مساعد أهلا وسهلا، سعودي أو فرنسي أو قطري أو ألماني أو من تشاؤون، لكن تعالوا لنتفاهم وهذا المساعد يكون قادما للمساعدة وليس أن يأمر أو أن يقرر عن أحد”.

في المقابل اكد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل حرصه على التفاهم مع “حزب الله” ومع اي مكون لبناني. وقال في خلوة نظمها “التيار” في بعبدا: سرنا بمرشح ليس مرشح تحد لان من يريد اعتباره مرشح تحد لم يكن ليدخل حكومة فؤاد السنيورة عام 2008 من لا يعجبه جهاد ازعور ما كان يجب ان يقبل ان يكون فؤاد السنيورة رئيس حكومته آنذاك”.

في غضون ذلك حذر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من تفكك لبنان الدولة. وتوجه في عظته امس التي القاها في دير مار يوحنا المعمدان – حراش الى الراهبات قائلا : “احملن في صلواتكنّ لبنان وشعبه في هذا الظرف الدقيق: فلبنان كدولة يتفكّك بسب عناد بعض السياسيّين ومصالحهم الشخصيّة والفئويّة، فصلّين من أجل انتخاب رئيس للجمهوريّة بعد حوالي ثمانية أشهر من الفراغ. وعمليّة الإنتخاب سهلة للغاية، إذا سلك المجلس النيابيّ الطريق المؤدّي إليه، فهو سهل ومستقيم أعني بتطبيق الدستور الذي ينصّ على أنّ “لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة” . صلّين من أجل شعب لبنان الذي يفتقر يومًا بعد يوم بسبب السياسيّين الذين يهملون كلّ قدرات البلاد وإمكانيّاتها؛ وهم أنفسهم مسؤولون وحدهم عن إفقار شعب لبنان وإذلاله وتهجيره من وطنه وتجويعه”.

وبدوره سأل ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في عظته: “ماذا يؤخِّرُ انتخـابَ رئـيـسٍ لـو صَفَتْ النيّـاتُ وصَدَقَتْ الأفـواه؟ ما الـذي يَـمـنـعُ إنـقـاذَ هـذا الـبـلـدِ لو كـانـتْ الـعُيـونُ بـسـيـطـةً والـعُقولُ نَيِّرةً والـقلـوبُ مُنفَـتِـحـةً؟ مُشكلتُنـا الـكـبـرى هـي نَقْصُ الـمـحـبّـةِ وقِلَّةُ الـمـسـؤولـيـةِ وغِيـابُ الـقـرار. ألـيـسَ ضَـروريـاً وجـودُ رئـيـسٍ لـديـه رؤيـةٌ واضـحـةٌ لإنـقـاذِ مـا تَـبَـقّـى مِـنْ هـذا الـبـلـد؟ ألا يَـمـنـعُ وجـودُ رئـيـسٍ وحـكـومةٍ مـسـؤولـةٍ اتـخـاذَ قـراراتٍ مُتَسَرِّعـةٍ وأحـيـانـاً مُـسـيـئـةٍ، خـاصةً إذا كـانـتْ تـطـالُ مـجـالَ الـتـربـيـةِ الـذي تَـراجَـعَ فـي الـسـنـواتِ الأخـيـرةِ وهو بـحـاجـةٍ إلـى إصـلاحٍ جَذريّ وقَراراتٍ حكـيـمـة؟ فَبـعدَ تَقزيـمِ الـمِـنـهـجِ التَعليمـيّ يـأتـي إلـغـاءُ الـشَـهـادةِ وإعطـاءُ الإفاداتِ كَضَـربَـةٍ قـاضِـيَـةٍ عـلـى مـا تَبَقّـى مِـنْ مُـسـتـوى الـتعـلـيـمِ الـذي كـان مَـفْـخَـرَةَ لـبـنـان”.