Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر May 13, 2021
A A A
بهجة العيد غائبة وأولويات الناس وعاداتها تبدّلت
الكاتب: عيسى يحيى - نداء الوطن

يطل عيد الفطر هذا العام على اللبنانيين وأوضاعهم الإقتصادية والمعيشية إلى مزيدٍ من التدهور، والأسعار إلى إرتفاع، والمواد الغذائية والمحروقات نحو التقنين والإختفاء. ويعلو صوت التذمّر والتأفّف مما وصلنا إليه على صوت تكبيرات العيد الذي يؤمل أن يحمل معه الفرج والحل للأزمة المستعصية.

غصة الفرحة بالعيد تضاهي أيام الشهر الثلاثين التي مرت على معظم البقاعيين، فالكثير منهم كان يحسب ألف حسابٍ لمائدة الإفطار التي يعدّها، إستغنوا عن العديد من الأصناف والمأكولات وغابت اللحوم من أمام أولادهم، وأملوا أن يأتي العيد والأوضاع إلى تحسّن والرحمة حلّت في قلوب التجار، ويعوض أيام الصيام ولكن من دون جدوى. فالأسعار إرتفعت وكأنها الفرصة الأخيرة لتحقيق الأرباح، والدجاج الذي يعوّض به الناس غياب اللحوم والأسماك أصبح بعيداً من الأفواه، والعادات التي إعتاد عليها أهالي مدينة بعلبك والجوار خلال الأعياد ذهبت إلى غير رجعة.

زحمة بلا بركة يشهدها سوق بعلبك منذ أيام إيذاناً بالعيد، المحال التجارية تفتح أبوابها أمام الزبائن حتى منتصف الليل، وحيث جرت العادة أن تبدأ ببرنامج الفتح بعد الإفطار من منتصف شهر رمضان وحتى العيد كان الوضع هذا العام مختلفاً، معظم المحال فتحت أبوابها ليلاً منذ أيام واصحابها يعلمون أن الأسعار التي حدّدوها لا يمكن للمواطنين مجاراتها باسثناء ميسوري الحال منهم، ويعلمون ايضاً أن الوضع الإقتصادي الصعب يدفع بالمواطنين إلى تقديم الأولويات على حساب العادات التي اتّبعوها كل عام، ومن كان يعاني طيلة شهر رمضان وقبله بأشهر لن تأتيه رزقةٌ من السماء تسهل له كل أموره.

جرت العادات قبل هذه السنة أن تبدأ الاستعدادات للاعياد بأيام، فتحضير الحلويات في المنزل أو شراؤها جاهزةً أولى الأولويات، إضافةً إلى شراء الثياب الجديدة والتبضّع، والخروج من المنزل لتناول الغداء أو لمّ شمل العائلة على مائدة غداء يكون فيها الطبق الرئيسي المشاوي، كل تلك التحضيرات أصبحت من الماضي وفق قول ماجد ق. لـ”نداء الوطن” خلال جولته في سوق بعلبك، وأشار الى أن “اللبنانيين اليوم لا حول لهم ولا قوة ويواجهون ما يعيشون بالدعاء، والذل الذي يسيطر على يومياتنا يبدو أنه طويل الأمد، فطوابير السيارات أمام محطات البنزين تزداد يوماً بعد يوم، ومنذ ساعات الصباح الباكر تبدأ الزحمة أمام المحطات في بعلبك التي لا تفتح جميعها وينتظر الأهالي دورهم لتعبئة ما يستطيعون، وأنا أنتظر كذلك لأتمكن من توصيل أولادي إلى المدرسة”، مضيفاً بأن “الأسعار التي حلقت قبل العيد لا يمكنني مجاراتها، لدي ثلاثة أولاد ولن أشتري لهم ثياب العيد، وفي حسبةٍ بسيطة يلزمهم 600 ألف ليرة إذا كانت النوعية “من قريبو”، اما الحلويات فنحن استغنينا عنها في أيام رمضان وكذلك خلال العيد، واقراص العيد بـ100 ألف ليرة لبنانية، ناهيك عن ثمن القهوة، وتحضير الحلويات في البيت يكلف غالياً نظراً لغلاء السمنة والسكر وغيرها”.

الزحمة التي يشهدها السوق هي للتنزه و”الفرجة” فقط، وفق ما يقول علي ي. صاحب أحد محال الألبسة لـ”نداء الوطن”، مؤكداً أن حالة الركود تسيطر على سوق الملابس الجاهزة في عيد الفطر، والناس تتجه نحو إصلاح ما لديها، أو الشراء من الأسواق الشعبية لتبقى فرحة العيد ظاهرة على وجوه الأولاد، والقدرة الشرائية التي يتمتع بها البقاعيون لا يمكن أن تضاهي غلاء أسعار الثياب التي نستوردها بالدولار ونبيعها وفق سعر الصرف، لأننا لا نريد أن نخسر أو نجمع ثروات، وفيما كنا ننتظر العيد بفارغ الصبر لتعويض باقي الأشهر، تتدنى حركة الشراء في كل موسم وعيد نتيجة الأزمة التي نعيشها وهي لم تتعدّ هذا العام الـ10%، ومعظم الأهالي يدخلون للفرجة يسألون عن الأسعار ثم يغادرون، والناس أولوياتها اليوم تأمين مصاريف الطعام والمواد الغذائية والدراسة، وحتى سوق البالة اليوم أصبح صعباً على الكثيرين والأسعار هناك إرتفعت ايضاً”.

سرقت الضائقة التي يرزح تحتها البقاعيون فرحة العيد، وغابت البهجة التي كانوا ينتظروها، وأصبح العيد شأنه كسائر الأيام يقلبون الأوراق وينتظرون اليوم التالي علّه يحمل جديداً، وعلّ عيد الفطر يحمل معه بشارة خلاص الأزمة وبشرى خيرٍ وفرح.