Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 5, 2021
A A A
تبادل الاتهامات بالتعطيل يكشف عمق المأزق الحكومي
الكاتب: عمر البردان - اللواء

يبدو بوضوح أن المنتفضين الذين عادوا إلى الساحات، عازمون هذه المرة على مواصلة الضغوطات على السلطة بكافة الوسائل، بعدما بلغت الأوضاع مستويات لا يمكن السكوت عنها، حيث قارب سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء العشرة آلاف ليرة، إلى جانب ارتفاع أسعار المحروقات على نحو غير مسبوق، وهو الأمر الذي دفع اللبنانيين إلى النزول الشوارع، للتعبير عن غضبهم ورفضاً لإذلالهم بهذه الطريقة المهينة، في حياتهم اليومية، سواء أمام المصارف أو المخازن أو المستشفيات، دون أن تبادر السلطة القائمة إلى اتخاذ ما يساعد على التخفيف من حجم هذه المعاناة التي لم يعد للبنانيين قدرة على تحملها.
وما يزيد في عمق المأساة أن القيمين على السلطة، غير مبالين بما يعيشه اللبنانيون وما يواجهون من مصاعب وأزمات حياتية ومعيشية على مختلف الأصعدة، بدليل هذه الفضيحة الناجمة عن العجز عن تأليف الحكومة بعد أكثر من أربعة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، دون حصول أي تقدم على هذا الصعيد. لا بل أن ارتفاع حماوة السجالات الإعلامية بين «بعبدا» و«بيت الوسط»، يعكس بوضوح عمق الهوة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف، وبما يؤشر إليه من تصاعد الخلاف بشأن تأليف الحكومة التي أصبحت في عالم الغيب، بعد تبادل الاتهامات بالتعطيل، الأمر الذي يزيد من حجم المعاناة التي يواجهها اللبنانيون، وما يمكن أن تكون عليه الأمور في المرحلة المقبلة، في حال بقي التعطيل قائماً.
المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أن الثوار عازمون على المضي في تحركاتهم الاحتجاجية وعلى نطاق واسع في مختلف المناطق، دفعاً لزيادة الضغوطات على المسؤولين من أجل الإسراع في ولادة الحكومة، دون أن يكون لهذه التحركات دوافع سياسية، كما حاولت دوائر قصر بعبدا الإيحاء بذلك، موجهة أصابع الاتهام إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط. وأشارت المعلومات إلى أن طبيعة التحركات ستكون مفاجئة وغير متوقعة، وبما يزيد من حجم الضربات الموجعة التي ستتلقاها السلطة، من أجل دفعها إلى الاستجابة لطلبات الناس وتأمين حاجاتهم اليومية. وهذا ما سيظهر في شكل الاحتجاجات التي ستعم مختلف المناطق في الأيام المقبلة، بعدما ظهر بوضوح أن لا حكومة في المدى المنظور.
وعلم في هذا السياق، أن الأزمة الحكومية مفتوحة على كل الاحتمالات بعد فشل كل مساعي التوسط بين الرئيسين عون والحريري، جراء عامل فقدان الثقة الذي يرخي بثقله على هذا الملف الذي ينذر بمضاعفات بالغة الخطورة على مستقبل الأوضاع في البلد، في ظل السباق الدائر بين مساعي الحلول التي يبدو أنها بعيدة وبين خطوات الانهيار الذي ستكون عواقبه وخيمة على جميع القطاعات في البلد، في ظل انكفاء واضح للواسطات الخارجية، وتحديداً المبادرة الفرنسية التي يقول العارفون بخلفياتها، أن باريس لا تعول كثيراً على المسؤولين اللبنانيين، للاستجابة لهذه المبادرة، بعدما قدموا مصالحهم الخاصة والفئوية على حساب مصلحة البلد والناس، وإن كانت المعطيات المتوافرة لـ«اللواء» تشير إلى أن الانظار باتت متجهة اليوم إلى خطوة البطريرك بشارة الراعي  بشأن المؤتمر الدولي الخاص بلبنان، وما تحظى به من دعم داخلي وخارجي، وخاصة من جانب الفاتيكان الذي سيضع كل ثقله من أجل أن يبصر هذا المؤتمر النور في أقرب وقت.
وتشير المعلومات إلى أن سفراء عواصم القرار في لبنان يدعمون الخطوة البطريركية، وسيعملون على نقل دعوة البطريرك الراعي إلى حكوماتهم من أجل بحث المساعدة في ترجمة هذه الدعوة، من خلال الاتصالات الدولية التي ستجري بين الدول الكبرى التي لا ترى مفراً من دعم دولي لإنقاذ لبنان من المأزق الذي يتخبط فيه، في حال جرى تشكيل حكومة تلتزم ببرنامج إصلاحات شامل وقادر على إخراج لبنان من هذا المأزق.