Beirut weather 13.41 ° C
تاريخ النشر January 20, 2021
A A A
بين «هستيريا» الكورونا وهلع الزبائن: ما هو واقع «السوبرماركات»» وهل يتحمّل المواطن المسؤولية؟
الكاتب: يارا حرب - الديار

ما ان ننتهي من هلع حتى يبدأ هلع جديد! فقد شهدت «السوبرماركات»» الاسبوع الماضي في كافة المناطق اللبنانية زحمة «هيستيرية» خانقة وإقبالاً مهولاً للمواطنين الذين ما ان سمعوا أن البلد يتجه نحو الإقفال العام للحد من تفشي وباء كورونا حتى هلعوا وهرعوا إلى المحال التجارية و «السوبرماركات» وتهافتوا بطريقة جنونية لشراء حاجياتهم من السلع والمنتجات الغذائية الأساسية، وذلك خوفاً من إعلان حالة الطوارئ ومنع التجوّل والإقفال العام الذي بدأ صباح الخميس.

وقد فاق التهافت قدرة ««السوبرماركات»» على استيعاب المواطنين كما فقدت فيها بعض المواد الغذائية الضرورية. فاشتكى عدد من المواطنين عدم توافر المواد الغذائية في بعض «السوبرماركات» كما واشتكوا أيضاً من الارتفاع الكبير في الأسعار.

وفي هذا الصدد، دفع عدد من البلديات بالشرطة البلدية الى داخل وامام ««السوبرماركات»» من اجل تنظيم طوابير المواطنين وإلزامهم بالمسافة الآمنة ووضع الكمامة بالإضافة إلى إلزام «السوبرماركات» بالإقفال عند الساعة الخامسة.

كذلك وفي سياقٍ متَّصل شهدت الأفران طوابير من المواطنين عند ابوابها لشراء الخبز، فيما رفعت بعض محطات الوقود خراطيمها بسبب نفاد مادة البنزين.

ولكن لا بدَّ من الاشارة الى أنه حين حصلت حالة الهلع «الهيستيرية» تلك داخل «السوبرماركات» لم يكن وزير الاقتصاد راوول نعمة قد اتخذ قراراً بشأن اغلاقها، وبالتالي فإن هلع المواطنين الكبير، وهذه التصرفات العشوائية غير مبررة اطلاقاً! نتفهَّم طبعاً أن قسماً من هذا الهلع والخوف هو جراء انتشار فيروس كورونا، والناس طبعاً يتخوفون من عدم القدرة على الشراء في أيام الإقفال. ولكن ذلك لا يبرِّر شراءهم أغراضاً ومنتوجات لا يحتاجونها ويخزنونها في منازلهم بأعداد كبيرة، فتفقد عن الرفوف ولا يكون لها بديل ويكون غيرهم بأشد وأمس الحاجة إليها! فيكون بذلك بعض المواطنين في حدّ ذاتهم أزمة !!! ولا بد أن نتعلَّم التصرف بالقليل من الوعي والمسؤولية خاصةً وسط أزمة صحية كبيرة وخطرة نحن في داخلها معاً ويجب أن نتكاتف للخروج منها بأقل أضرار ممكنة…

ولمعرفة تقاصيل أدق وأكثر شمولية حول كل ما حصل تحدث رئيس مجلس الادارة والمدير التنفيذي «لسبينيس» السيد حسان عزالدين لـ«الديار»:

 

 

* ما رأيك بـ «الهيستيرية» الشرائية التي حصلت في «السوبرماركات» قبل قرار اقفال البلد؟

ـ الإقبال الكثيف كان متوقعاً للأسف، لأن القرار أتى مفاجئاً على الجميع ونتيجته بدت واضحة للعلن فور صدوره.

 

 

* هل كان الهلع مبرراً أم غير مبرر؟ ولماذا؟

ـ لقد تم ّتهديد المواطنين بأمنهم الصحي مع ما نشهده اليوم من انهيار للقطاع الإستشفائي، وعانوا منذ سنة ونصف وما زالوا من وضع اقتصادي سيىء أدى إلى انخفاض قدرتهم الشرائية، إضافة إلى أزمات أخرى أثرت في عامل الطمأنينة والثقة لديهم. لذلك نرى ان ما حصل مبرَر، إذ بات أمنهم الغذائي أيضاً في خطر في ظل عدم ارتكاز القرارات المتخذة على قاعدة علمية ومنطقية، تسهّل عليهم عملية التسوق وتعطيهم حلولاً سهلة بديلة. كل البلدان في العالم لم تقفل «السوبرماركات» خلال الإقفال العام بل اتبعت خدمة الديليفري بالتوازي، فأبقت المتاجر مفتوحة أمام مواطنيها. «السوبرماركات» في العالم بشكل عام وفي لبنان بشكل خاص ليس لديها القدرة والإمكانات لتلبية الاحتياجات الخاصة بخدمة الديليفري بنسبة أكبر من 6%.

 

 

* ما هي الاستراتيجية التي اعتمدتها الدولة؟

ـ الاستراتيجية المعتمدة كانت القرار الخاطىء الذي قضى بشمل «السوبرماركات» بالإقفال واتباع طريقة «الديليفري» بدل اعتماد طريقة أخرى أكثر فعالية، مبنية على أسس واقعية ومنطقية، تبدأ أوَلا بالتنسيق مع الجهات المعنية في القطاع واستشارتهم كونهم يعرفون القطاع وإمكاناته. هذا الأمر أدى إلى تهافت المواطنين قبل أيام للشراء وسيؤدي للأسف الى تهافتهم فور انتهائه وبالتالي زيادة عدد الإصابات.

سنشهد هذا الأسبوع طلباً متزايداً على خدمة الديليفري في ظل إقفال محلات البقالة أيضاً، الأمر الذي سيفوق قدرتنا القصوى على الاستجابة. المحلات الصغيرة ليس لديها بالطبع القدرة لتلبية احتياجات المواطنين، نتوقع تلبية احتياجات 500 ألف لبناني واحتمال معاناة 4 ملايين ونصف منهم من النقص. المشكلة لا تقتصر فقط على فترة الإقفال إنما تمتد بعدها، إضافة إلى التهافت الذي سيحصل فإن هذه الاستراتيجية تستهدف جميع القطاعات المرتبطة بـ«السوبرماركات» كالقطاع الزراعي، وقطاع الدواجن واللحوم والتلف الذي ستتعرض له بضائعهم وإذا استمرت الأمور على هذه الوتيرة، فالأمن الغذائي بأكمله معرّض للخطر ولتعويض الخسائر سيعاني اللبناني لأول مرة من نقص في الأمن الغذائي.

لم يفت الوقت للتراجع عن القرار واستثناء «السوبرماركات». الحلّ يقضي بضمه إلى تطبيق IMPACT لطلب إذن للتسوق من خلال تنظيم الزيارات وتمديد فترات السماح، للحفاظ على التباعد الإجتماعي المطلوب إضافة إلى الزام شخص واحد فقط من العائلة بالدخول الى المتجر مع التشديد باتباع السبل الوقائية وفرض إجراءات صارمة حيال المخالفين من قبل الدولة، فنعمل معاً بالتوازي لإنجاح هذا الإقفال والحد من تفشي الوباء مؤمنين احتياجات المواطنين من جهة ومحافظين على القطاع المهدد بدوره بالإنهيار والعاملين فيه من جهة أخرى. لإنجاح الإقفال والإنتصار على كورونا، علينا الحفاظ على كل من الصحة والغذاء والأمن فتحمل بالتوازي.

 

 

* اشتكى المواطنون من ارتفاع كبير في الاسعار، فلماذا حصل ذلك، وهل من تغيير في الاسعار قريباً سواء في الارتفاع او الانخفاض؟

ـ على اللبناني أن يتذكر أن الدولار ارتفع من 1500 ليرة إلى 9000 ليرة والسلعة التي كانت تبلغ قيمتها 20 ألف ليرة آنذاك أصبحت اليوم ب 120 ألف ليرة أي تضاعف سعرها 6 مرات والسعر المدعوم هو 3900 ليرة. عليه ألا ينسى أيضاً أننا ثاني بلد في العالم بالتضخم بعد فنزويلا مباشرة وتقدمنا على زيمبابوي بالترتيب فارتفاع سعر صرف الدولار هو السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار ونحن بلد يستورد ولا ينتج مواد أولية لذلك ارتفاع سعر صرف الدولار يؤثر مباشرة في سعر السلع وبالأخص الأساسية منها.السلع المستثناة فقط هي المدعومة والتي تضاعف سعرها مرتين ونصف فقط وليس 6 أضعاف كما السلع الأخرى.

 

 

* هل باستطاعة «الديلفيري» أن يلبي كافة الطلبات بشكل كامل؟ وبأي نسبة مئوية من الطلب تتم تلبيته عبر الديليفري خلال فترة الاقفال؟

ـ خدمة «الديليفري» لدينا قادرة على تلبية الاحتياجات بنسبة لا تتعدى 6% فقط وهذه النسبة أقل لدى بقية «السوبرماركات» تقريباً كون توسيعها يحتاج الى طاقات بشرية وأسس لوجيستية وتقنية هائلة. من المتوقع هذا الأسبوع أن يرتفع عدد الطلبات ليفوق قدرتنا القصوى على الاستجابة وبالتالي إمكانية تأمينها لجميع المواطنين، الأمر الذي سيؤدي للأسف الى نقمة وتصاعد صرخات المنتجين المحليين إضافة إلى احتمال فقدان بعض السلع الأساسية من المخزون.