Beirut weather 13.41 ° C
تاريخ النشر March 19, 2020
A A A
افتتاحية “النهار”: لبنان في “صمود” العزل: الوباء والكابيتال كونترول
الكاتب: النهار

اسوة بكل التطورات الدراماتيكية المتعاقبة منذ التحاق لبنان بمنظومة اكثر من 150 دولة حتى الان ضربها أسوأ إعصار وبائي في تاريخ الفيروسات والأوبئة، لم يخرج انعزال لبنان جوا وبرا وبحرا عن العالم عن هذه السلسلة اللاهبة للحدث الكوروني. فان يقفل مطار رفيق الحريري الدولي امام الملاحة الجوية منذ منتصف الليل الفائت ليس حدثا عابرا او تفصيليا في بلد يعاني ربما اكثر من معظم البلدان التي ابتليت باجتياح كورونا السريع، تراكم أزمات وتعقيدات ومشكلات يصح معها ان سهام الازمات التي تحاصره وتغرقه في أثقالها “تتكسر نصالها على النصال”. ولعله ليس ادل على هذه المفارقة الصعبة والقاسية التي يضطر اللبنانيون الى تحمل تداعياتها التي تفوق قدرة أي شعب على الاحتمال من تزامن استحقاقات الازمتين الصحية الطارئة والمالية المتمادية منذ اشهر من هذا اليوم بالذات حيث سيكون على اللبنانيين انتظار ما ستفضي اليه جلسة مجلس الوزراء لجهة إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي سيشكل المستند الرسمي الأساسي لتنظيم وتقييد العلاقة بين المصارف والمودعين للمرة الأولى بعد انفجار الازمة المالية غير المسبوقة في تاريخ لبنان. وسيتزامن هذا التطور مع ترقب مزيد من الإجراءات الاستباقية لمواجهة اتساع انتشار الكورونا في لبنان استنادا الى اعلان حال التعبئة وسريان مفعولها منذ الاثنين الماضي. وعلى أهمية موضوع الكابيتال كونترول الذي استلزم اعداد مشروعه عملا كثيفا منذ انطلاق عمل الحكومة فان تطورات مواجهة الكورونا الذي وصفته منظمة الصحة العالمية امس بانه “عدو البشرية” بلغت مرحلة مشدودة للغاية في ظل وقائع تحمل إمكانات تحصين الإجراءات الوقائية والاحترازية في لبنان لمنع انزلاق البلاد نحو مرحلة تفلت خطير في الإصابات، كما إمكانات خسارة الفرصة للحؤول دون هذا الخطر الكبير على غرار ما حصل ويحصل في دول أخرى. وكشفت مصادر معنية بالإجراءات الجاري تنفيذها لـ”النهار” ان ثمة جهات صحية وطبية وإدارية بدأت تستعد بشكل جدي لاحتمالات اتساع الحالة الفيروسية وتعاظم الإصابات حتى قبل اتضاح النتائج التي ستسفر عنها مراقبة الأسبوع الأول من حالة التعبئة ومدى الأثر الذي سينتج عن التزام حجم معقول جدا من المواطنين المنازل على إحصاءات الإصابات وتوقعاتها. وأوضحت المصادر نفسها ان ثمة سيناريو متقدما حيال المرحلة المقبلة يمليه التحسب لاحتمال اتساع الإصابات بشكل كثيف ما لم تظهر معالم معاكسة في الأيام القليلة المقبلة بما يعني انه سيكون امام السلطات الأخذ باجراءات جديدة اكثر جذرية وتشددا تصل الى حدود منع التجول بشكل جذري وحاسم أولا ومن ثم التدرج في الإجراءات تبعا لما تظهره الخريطة الاستشفائية والجغرافية لتوزع الإصابات المحتملة بالفيروس . وقالت انه على رغم ان التزام المواطنين منازلهم يظهر نسبة جيدة ومشجعة، فانه لا يزال مبكرا الاتكال على معطيات إيجابية قد لا تصمد الا لفترة خاطفة، وينبغي ان تجري حمايتها بمنتهى الحزم، بل ان السيناريو المطروح لإمكان اتساع الإصابات يركز على واقع المستشفيات اذ يطرح امكان البحث مع وزارة الصحة في حال اتساع اضافي للإصابات ان تخصص كل المستشفيات الجامعية الكبرى في بيروت لمعالجة المصابين بكورونا، فيما تخصص مستشفيات أخرى خارج بيروت للمرضى العاديين بما يوفر العلاج اللازم لجميع المرضى وحمايتهم. وفي أي حال فان تقويم الإجراءات الجارية حاليا وما ينتظر في المرحلة التالية سيشكل محورا أساسيا في مناقشات مجلس الوزراء اليوم في قصر بعبدا. ويرجح ان تتريث الحكومة في اتخاذ خطوات إضافية قبل اتضاح نتائج الالتزام بالإجراءات المعلنة.. وفي الوقت نفسه اعلن وزير الخارجية ناصيف حتي انه وجه رسائل الى جميع السفارات الأجنبية في لبنان وطالبها بتقديم أي مساعدات ممكنة للبنان .

 

المطار المقفر!
ومنذ منتصف الليل الفائت صار مطار رفيق الحريري الدولي بمثابة مطار مهجور الا من القلة النادرة اللازمة من الطواقم الإدارية استعدادا لإقفاله بشكل تام فجر الجمعة باستثناء الرحلات الجوية الخاصة التي يفترض ان تحصل على موافقة رئيس الحكومة حسان دياب. ولعلها المرة الأولى التي يقفل فيها المطار بهذا الشكل منذ حرب تموز 2006 . وتزامن ذلك مع اعلان وزارة الصحة الإحصاء الجديد للإصابات المثبتة وهو 133 إصابة كما سجلت وفاة رابعة لشخص في العقد التاسع كان في وضع صحي حرج ويعاني من أمراض مزمنة. اما السيدة التي نقلت ظهر امس الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي وسرعان ما توفيت فتبين انها لم تكن مصابة بكورونا ولا بأي التهاب بل توفيت نتيجة قصور مزمن في عضلة القلب . ودعت وزارة الصحة جميع المواطنين تكرارا الى التقيد بالتدابير الصارمة الصادرة عن المراجع الرسمية لا سيما منها الحجر المنزلي الإلزامي وضبط الحركة الا عند الضرورة القصوى. وفيما أكدت أوساط معنية ان لا نقص بعد في معدات فحص كورونا، اشارت الى ان الفحوص تجري للحالات الطارئة في مستشفى رفيق الحريري الدولي في انتظار وصول معدات جديدة في اليومين المقبلين. وأبلغت السفارة الصينية في لبنان وزارتي الصحة والخارجية ان حكومة الصين قررت اهداء لبنان 1000 وحدة من أجهزة فحص الفيروسات و200 مقياس حرارة يدوي.

 

الكابيتال كونترول
وسط هذه الأجواء سيطرح اليوم مشروع قانون تنظيم العلاقة بين المصارف اللبنانية والمودعين والزبائن “الكابيتال كونترول” في مناخات قد لا تكون ملائمة تماما لتوقع إقرار هذا المشروع اليوم تحديدا او في حال إقراره الا تكون طريقه سلسة نحو الإقرار في مجلس النواب . وكانت النسخة الأساسية للمشروع وأسبابه الموجبة كما وضعهما وزير المال غازي وزني قد تعرضت لتعديلات وصفت بانها أساسية وربما نسفت جوهر المشروع المقترح . وابرز التعديلات التي حصلت طاولت سحب قرار تحديد سقوف السحوبات المالية من المصارف من يد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووضعها في يد مجلس الوزراء وهو الامر الذي اثار ريبة المصارف كما حاكم مصرف لبنان وحتى وزير المال لانه يتعرض لصلاحيات الحاكم والوزير . كما ان سقوف السحوبات والتحويلات المقننة ستثير على الأرجح اعتراضات واسعة من فئات عدة .

وبدا لافتا وسط هذه الأجواء ان يتوقف رئيس مجلس النواب نبيه بري طويلا امس عند وضع سلعاتا في ملف انشاء محطات الغاز على جدول اعمال مجلس الوزراء قائلا “ان البلد لا يبنى وفق المحاصصة المناطقية”. وفي موضوع الكابيتال كونترول الذي يفترض ان تحسمه الحكومة اليوم فهم من بري ان المشروع لن ينتهي او يسري العمل فيه الا بعد مروره في البرلمان. وفي سياق اخر اعتًبر بري “ان ما حصل في ملف العميل عامر الفاخوري لم يكن مشرفا في تاريخ القضاء اللبناني “ ودعا الى التطلع والتدقيق جيدا في مدرجات القانون الأميركي في تعاطيه مع العملاء ولنطبق على الأقل نصفه حيال عملاء إسرائيل في لبنان”.