Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر July 1, 2019
A A A
لبنان تأرجح على حافة الحرب الأهلية من بوابة الجبل!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

تأرجح لبنان على حافة الحرب الأهلية أمس، فإستعادت بعض قرى الجبل مشاهدها، من خلال الانتشار المسلح والملثمين وقطع الطرقات وتبادل إطلاق النار الذي أودى بحياة إثنين من مرافقي الوزير صالح الغريب، وجرح مرافق ثالث وآخر مقرب من الحزب التقدمي الاشتراكي، وذلك على خلفية زيارة وزير الخارجية جبران باسيل الى عدد من قرى الجبل وإعتراض مناصري الحزب الاشتراكي عليها..
منذ ليل أمس والجهود السياسية والأمنية تبذل من أجل تهدئة النفوس، وتجاوز هذا القطوع الخطير الذي كاد أن يعيد عقارب الساعة الى الوراء، وربما من حسن الحظ بأن الاشتباك حصل بين مختلفين حزبيا لكنهم من مذهب واحد، ولو كان الأمر غير ذلك وحصلت المواجهة بين مسلحين ينتمون الى طائفتين مختلفتين لكان الأمر في غاية السوء، في ظل الشحن الطائفي الذي يعيشه الجبل كما كل لبنان.
لا يختلف إثنان على أن لبنان يعيش حالة طائفية خطرة ومذهبية أخطر، كما يعيش حربا أهلية صامتة تعبر عن نفسها بين الحين والآخر فيخرج “وحشها” ويلتهم بعض اللبنانيين ثم يعود الى مخبئه، وينتظر الفرصة المناسبة لينقض مرة أخرى على فريسة جديدة.
اللافت أن وزير الخارجية جبران باسيل يتعاطى مع هذا ″الوحش″ بكثير من الخفة، فلا يقيم له وزنا، لا بل يلعب معه وبه على حافة الهاوية، حيث تتهمه بعض التيارات بأنه “يمضي في إستفزازاته السياسية والطائفية التي تكاد في كل مرة أن تشعل البلاد وأن تحرك الشوارع، وأن تؤدي الى ما لا يحمد عقباه، من إستهدافه لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الى تصريحاته الملتبسة حول إسرائيل، الى مواقفه عند لوحة الجلاء في نهر الكلب، الى حديثه عن السنية السياسية التي نمت على جثة السياسية المارونية، الى محاولاته باختصار المسيحيين وإستئثاره بكل المكاسب، الى غير ذلك من المحطات الكثيرة، وصولا الى زياراته لمناطق ذات حساسيات وتوازنات دقيقة ومحاولاته اللعب على التناقضات وإطلاق مواقف إختزالية إلغائية من شأنها أن تثير الغرائز وتشحن النفوس″.
ويشير بعض المتابعين الى أن ″ما حصل في الجبل أمس كان من المفترض أن يحصل في زغرتا وفي بشري خلال الأسابيع الماضية، لكن التعقل والحكمة اللتين تعاطى بهما تيار المردة والقوات اللبنانية حال دون تحرك الشارع الذي كان خلال الزيارة كالنار تحت الرماد″.
لا شك في أن زيارة قرى الجبل لا تشبه زيارتيّ زغرتا وبشري، فالأمر مختلف عند رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي تشير المعلومات الى أنه يعيش ضغوطات سياسية غير مسبوقة ومن قبل باسيل بالتحديد، تنعكس على شارعه بشكل عام، سواء على صعيد غياب أي كتف سياسي يستند عليه، أو محاولات تطويقه سياسيا، وقضم حصته من التعيينات لمصلحة خصومه الذين يتوفر لهم الدعم الكامل لمواجهته، كل ذلك جعل من زيارة باسيل وتصريحاته التي إعتبرها جنبلاط في تغريدة له ″غرورا سياسيا″، بمثابة ″الشعرة التي قصمت ظهر البعير″، فخرجت الأمور عن السيطرة وإنفجرت في الشارع حالات غضب وقطع طرقات من أنصار الاشتراكي لمنع باسيل من إتمام زياراته الى قرى الجبل، الى أن كانت المواجهة النارية والدموية في بلدة قبرشمون حيث حصل تبادل لاطلاق النار بين أنصار الحزب الاشتراكي وعدد من مرافقي الوزير صالح الغريب وأدى الى ما أدى إليه من قتلى وجرحى.
ترى مصادر سياسية مطلعة أنه ″ربما لا يستطيع أحد أو يحق له أن يقف في وجه طموحات الوزير باسيل في الوصول الى رئاسة الجمهورية وتهيئة كل الأجواء التي تخدم توجهاته، لكن أيضا لا يحق لباسيل أن يغالي في مواقفه الالغائية وتصريحاته الاستفزازية وعدم مراعاة الخصوصيات السياسية والطائفية والمذهبية في لبنان، خصوصا في ظل الظروف البالغة الصعوبة التي يعيشها″.
وتعوّل هذه المصادر على دور إيجابي يمكن أن يلعبه حزب الله مع حلفائه لتهدئة الأجواء، لافتة الى أهمية تصريح الوزير محمود قماطي الذي أكد بعد إجتماع خلدة في منزل النائب طلال أرسلان بأن ″لا عودة الى الحرب الأهلية وأن إستقرار الجبل وأنه أمانة في أعناقنا جميعا، داعيا القضاء الى أن يكون حاسما وحازما في تحديد المسؤوليات لوأد الفتنة″.
ويبدو واضحا أيضا أن باسيل إستشعر الخطر الحقيقي في الجبل، فقرر قطع زيارته وعدم إستكمالها الى أن تهدأ النفوس التي ستبقى متأججة الى أن يصار الى دفن الشهيدين، وإنطلاق الأجهزة الأمنية والقضاء في التحقيقات وتحديد المسؤوليات.