Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر July 9, 2016
A A A
بلير الإدانة وحدها لا تكفي
الكاتب: سميح صعب - النهار

توصل تقرير تشيلكوت عن مشاركة بريطانيا الى جانب الولايات المتحدة في غزو العراق عام 2003، الى نتيجة مفادها ان الغزو لم يكن قانونياً ويمثل “جريمة عدوان”. وبطريقة غير مباشرة يحمّل التقرير الحرب “غير المبررة” مسؤولية الفوضى التي غرقت فيها المنطقة بعد ذلك ومقتل مئات الاف الاشخاص. ويشير الى “تلاعب” بالأدلة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية.

ولكن على رغم كل الادانات الواضحة للحرب، لم يوصِ التقرير الطويل بأي ملاحقة قانونية لبلير، الذي لا يزال يدافع عن نفسه قائلاً إنه لم يكن في وسعه أن يفعل شيئاً لأن قرار الحرب كان قد اتخذه الرئيس الاميركي في حينه جورج دبليو بوش. وهذا عذر غير مقبول، لأن دولاً مثل فرنسا جاك شيراك والمانيا غيرهارد شرودر تجرأت على معارضة الحرب. وربما لو وقفت بريطانيا الى جانب شركائها الاوروبيين لما كان بوش وجد أي نوع من التغطية الاوروبية المهمة لحربه.

واﻻدهى من ذلك أن بلير لا يعتذر عن اتخاذه قرار الحرب وإنما عن “الأخطاء” التي ارتكبت خلالها وبعدها ولا يزال يصر على ان الغزو جعل العالم “أكثر أماناً”. كيف ذلك، و”داعش” سليل تنظيم “القاعدة” الذي جعلته حرب العراق أكثر قوة، يسيطر حتى الان على مساحات من العراق وسوريا تعادل نحو مساحة بريطانيا نفسها ويرتكب مجزرة تلو أخرى وصولاً الى مجزرة الكرادة، التي لن تكون الاخيرة يرتكبها التنظيم الارهابي.

وأعاد غزو العراق فتح الصراع المذهبي في المنطقة واطلق العنان للتنظيمات الجهادية. وانخرطت دول المنطقة كلها في هذا الصراع مما تسبب بسقوط مئات الاف القتلى في العراق البلد الذي تفكك طائفياً وعرقياً وها هي سوريا واليمن على الطريق الى المصير ذاته.

ومع ذلك يرى بلير ان غزو العراق جعل العالم “أكثر أماناً” بينما اوروبا مهددة بالاغراق بملايين اللاجئين والاتحاد الاوروبي مهدد بالتفكك نتيجة الخلاف على السياسة الواجب اتباعها حيال ملايين السوريين والعراقيين الذين يعدون أنفسهم لركوب زوارق الموت والفرار نحو أوروبا أملاً في النجاة من الجحيم الذي يعيشونه بسبب الغزو الذي كان الخطيئة الاصلية في كل هذا الخراب الذي يعم المنطقة.

وبلير كان شريكاً وأكثر “شغفا” من بوش نفسه بالذهاب الى الحرب استناداً الى تقرير تشيلكوت. ومع ذلك يستمر في الدفاع عن الجريمة التي ارتكبها. وهو وحده الى جانب بوش يرى ان العالم بات أفضل من دون صدام حسين. الأكيد ان هذا العالم، الذي يتحدث عنه الرجلان المسؤولان عن مئات آلاف القتلى استنادا الى أدلة كاذبة وملفقة، غير موجود إلاّ في مخيلتهما. أما العالم الواقعي فهو الجحيم بعينه.