Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر March 8, 2018
A A A
عودة لبنان إلى الخريطة…
الكاتب: الياس الديري - النهار

عودة الخريطة اللبنانيّة إلى مطرحها في الخريطة الدوليَّة تُشكِّل علامة تمييز واهتمام، لطالما افتقر إليهما لبنان خلال مسلسل الأزمات، والفراغات، والعزلة التي سوَّرت وطن النجوم بإهمال كاد يكون كاملاً: عربيّاً ودوليّاً، ومن بيت أبيه.

لن نقرن كلام التفاؤل وبشائره شبه الشاملة بأيّ حذر، أو تردّد، أو تشاؤم. فالاهتمام في هذا الوقت بالذات، وبهذه الكثافة عربيّاً ودوليّاً، إنّما يدلُّ بصراحة وقوّة على مغادرة لبنان قفص الوحدة والفراغ واللامبالاة إلى موقعه، وإلى مكانته.

وانطلاقاً من مصدرين أساسيّين في وقت واحد، أو في آن معاً: من الاندفاعة الأوروبيَّة بقيادة الأم الحنون لإحاطة وطن الثماني عشرة طائفة بعناية فائقة وبمؤتمرات اقتصاديّة وانمائيّة حجبت عنه فترة طويلة، كذلك الأمر بالنسبة إلى المملكة العربيَّة السعوديّة ودولة الامارات ومصر أيضاً.

والخير لقدَّام كما تقول التطوّرات والتفاصيل. فالهجمة الدوليّة مُعزّزة بخطط مدروسة وجاهزة، هُيِّئت خصيصاً للحالة الكارثيَّة التي وصل إليها الوضع اللبناني في مختلف الحقول. وخصوصاً على صعيد الديون والركود الذي احتلَّ الأسواق والمعامل والمشاريع بمختلف أنواعها.

الرئيس سعد الحريري أبدى تفاؤله بثقة وطمأنينة، مُعلناً اطمئنانه إلى المبادرات الدوليَّة المُشجّعة، بالإضافة الى استعدادات القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع البنى التحتيّة.

وفي الوقت نفسه ثمّة عامل محلّي مساعد، ومُشجّع، يتِّكئ على التوافق السياسي لإنجاح المبادرات الدوليّة، وتنفيذ الخطط الإصلاحيّة والإنمائيّة وكل ما من شأنه إعادة دورة الحياة إلى بلد كان يصل نهاره بليله. لا يعرف الراحة، ولا يسمع بشيء يُدعى النوم.

وإذا كان القرار السعودي قد اتُّخذ لمساعدة لبنان في مخطّطه الإنقاذي من غير أن يُعلن أي شيء في هذا الصدد لاعتبارات باتت معلومة، فإن الأم الحنون فرنسا أبدت حرصها على نجاح مؤتمر “سيدر” دعماً للبنان، وتوفيراً للبوابة العريضة للشركات الفرنسيَّة في مختلف الحقول.

الموفد الفرنسي المنتدب لشؤون المتوسّط السفير بيار دوكان وصل إلى بيروت قبل أيّام. وليدلُّ وجوده الاستثنائي على الاهتمام الفرنسي بلبنان، ولتكون باريس إلى جانب المسؤولين اللبنانيّين ومساعدتهم في تنفيذ قرار النهوض من كبوة طال أمدها، ومن أزمة أوصلت لبنان، الذي كان مثالاً وعنواناً بارزاً في العالم، إلى حدود الهاوية.

الهبَّة الفرنسيَّة الأوروبيَّة تجاه لبنان في هذا الوقت بالذات، وهو على حدود الانزلاق الخطير، تؤكِّد أن الوقفة الأوروبيّة الدوليَّة جديَّة وتتهيّأ لترجمة النيّات في أفعال ومساعدات.

ومع التأكيد أن المؤتمرات الثلاثة ليست تتمة للمؤتمرات السابقة التي هدفت إلى دعم لبنان مالياً. انها مرحلة مليئة بالمفاجآت وستكون حصّة لبنان وحده.

هنا، عند هذه التفاصيل، يأمل اللبنانيّون ألّا تحضر عناصر التعكير ووضع العصي في الدواليب… على غرار ما كان يحصل دائماً.