Beirut weather 10.41 ° C
تاريخ النشر January 12, 2017
A A A
الملح… السم الأبيض القادر على قتلك بصمت
الكاتب: الحياة

من شدة لذته استخدموه في الأمثال العربية ليصفوا قدرته على إضفاء النكهة إلى حياتنا، فقالوا «الغيرة ملح المحبة»، ولم يكن التشبيه المستخدم خائباً، إذ إن جميعنا ندرك أن الطعام بلا ملح لا نكهة له، بل وأن القدرة على التحكم بمستوى ملوحة الطعام يعد شرطاً مهماً في السيرة المهنية لأمهر الطهاة. إلا أن استخدامه بكميات كبيرة ليس بالأمر المحبذ، إذ إنه من الممكن أن يتحول إلى سم قادر على إنهاء حياتنا بسرعة أكبر مما نتوقع.

ونشر موقع «الإجراءات الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية» دراسة أسترالية أشارت إلى أن الدماغ يستجيب للصوديوم (الملح) على غرار استجابته لمواد، مثل الهيروين والكوكايين والنيكوتين، وهو ما يفسر السبب الذي يجعل الكثير منا يميل إلى الإكثار من تناول الأطعمة العالية الملوحة.

ويلعب الصوديوم دوراً رئيساً في تحقيق التوازن بين مستويات السوائل في أجسامنا من خلال الإشارة إلى الكلى عند احتفاظها وتخلصها من الماء. ويشير موقع «ورلد أكشن إن سولت أند هيلث» إلى أن اتباع نظام غذائي عالي الصوديوم يمكن أن يتداخل مع هذه العملية الحساسة ليحد من وظائف الكلى، الأمر الذي يقلل من تخلص الجسم من المياه، ما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى قدرة الملح على رفع خطر الإصابة بحصوات الكلى.

و«ذكرت جمعية القلب الأميركية» أنه بسبب تأثير احتباس السوائل والملح في الجسم، فإن ارتفاع ملوحة الأطعمة التي يتناولها الفرد قد تؤدي إلى إصابته بارتفاع ضغط الدم الذي قد يؤدي إلى الكثير من المشاكل الصحية مثل الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب.

وعلى رغم ارتفاع إمكان الإصابة بارتفاع ضغط الدم مع التقدم في السن، فإن الجمعية تشير إلى أن الحد من تناول الملح يمكن أن يساعد في التقليل من إصابة كبار السن بارتفاع ضغط الدم.

وذكر موقع «دايلي مايل» أن تقريراً طبياً حديثاً أظهر أن خفض معدل تناول الملح اليومي بمقدار 200 مليغراماً، من الممكن أن يمنع آلاف الوفيات سنوياً.

وأشار التقرير إلى أن غالبية الأميركيين يستخدمون ضعف الكمية الآمنة يومياً لتناول الملح، والتي تصل إلى 200 مليغراماً فقط، إذ إن فريقاً من الباحثين في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا أجروا دراسة على آثار خفض كمية الملح اليومية بنسبة 10 في المئة على مدى 10 سنوات في 183 بلداً.

وللتوصل إلى النتائج، احتسبوا عدد الأعوام الضائعة من عمر الأفراد بسبب اعتلال الصحة، وتبين أن خفض كمية الملح اليومية على مستوى عالمي يمكن أن ينقذ حوالى 5.8 مليون عاماً من العمر الضائع، لقدرته على الحد في شكل كبير من عدد الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب.

وأظهرت دراسة نقلها موقع «ليف سترونغ» عن «المجلة الدولية لعلم الأوبئة» أن الوفاة من سرطان المعدة لدى كل من الرجال والنساء ترتبط ارتباطاً وثيقاً باستهلاك الملح. ويرتبط تناول كميات كبيرة من الملح أيضاً بالمعاناة من قرحة المعدة، لكن لا يوجد أسباب واضحة لذلك، إلا أن هناك نظرية تقول إن الملح قد يكون له تأثير سلبي على البطانة المخاطية للمعدة.

وأشار موقع «ميديكال نيوز توداي» إلى أن النظام الغذائي عالي الملوحة من الممكن أن يتسبب بما يعرف بداء الاستسقاء الذي تتورم فيه اليدين والذراعين والساقين والقدمين جراء احتباس السوائل.

وذكرت «جمعية القلب الأميركية» أن حوالى 75 في المئة من الصوديوم (الملح)، الذي نستهلكه في طعامنا لا يأتي من ملح مائدة الطعام الموجود في منازلنا، بل من الأطعمة المصنعة والأكل الموجود في المطاعم.

ويعتقد بعض الناس بأن ملح البحر قد يكون أقل خطراً على الصحة من ملح مائدة الطعام، إلا أن موقع «مايو كلينك» أوضح أنه يحتوي على كمية الصوديوم ذاتها الموجودة في ملح الطعام، ناصحين بضرورة استخدام النوعين بطريقة معتدلة لتجنب آثار الصوديوم السلبية على الصحة.

ولتفادي أخطار الملح، يوجد في الأسواق ما يعرف ببدائل الملح، إلا أن موقع مؤسسات «كليفلاند كلينك» الطبية أشار إلى أن هذه البدائل لها آثار سلبية على الصحة أيضاً لأنها غنية بكلوريد البوتاسيوم، إذ إن من يعانون من مشاكل في الكلى تكون أجسامهم غير قادرة على التخلص من البوتاسيوم الزائد، واستهلاك كميات كبيرة من كلوريد البوتاسيوم قد يعرضهم للموت.

وأشار موقع «ليف سترونغ» إلى أنه يمكن تخطي هذه المشكلة بالبحث عن بدائل الملح التي تكون خالية من كلوريد البوتاسيوم.