Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر November 14, 2024
A A A
المطاعم والنزوح… تناقضات بين انتعاش وانحسار
الكاتب: جوان العك - لبنان الكبير

واجه قطاع المطاعم أزمات متتالية، من أزمة لبنان الاقتصادية عام 2019 وجائحة كورونا التي اجتاحت البلاد وحجبت عن المطاعم زبائنها بفعل الحجر المنزلي، وصولاً الى الحرب اليوم، التي أرهقت كل القطاعات ومن بينها السياحة والمطاعم، والتوقعات بافتتاح نحو 50 مطعماً إضافياً، أحبطتها الحرب، تاركة تفاوتاً في واقع هذا القطاع بين منطقة وأخرى.

وبحسب الأرقام الصادرة عن نقابة المطاعم، انخفض معدل حركة القطاع بنسبة 90 بالمئة، وبنسبة 100 بالمئة في المناطق المستهدفة، أما المناطق الأخرى فبلغت نسبة الانخفاض فيها حوالي 70 بالمئة. كما أقفلت مئات المطاعم بصورة كلية أو موقتة خصوصاً في وسط بيروت، والخوف من استمرار المخاطر التي من شأنها جرّ المزيد من المطاعم نحو الاقفال، ووضع الاستثمارات الجديدة على المحك. والضربة القاضية على القطاع ستكون بهجرة العاملين في المطاعم الى دول الخارج.

نائب رئيس نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي خالد نزهة، قال في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “بدأنا في العامين 2022 و2023، نشهد حركة استثمار في المؤسسات ونوعاً من الاستقرار، بعد أزمة انفجار المرفأ، والثورة وكورونا، واحتجاز أموال المودعين في المصارف، وأصبحت هنالك مؤسسات جديدة عام 2023، وافتتح ما يقارب الـ 300 مطعم. وخلال العامين 2022 و2023، استطعنا اعادة 20 ألف لبناني من الدول العربية وإفريقيا، كانوا قد غادروا نتيجة الأزمات المتتالية. عام 2024 افتتح نحو 100 مطعم، ثم بدأت الأزمة الأمنية، وبدأت شركات الطيران الأجنبية تلغي رحلاتها الى لبنان، والسفارات تدعو رعاياها الى مغادرة البلد، مع بدء الاعتداءات عليه، كل هذه العوامل أثرت سلباً على قطاع المطاعم”.

المطاعم في المناطق المستضيفة للنازحين
انتعشت مناطق المتن وكسروان وجبيل والبترون وبعض مناطق العاصمة، مستعيدة نشاطها التجاري، كما ازدادت الحركة في مطاعم هذه المناطق، بعد حالة الركود التي رافقتها لسنوات، ويعود ذلك الى حركة النزوح الكبيرة من مناطق الجنوب والبقاع وبعلبك والضاحية الجنوبية، نحو المناطق الأكثر أماناً نسبياً، واعتماد النازحين على الوجبات السريعة، نظراً الى عدم قدرتهم على تحضير الوجبات المنزلية، ووجودهم في مراكز إيواء تفتقر غالبيتها الى مستلزمات الطهو. كما شهدنا حملات عدة من المجتمع المدني وبعض المبادرات الفردية المحلية، لتأمين احتياجات النازحين ومأكلهم يومياً، ما زاد من الضغط على مطاعم المناطق المستضيفة لهم. حال القطاع في هذه المناطق يطرح التساؤلات حول قدرة المطاعم على تلبية الخدمات المتزايدة، ومدى استقرار أسعارها مع استمرار الحرب.

ولفت نزهة الى أن “بعض المؤسسات ما زال مستمراً، ويدفع معاشات الموظفين، إما كاملة أو بصورة جزئية، ولا أعلم مدى قدرتها على الاستمرار، فأصحاب المؤسسات، كغيرهم من المواطنين، تبخرت أموالهم في البنوك بعد الأزمة وانهيار العملة. مناطق جبل لبنان وساحل المتن والبترون والشمال تشهد حركة نتيجة النزوح اليها كونها آمنة وبعيدة عن الاعتداءات والتأثر بالقصف اليومي الذي يحصل”.

وفي هذا الاطار، أوضح الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين أن “لا نقص في أي من السلع أو الخدمات أو الطعام في المطاعم، وجميعها متوافرة حتى الآن في الأسواق اللبنانية، وإذا لم يحصل حصار جوي وبحري، أي مع استمرارية عمل المطار والمرافئ، حكماً ستبقى هذه السلع والخدمات متوافرة”، مشيراً الى أن “المطاعم الموجودة في المناطق الآمنة لم ترفع أسعارها، ومن غير المتوقع أن ترتفع الأسعار، لأن هدف القائمين على غالبية هذه المطاعم هو الاستمرارية الى حين انتهاء الحرب”.

مطاعم العاصمة
يختلف حال معظم مطاعم العاصمة عما هو عليه من نشاط في المناطق الأخرى، ففي وسط بيروت وفي بقعة المطاعم في الجميزة ومار مخايل والأشرفية، كذلك مطاعم الروشة والصيفي وستاركو، خالية من زبائنها، والحركة فيها خجولة، تقتصر على الارتياد الصباحي الخفيف، وتخلو في فترات النهار حتى الليل من روّادها. الا أن أصحاب هذه المطاعم، يرفضون الإقفال، رغبة في الحفاظ على موظفيهم وعدم التخلي عنهم.

وأشار نزهة الى أن “بعض المناطق أقفل جميع مطاعمه، بيروت الكبرى تراجع العمل فيها 90 بالمئة، والمؤسف أن مطاعم الوسط التجاري تعمل نهاراً فقط وبحركة خجولة جداً، هنالك شلل كبير ولا سيما في المناطق المستهدفة التي أغلقت فيها المطاعم بصورة كاملة، والصمود صعب في هذا القطاع، وتحديداً في هذه المناطق”.

أما شمس الدين فأكد أن “قطاع المطاعم والفنادق هو الأكثر تأثراً بالحرب الحالية، في الفنادق هناك العديد ممن نزحوا واستأجروا غرفاً، لكن ارتياد المطاعم تراجع بصورة كبيرة جداً لأنه لم يعد أولوية، والناس تخصص أموالها للأساسيات، وتحديداً إذا كانت الحرب طويلة. حركة المطاعم تراجعت كمتوسط بنسبة 70 بالمئة، حوالي 500 مطعم أقفل، ومطاعم أخرى يمكن أن تقفل حتى آخر السنة في حال استمر الوضع الحالي. ومن الطبيعي أن يؤدي إقفال المطاعم الى بطالة، فلا مطاعم جديدة تفتتح، والعمال في المطاعم التي أقفلت خسروا وظائفهم، وبعض المطاعم الذي لا يزال مستمراً، يقوم بتقليص عدد عماله، وبالتالي فإن نسبة البطالة تتجه نحو الارتفاع”.

وأسف نزهة للحالة التي وصل اليها قطاع المطاعم اليوم، “والذي كان يشغل 160 ألف لبناني دائمين قبل العام 2019، و45 ألف لبناني موسميين كما في جبيل والكورة ومناطق المهرجانات وغيرها، معظمهم طلاب جامعات”، مؤكداً أن “لبنان يصدر العديد من العلامات التجارية المطبخية الى العالمية، وهذا ما يجعل بعض المؤسسات، الذي يملك فروعاً في لبنان، يستمر بالعمل وعملنا على موضوع الاغاثة، لأن الموظفين لدينا أعدادهم كبيرة ونسعى الى إبقائهم بالقرب من أهلهم والتمكن من الوصول الى العمل”.

وأمل “ألا تطول الحرب، لأنها ستؤدي الى اقفال عدة مؤسسات إضافية”، لكنه شدد على أن “اللبناني متجذر بأرضه، على الرغم من كل الخسائر والنكبات، واللبنانيون يأتون من دول العالم وإفريقيا وينعشون البلد، ونعوّل على عودة المغتربين من كل دول العالم، فلبنان يمتلك الكثير من المقومات كالسياحة الصيفية والشتوية، كما أن المطبخ اللبناني مميز عن غيره”.