Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر March 5, 2024
A A A
الحكومة أعدّت خطة الطوارئ من دون تمويل كافٍ
الكاتب: عباس صباغ - النهار

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة شرعت الحكومة في وضع خطة طوارئ لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل على لبنان. فهل البلاد فعلاً قادرة على مواجهة تداعيات الحرب في حال نشوبها ولا سيما في ظل اختلاف الظروف التي رافقت عدوان تموز عام 2006.
بعد نحو150 يوماً على على العدوان الإسرائيلي على غزة واتساع دائرة الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية ومع ازدياد التهديدات الإسرائيلية بشن حرب على لبنان، يبقى السؤال البديهي عن جاهزية لبنان لمواجهة تداعيات الحرب.

فالخطة الحكومية التي درستها اللجان النيابية المشتركة في 31 تشرين الأول الفائت تحتاج للتمويل، وكذلك لتوفر الإمكانيات لمواجهة موجات النزوح من أكثر من منطقة لبنانية فضلاً عن جاهزية القطاع الطبي.

“بروفة الحرب بعد 5 أشهر لا تبشّر بالخير”
منذ تشرين الأول الفائت بدأت موجات النزوح وإن بشكل محدود من القرى والبلدات الحدودية في اتجاه مدينتي صور والنبطية ومناطق أخرى بعيدة عن خطوط المواجهة، وتدريجاً ارتفعت أعداد النازحين إلى نحو 80 ألفاً في موازاة دخول مناطق كثيرة ضمن دائرة الاستهداف المعادي ما فاقم الأزمة في ظل محدودية الإمكانيات لدى الجهات الرسمية.

فحاجات النازحين كثيرة مقارنة بما يقدّم لهم سواء من الجهات الرسمية أو الحزبية، عدا أن البلاد لم تدخل في حالة الحرب الحقيقية.

فالخطة الحكومية قسمت العمل في 8 قطاعات وكل قطاع تشرف عليه وزارة بالتعاون مع المنظمات الدولية.

لكن عملياً كان المثال الأوضح يكمن في قرارات وزارة التربية الوطنية بشأن الطلاب والأساتذة حيث التحق الأساتذة بمدارس خارج منطقة المواجهات وكذلك التحق عدد كبير من التلامذة بمدارس رسمية لإكمال العام الدراسي، علماً بأن هذا المثال لا يصلح خلال الحرب. فالمدارس ستتحوّل تلقائياً إلى مراكز إيواء النازحين وستتعطل حكماً الدراسة فيها.

بيد أن اعتماد الحكومة في خطتها سيكون على المنظمات الأممية منها منظمة الصحة العالمية، ومفوضية اللاجئين، واليونيسيف وغيرها.

فتلك المنظمات سيكون على عاتقها تقديم الخدمات الأساسية للنازحين من سكن، وغذاء، ومياه، وطبابة.

هذا يعني أن الحكومة تستعين بتلك المنظمات لتوفير الشروط الملائمة للإيواء والنزوح في ظل عدم توفر التمويل للخطة التي أعدتها في تشرين الأول الفائت وناقشتها اللجان النيابية المشتركة.

لكن السؤال: هل ستستطيع تلك المنظمات سد الفراغ الحكومي في ظل ظروف صعبة يعاني منها لبنان في فترة السلام فكيف ستكون عليه الأمور في حال الحرب؟ وكيف سيتم تأمين المستلزمات الأساسية للنازحين وللبنانيين في حال إقفال المطار وتعطل عمل المرفأ وماذا عن مخزون القمح والأدوية والمواد الغذائية والقطاع الاستشفائي؟

كل تلك الأسئلة لا إجابات عنها أو على الأقل لا إحاطة كاملة بها في ظل انتفاء التمويل اللازم.
في هذه الفترة تتابع وزارة الداخلية العمل يومياً مع محافظي الجنوب والنبطية لمساعدة النازحين من القرى الحدودية، وتواصل وحدة إدارة الكوارث عملها ضمن الإمكانيات المتوفرة لمساعدة عشرات آلاف النازحين في الجنوب.

لكن الإمكانيات لا تسمح بالإحاطة بكل المتطلبات وخصوصاً أن فترة النزوح طالت وتخطت تلك التي عرفها لبنان قبل 18 عاماً، فضلاً عن أن حاجات النازحين كثيرة وخصوصاً خلال فصل الشتاء والاهتمام بالشأن التعليمي والطبّي والرعائي.

تلك الثغرات تعمل بعض الأحزاب على معالجتها من خلال تقديمات عينية ونقدية للنازحين وإن كان الحمل يثقل يومياً الى درجة قد لا تستطيع الأحزاب ومعها المنظمات والجمعيات الخيرية تداركه. كل ذلك دفع بعدد من النازحين للعودة الى قراهم على الرغم من المخاطرة مع استمرار التصعيد الإسرائيلي واتساع دائرة الاعتداءات.

وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ورئيس خطة الطوارئ الحكومية ناصر ياسين، يلفت الى أن البلاد اليوم في حالة حرب وأن اللجنة الوزارية المكلفة تنفيذ خطة الطوارئ ستتعامل مع الوقائع إذا توسعت الحرب وسيكون هناك نحو مليون نازح يجب الاهتمام بأوضاعهم على غرار ما حدث خلال عدوان تموز عام 2006.

ويوضح لـ”النهار” أن “الخطة التي ننفذها اليوم توزعت بين القطاعات والمنظمات الأممية ونتعامل مع الواقع الحالي في ظل وجود نحو 90 ألف نازح من الجنوب”، أما عن مواجهة تداعيات الحرب في حال توسّعها فيشير الى أن “مسحاً أجرته اللجنة وما يشبه المحاكاة لما ستؤول إليه الأمور ولا سيما لجهة ارتفاع أعداد النازحين، والخطة ستُنفذ إذا وصلنا الى الاحتمال الأسوأ، والأهم من ذلك كله أن لدينا خطة لكيفية الحصول على الأموال لمواجهة الاعباء”.
أما عن مجموع ما صُرف حتى تاريخه فإنه وصل الى 25 مليون دولار من المنظمات الأممية وكذلك 5 ملايين دولار من الوزارات.

ويلفت ياسين الى أنه لا اعتمادات مجمدة أو موضوعة جانباً لمواجهة تداعيات الحرب ولكن هناك وزارات أُقرّت لها اعتمادات مثل وزارة الصحة، ويضيف: “ليس هناك دولة يمكن أن تتحمّل نتائج آلة التدمير الإسرائيلية ومثال ما يجري في غزة هو خير دليل وبالتالي نستطيع راهناً العودة الى نتائج المحاكاة التي أجريناها لمعرفة كيفية التصرّف ولتأمين الأمور اللوجستية”.