Beirut weather 13.41 ° C
تاريخ النشر January 12, 2024
A A A
عهد جديد من العدالة الدولية؟
الكاتب: صلاح سلام - اللواء

لا بد من تقديم كل الشكر والتقدير لدولة جنوب إفريقيا، على مبادرتها التاريخية، بتقديم الشكوى القانونية أمام محكمة العدل الدولية، ضد حرب الإبادة التي تنفذها الدولة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وما تمارسه من جرائم يومية بحق المدنيين، خاصة ضد الأطفال والنساء، حيث تجاوز عدد الضحايا التسعين ألفاً بين قتيل وجريح.
هي المرة الأولى التي تقف فيها دولة العدوان أمام القضاء الدولي منذ ٧٥ عاماً، رغم كل ما إرتكبته من مجازر، وممارسات إجرامية ضد المدنيين، في حروبها المتكررة مع العرب والفلسطينيين، وإسلوبها اللانساني في ممارسة أبشع أساليب العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين، وإجبارهم على النزوح من أرضهم وترك منازلهم، إلى مخيمات الذل والفقر في الدول المجاورة.

بغض النظر عن القرار الذي ستتخذه محكمة العدل الدولية في نهاية جلساتها، فإن وقوف الدولة الصهيونية في قفص الإتهام الدولي، هو بحد ذاته إنتصاراً كبيراً للشعب الفلسطيني، ونضاله المرير ضد أعتى عدوان إستيطاني في العصر الحديث.
ولا شك أن قرار الإدانة في حال صدوره، رغم الضغوطات الأميركية، سيحقق إنجازاً تاريخياً للعدالة الدولية، طال إنتظاره من الشعوب المغلوبة على أمرها، والمضطهدة من قبل «إمبراطوريات» هذا الزمان، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية.
أهمية الدعوى التي قدمتها حكومة جنوب إفريقيا إلى محكمة لاهاي الدولية، أنها تستند إلى توثيق دقيق لجرائم الحرب الإسرائيلية على غزة، تصور معاناة المدنيين، وخاصة الأطفال والاعتداءات السافرة ضد المستشفيات، والتدمير الممنهج لأحياء بكاملها في القطاع، والتسبب بمقتل عائلات بكامل أفرادها، وتخريب البنية التحتية، من محطات كهرباء ومياه وطرقات وشبكة الصرف الصحي، بهدف تحويل مدن القطاع إلى مناطق غير صالحة للسكن الإنساني أو الإقامة فيها.
فضلاً عن تقديم نماذج من تصريحات نتانياهو ووزرائه المتطرفين، الذي أعلنوا فيها عن عزمهم على سحق قطاع غزة وتهجير سكانه إلى سيناء، ومطالبة أحد الوزراء بإلقاء قنبلة نووية على القطاع، وإعتبار سكانه مجرد «حيوانات بشرية»، الأمر الذي يشكل إدانة صريحة وأكيدة لجريمة حرب الإبادة الجماعية، بموجب نص المادة الثانية من الإتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول ١٩٤٨، وأصبحت نافذة في ١٢ كانون الثاني ١٩٥١.
جاء في نص المادة الثانية حرفياً: إن الإبادة الجماعية تعني الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية، وذلك من خلال قتل أعضاء من تلك الجماعة، وإلحاق الأذى الجسدي زو الروحي الخطير بزعضاء من الجماعة، أو إخضاع هذه الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئياً، أو فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، أو القيام بنقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى. ويعاقب على تلك الأفعال كل من يقوم بها أو يتآمر على إرتكابها أو من يشترك أو يحرض مباشرة على القيام بها، سواء كانوا حكاماً دستوريين أو موظفين عامين، أو من الأفراد، بعد محاكمتهم أمام المحاكم الجنائية الدولية وفقاً للقوانين الدولية والإنسانية.
فهل يكون العالم على موعد مع عهد جديد من العدالة الدولية؟