Beirut weather 13.41 ° C
تاريخ النشر October 22, 2023
A A A
مانشيت “النهار”: تصعيد واسع وغياب لافت للبنان عن قمة القاهرة
الكاتب: النهار

بدا لافتاً تغييب لبنان الرسمي عن “قمة القاهرة للسلام” أمس رغم كون مصر إحدى الدول العربية الأساسية المعنية دائماً بأوضاع لبنان والتي تظهر اهتماماً متواصلاً بمعالجة أزماته. ترك هذا الغياب أو التغييب، أصداء وتساؤلات لم تجد أجوبة وإيضاحات نظراً إلى عدم صدور بيانات توضح أسبابه ولو أنّ القمة لم تتوصل الى بيان ختامي بسبب التباينات بين المجموعتين العربية والغربية.

ولكن الانشداد إلى رصد الوضع في لبنان ترجمته واشنطن عبر البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية عن الاتصال الذي أجراه وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بالرئيس نجيب ميقاتي أمس. وقال المتحدث الرسمي في الخارجية الأميركية ماثيو ميللر: “تحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أمس لتأكيد دعم الولايات المتحدة للشعب اللبناني وأشار إلى القلق المتزايد بشأن التوترات المتزايدة على طول الحدود الجنوبية للبنان. وأكد الوزير مجدّداً على أهمية احترام مصالح الشعب اللبناني، الذي سيتأثّر بانجرار لبنان إلى الصراع الذي أثاره هجوم “حماس” على إسرائيل. وأعرب بلينكن عن تعازيه لعائلات المدنيين اللبنانيين الذين فقدوا أرواحهم بشكل مأساوي نتيجة للنزاع، وشدد على استمرار دعم الولايات المتحدة للقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي، الضامنين الشرعيين الوحيدين لاستقرار لبنان وسلامة أراضيه”.

في غضون ذلك، لم يتبدّل شيء كثير في الواقع الميداني الذي يشهده الجنوب يوميّاً وتسخن معه خطوط تبادل القصف الصاروخي والمدفعي عبر الخط الأزرق. ويبدو أنّ الأيام المقبلة ستشهد تركيزاً متصاعداً على زيادة الاستعدادات الطارئة على مستوى الوزارات والإدارات كافة وفق الخطط التي وافق عليها مجلس الوزراء الأسبوع الفائت بما يؤشر إلى ارتفاع منسوب الجدية في الاستعدادات الى ذروته في ظل المخاوف المتصاعدة المتأتية عن التصعيد الميداني الجاري عند الحدود الجنوبية مع إسرائيل. وثمة انعكاس أيضاً في هذا السياق لما يحمله الموفدون الغربيون الى لبنان كما للاتصالات الكثيفة الجارية عربيّاً ودوليّاً مع لبنان والتي تجمع على التحذير من تورّط “حزب الله” في حرب واسعة مع إسرائيل بما شكّلته واقعيّاً هذه التحذيرات، مع دعوات الدول لرعاياها لعدم التوجه إلى لبنان، من مؤشر واضح حيال عدم استبعاد نشوب حرب تطاول لبنان بنيرانها. وإذا كانت أوساط محلية عدة تراهن على تراجع حدة الحرب الإسرائيلية الفلسطينية في غزّة بما يؤثر إيجاباً على تراجع اخطار المواجهة بين إسرائيل و”حزب الله”، فإنّ هذه الرهانات تهتزّ ولا تُشكّل ضمانات كافية في ظل معالم تصعيد الهجمات في غزة.

وأمس، استعادت محاور الحدود الجنوبية احتدامها في ظلّ قصف الجيش الإسرائيلي الكثير من المناطق الحدودية بدءاً بأطراف بلدتَي الضهيرة وعلما الشعب في القطاع الغربي بالمدافع وبشكل مركّز. كما استهدف القصف الاسرائيلي محيط بلدة علما الشعب في القطاع الغربي وأطراف الضهيرة، وقد طال القصف المنازل والطريق العام. وأشارت المعلومات إلى أنّ “حزب الله” أطلق صواريخ عدة باتجاه جبل دوف والجيش الإسرائيلي رد على مصدر النيران. وأعلن “حزب الله” عن سقوط ستة من عناصره في القصف الإسرائيلي الذي طال قوى الجنوب بالأمس.

وقصف “حزب الله” رويسات العلم وتلة السماقة، واستهدف موقعا عسكريا إسرائيليا مقابل بلدة بليدا الحدودية. وأفيد عن استهداف سيارة من نوع رابيد من مسيرة في حولا، ما أدّى إلى مقتل سائقها. واستهدف الجيش الاسرائيليّ أحد المنازل بغارة في خراج بلدتي مارون ويارون، في جنوب لبنان. كما استهدف الحزب عمود تجسّس ومراقبة للجيش الاسرائيلي مقابل منطقة الدباكة في ميس الجبل، وموقع العباد العسكري مقابل بلدة حولا. كما تم استهداف ثكنة ومستوطنة حنيتا بصواريخ موجهة. ورد الجيش الاسرائيلي بقصف تلال كفرشوبا وشبعا وأطراف بلدة حلتا وشانوح ورباع التبن. كما طال القصف اطراف بلدة بليدا قضاء مرجعيون.

وسقطت قذيفة ضوئية على تلّ النحاس جنوبي لبنان ما أدى الى اشتعال حريق بين برج الملوك وتل النحاس بالقرب من خط الثمانمئة. واستهدف الحزب جبل التيارات مقابل بلدة يارون بصاروخين موجهين. واستهدف أيضاً مستعمرة المنارة مقابل ميس الجبل بصواريخ موجهة. وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق قذائف هاون في مزارع شبعا والجيش الإسرائيلي قصف من جهته مصدر النيران. وقصف الجيش الإسرائيليّ أطراف بلدة يارون. وتم إطلاق قذيفة من موقع الحماري الاسرائيلي قرب الوزاني باتجاه سهل الخيام. ومساء اشتدت حدة القصف ونفذت طائرات إسرائيلية غارات على اطراف عيتا الشعب ورامية ومنطقة المكب بين يارون وبنت جبيل. وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل احد جنوده واصابة اثنين بجروح في قصف على شمال إسرائيل.

وحضرت مجدّداً “الجماعة الإسلامية” في الوقائع الميدانية، فأعلن جناحها العسكري “قوات الفجر” أنّه وجّه ضربات صاروخية جديدة على مواقع إسرائيلية في الأراضي المحتلة.

وفي غضون ذلك، ازدادت حركة النزوح للسكان في القرى المتاخمة للخط الأزرق في اتجاه المناطق الاكثر أمناً، حيث ذكر انه في مدينة صور يوجد أكثر من ألف وخمسمئة عائلة لبنانية وسورية توزّعوا على عدد من مراكز الإيواء في المدارس الرسمية والخاصة أعدّتها للغاية نفسها وحدة ادارة الكوارث في اتحاد بلديات صور التي اعلنت اكثر من مرة عن ضعف الإمكانيات لتأمين حاجات النازحين. يُذكر أنّ مئات العائلات اللبنانية نزحت الى مناطق لبنانية اخرى في الشوف والجبل والمتن وبيروت.

في المقابل، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال زيارته المنطقة الشمالية أنّ “علينا الاستعداد لكل الاحتمالات”. وأضاف: “حزب الله قرر المشاركة في القتال وسيدفع الثمن باهظاً”. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية أنّه تم إخلاء حتى الآن حوالى 50 ألف مستوطن من 26 مستوطنة حدودية مع لبنان من بينها كريات شمونة وهي المستوطنة الأكبر.

وفي المواقف من الوضع القائم، برز توجيه مجموعة من الشخصيات العربية واللبنانية رسالة الى مؤتمر القاهرة للسلام طالبتهم فيه “اتخاذ موقف موحد رافض للعدوان وداٍعم لاستثمار المكانة المعنوية والمادية والاقتصادية للدول العربية والدول الصديقة في تعزيز الجهود لمواجهة وردع ووقف هذا العدوان الظالم، واتخاذ الترتيبات اللازمة لعقد مؤتمر دولي من اجل تنفيذ المبادرة العربية للسلام واقرار حلّ الدولتين. كما فرض التزام إسرائيل وتطبيقها للقرارات الدولية ذات الصلة و البدء فوراً بإدخال المساعدات الغذائية والدوائية إلى غزة، وإنهاء حصار إسرائيل اللاإنساني و إنشاء صندوق عربي ودولي لإعادة إعمار غزة والمناطق التي تم تدميرها”.

وقد وَقّع على الرسالة اكثر من 50 شخصية عربية ولبنانية وقد شارك في التوقيع من لبنان الرؤساء : ميشال سليمان امين الجميل فؤاد السنيورة والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اما ابرز من وقع عربيا على الرسالة هم اياد علاوي طاهر المصري علي أبو الراغب الاخضرالابراهيمي عمرو موسى ونبيل فهمي ومحمد الصقر وعلي ناصر محمد.

وفي المشهد الداخلي، قال نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، أمس: “اعلموا أن المقاومة لم تعد حزبًا ولا جماعة فالمقاومة هي شعوب بأكملها في منطقتنا”. ولفت، إلى أنّ “نحن كحزب الله معنيون بالمواكبة والمواجهة ضمن رؤيتنا بما يخدم نصر المقاومة ومستقبل هذه الأمة وتحرير فلسطين والقدس وكل الأراضي المحتلة في منطقتنا”. وأعلن “اننا تلقينا الكثير من الاتصالات لمنع التدخل في العدوان على غزة لكننا الآن في قلب المعركة ونحقق إنجازات فيها”. وقال: “هل تعملون أن ثلاث فرق موجودة في جنوب لبنان في مقابل حزب الله وخمس فرق موجودة في مقابل غزة ولو لم يكن حزب الله جزءا في هذه المواجهة لكانت كل هذه الفرق هناك”. وأضاف: “ليكن واضحًا كلما تتالت الأحداث ونشأ ما يستدعي أن يكون تدخلنا أكبر فسنفعل ذلك، وليعلم العدو أننا جاهزون وحاضرون . وأقدم نصيحة لإسرائيل ومن خلفها هزمتم شر هزيمة في طوفان الأقصى فاكتفوا بها حتى لا تُهزمون هزيمة أخرى”. وأكّد أنّ “المفاجآت الموجودة في غزة ستجعل الدخول البري الإسرائيلي مقبرة للإسرائيليين”.