Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر September 25, 2023
A A A
أحفاد “أوميكرون” يُشاغبون ويُقلقون العالم: الخطر في سرعة الإنتشار… واللقاحات السابقة عديمة الجدوى!
الكاتب: يمنى المقداد - الديار

رغم انخفاض أرقام إصاباته ووفياته محلّيا وعالميا، لم يغادر فيروس كورونا كوكبنا بعد، وموجات جديدة ومقلقة تلوح في الأفق العالمي.

في السادس من أيلول 2023 ،وفي مؤتمر صحافي صرّح مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس بما يلي: ” ما زلنا نرى اتجاهات مقلقة لكوفيد-19 قبل موسم الشتاء في نصف الكرة الشمالي… الوفيات تتزايد في بعض أجزاء الشرق الأوسط وآسيا… حالات دخول وحدات العناية المركزة تتزايد في أوروبا…”.

 

 

وبحسب المعلومات المتداولة، فإنّ أوّل المتحوّرات الجديدة الذي سطع نجمه مؤخرا، هو المتحوّر “EG.5” أو “إيريس”، ويشكل نحو 20.6 % من الإصابات في الولايات المتحدة وأوروبا، فيما المتّهم الثاني بنسبة 13.3% من الإصابات في الولايات المتحدة هو المتحوّر “فورناكس” أو “FL.1.5.1″، وسلالة أخرى شديدة التحوّر تسمى ” BA.2.8″، أو “بيرولا”.

ما المقلق في المتحوّرات الجديدة؟

أحفاد “أوميكرون” يشاغبون ويتسبّبون بقلق عالمي، لا سيّما بعد صيف مزدحم سياحيّا لم تتكشف آثار تحوّراته الكورونية بعد، وكذلك على أبواب فصل خريفي وآخر شتويّ، تتكاثر فيهما فيروسات الجهاز التنفسّي إلى حدّ كبير، والسؤال الذي يؤرق المواطنين دوما: لماذا لم ينتهِ كابوس كورونا بعد؟

في هذا الشأن، لفت المتخصّص في الأمراض الجرثوميّة الدكتور سامر صقر لـ”الديار” إلى أنّ أيّ انتشار جرثومي يصيب الجهاز التنفسّي، ولم تصل اللقاحات إلى صفر إصابة به عالميا، فإنّ الفيروس يعتبر موجودا ولم ينته، وهذه حالة الفيروس الذي يسبب الكوفيد-19″.

وتبعا” للمنظمة العالمية لا تختلف عوارض هذه المتحوّرات عن عوارض فيروس كورونا عموما، كالحرارة والسعال وآلام العظام والصداع وسيلان الأنف والإسهال، فما المقلق إذا؟

يجيب صقر أنّه لطالما ينتشر الفيروس من مصاب إلى آخر، فإنّ الإحتمال دائم لمتحوّرات جديدة، وآخر متحوّر وهو “بيرولا ” اكتشف في الدنمارك في 6 أيلول، وأصبح منتشرا في 11 دولة وهو سريع الإنتشار، ومكامن الحذر فيه هو تزايد الحاجة إلى دخول المستشفى، علما أنّه لم يتّم تأكيد أيّ ربط مباشر بأنّه السبب في زيادة الحالات التي تستدعي دخول المستشفى، فيما الفئات الأكثر عرضة وتأثّرا، هي الجميع من ناحية الإصابة، والغير ملقّحين وكبار السن وأصحاب المناعة الضعيفة من ناحية قساوة العوارض”.

بين اللقاحات السابقة والجديدة

ما مدى فعاليّة اللقاحات السابقة ضدّ المتحوّرات الجديدة؟ وهل ثبُت علميا مضاعفات خطيرة لهذه اللقاحات؟ كشف صقر “أنّ لقاحات جديدة ستكون قريبا بمتناول بعض الدول، وتطوّر مناعة ضد آخر المتحوّرات وهو “أوميكرون” بشقّيه “إيريس” و”بيرولا” ، وهما المتحوّران الأخيران”، لافتا إلى “أنّ اللقاحات السابقة كانت تؤمّن مناعة للمتحوّرات مثل “دلتا”، فيما لا تمنح حماية كافية ضدّ “أوميكرون” ، وما تدرّج منه كـ”إيريس” و”بيرولا”، فيما ثبت علميا أنّ لقاح “أسترازينيكا” الموجّه ضدّ كورونا “دلتا” وما قبله، تسبّب بحدوث بعض الجلطات، ولكن حلّ ذلك من خلال تعديل كميّة اللقاح المعطاة، والمدّة الزمنية الفاصلة بين الجرعتين الأولى والثانية، كما أشيع أنّ لقاحات “فايزر ” و”موديرنا” كانت تسبّب نقصا في الذاكرة والتركيز لدى البعض، إنّما لم تؤكّد أو تنفي ذلك أيّ دراسة، وفي حين أنّ كثيرا من الناس اشتكى من هذه العوارض، فإنّه يمكن تفسيرها بالضغط النفسي الذي تعرّضوا له خلال الحجر المنزلي في تجربة غير مسبوقة”.

كورونا حادّة مجدّدا!

هل يمكن أن تخف أعراض ومضاعفات كورونا مع استمرار الفيروس في التحوّر، وبالتالي لن نشهد كورونا حادّة كما في السابق؟ رأى صقر “أنّ أيّ انتشار جرثومي يصيب الجهاز التنفسّي، يمكن أن تكون المتحوّرات أضعف تدريجيا من السلالة الأصيلة، إنّما ليس هناك ما يؤكّد – طالما أنّ هذا الفيروس ينتشر ويتحوّر- أنّه لن يأتي متحوّر جديد يتسبب بنفس عوراض الفيروس الأصيل، أو حتى أقسى منها في بعض الأحيان”.

اضاف: “وفيما يتعلّق بفصلي الخريف والشتاء وحتميّة التواجد ضمن نطاق المنازل وصفوف المدراس والجامعات، فهذا يعني الاكتظاظ ويسهّل انتشار الفيروس”، لافتا إلى “ضرورة الوعي الشخصي والأخلاق عند الشعور بعوارض معينة، بأن لا ننسبها تلقائيا إلى حساسيّة أو “غريب” أو H1N1، ووضع الكمامة فورا وإجراء فحص كورونا سريع ” rapid Covid test”، وأخذ لقاح الـ “غريب والإنفلونزا”، لافتا إلى “وجود عقار أثبت تحسّنا في العوارض القاسية بنسبة تترواح بين 23 و40%”، ومحذّرا الناس “من المعلومات الخاطئة على مواقع التواصل الإجتماعي حول كورونا”، وموصيا “للإطلاع على مستجداتها الدخول إلى الرابط الخاص بمنظمة الصحة العالمية، حيث المعلومات موثقة ومبنيّة على دراسات علميّة”.

المتحوّر الجديد ليس نوعا جديدا

وحول كيفيّة حصول التحوّرات الجديدة، أوضح الباحث في علم المناعة الدكتور حسّان سعيّد لـ “الديار” بأنّ الفيروس “يضاعف عدده باللجوء إلى خلايا مستضيفة( الرئة وسواها)، فيُدخل المادة الوراثية الخاصة به داخلها فتُطبع وتترجم ويحصل تعديل في الطفرة الوراثية ما يخلق أنواعا جديدة نراها حاليا، ومن ضمنها “ألفا” “بيتا” “أوميكرون” و”إيريس”، وهو تعديل على “أوميكرون” وليس نوعا جديدا، وله سرعة انتشار ما يرتّب إصابات أكثر، وبالتالي حدوث طفرة جديدة ومشاكل أكثر، وهذا متوقّع لأنّ الفيروس لم ينته ويطوّر نفسه باستمرار، ويُحدث موجات قويّة أو خفيفة، وقد تسبّب ارتفاع نسبة السفر والسياحة في الصيف بإدخال أشكال متعدّدة من الفيروس، وفي الشتاء يتسبّب الإكتظاظ في الغرف المغلقة والعودة الى المدارس في زيادة انتشاره”.

الخطر في كوفيد طويل الأمد

ولفت إلى أنّ أعراض “إيريس” هي نفس الأعراض السابقة لكورونا، “لكن المشكلة أنّ بعض الأشخاص يعتقدون أنّ لا مشكلة في الإصابة طالما أنّها سهلة لا تتطلب استشفاء وأنّ نسب الوفاة ضئيلة، فيما المشكلة تتمحور بما يترتّب على كورونا، ويسمّى “كوفيد طويل الأمد” ، فهناك بعض الإصابات استمر أثرها لسنتين أو ثلاثة، وهناك دراسات تجرى حول حالات تعاني من فقدان القدرة على التذكّر والتركيز بعد إصابتها بالفيروس، ومن خلال مقارناتها مع أشخاص أصحاء، تبيّن أنّها تعاني مما يسمّى بـ “الدماغ الضبابي”، أي مناطق مدمّرة أو فيها مشاكل في الدماغ، أو أنّ عمر الدماغ الزمني أكبر بعشر سنوات، وهذا أمر خطير جدا لأنّ الأمر يتعلّق بخلايا الجهاز العصبي، حيث قدرة تجديد وتأهيل الخلايا فيه أمر صعب للغاية، إضافة إلى حالات تعاني من مشاكل في القلب والكلى والنوع الثاني من السكري”، محذرا “من الإستخفاف بالإصابة، فعدم دخول المستشفى لا ينفي وجود متلازمات تستمر معنا لفترات طويلة”.

درهم وقاية

للوقاية، نصح سعيّد “بالحفاظ على جهاز مناعة نشط ويقظ، وذلك يتطلب عدة شروط منها: نظام غذائي سليم يحتوي على متمّمات تدعم هذا الجهاز وأداءه وفعاليته، ممارسة أنشطة رياضية خفيفة وليست مجهدة، إتّباع إجراءات كالتباعد، غسل اليدين باستمرار، أخذ اللقاحات خصوصا أصحاب المناعة الضعيفة وكبار السن، والتخفيف من التوتر لأنّه يؤدي إلى تثبيط الأداء المناعي، ويحدّ من تأثير الخلايا المناعية وفعاليتها، وكلّ ذلك يساهم في خلق بيئة مناعية قوية تمكنّنا من السيطرة على الفيروس والتخلّص منه بأسرع وقت”.

خلاصة القول… ميثاق أخلاقي نعقده مع أنفسنا، ننقذ به أصحاب المناعة الضعيفة من خطر موت أو ضرر محتّم، هو الوقاية المعنوية الأمثل بالتزامن مع إجراءات عملية، ومن لا يتذكّر مشاهد أسرّة العناية الفائقة في مستشفياتنا وفقدان الأحبّة؟ علاوة على أنّ الوضع الإقتصادي اليوم متهالك أكثر من ذي قبل، فالجيوب فارغة والقلوب مليئة بما يكفيها ولم تعد تحتمل المزيد!