Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر July 1, 2023
A A A
نفي ربط الحوار الرئاسيّ بإصلاحات دستوريّة
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

كثر في الأيّام الأخيرة توجيه جملة من الأسئلة السياسيّة والإعلاميّة، واستمرّت مع عطلة عيد الأضحى في اتّجاه “حزب الله” عن ربط دعواته المتتالية للحوار في ملفّ رئاسة الجمهورية بالتوجّه إلى المطالبة بطرح عقد مؤتمر تأسيسيّ أو إحداث إصلاحات سياسيّة بهدف تثبيت مكتسبات سياسية و”حصدها” في إدارات الدولة لمصلحة ثنائيّ الحزب وحركة “أمل”.

لم يصدر أيّ موقف من المسؤولين في الحزب أو نوّابه الذين لم يوفّروا مناسبة في الآونة الأخيرة إلّا ويركّزون فيها على أهميّة الحوار وسلوك قطار التوافق لانتخاب رئيس الجمهورية. صحيح أنّ الحزب لم يعلن “فرنجيه ونقطة على السطر”، لكنّه يرفض دعوات الكتل التي تؤيد ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور أو غيره من الأسماء سحب فرنجيه من السباق. وينتظر “التيّار الوطني الحر” إلى حزبي “القوات اللبنانية” والكتائب من الثنائيّ القول أنّه أصبح في حلّ من ترشيح فرنجيه أو إقدام الرجل على القول أنّه لم يعد مرشّحاً، وهو ليس في هذا الوارد، حيث لا تزال حلقته الضيّقة في “تيّار المردة” تعتبر أنّ في إمكانه الوصول الى سدّة الرئاسة بفعل تسوية يعدّها الفرنسيون الذين لم يتخلوا عن مبادرتهم اللبنانية.

وإذا كانت قيادة الحزب وكتلته النيابية تدعوان الى الحوار، فلا أحد يتوقّع انّهما سيتخليان عن فرنجيه.
ولذلك ينفي الحزب انّه يحضّر لطرح إجراء تبديلات أو تغييرات في الدستور. وتقول مصادره بأنّ رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد قد أبلغ الموفد الفرنسي جان- إيف لودريان بأنّ حزبه لم يضع أيّ شروط مسبقة لجمع الافرقاء على طاولة الحوار، على أن تكون النقطة الوحيدة هي البحث في رئاسة الجمهورية، والحدّ من فترة الشغور في الرئاسة الأولى وعدم فتح أيّ موضوع آخر خشية الوقوع في خلافات أو تكبير حجر الأزمات. و”ألّا تتجاوز جلسات الحوار في حال التئامها العمل على تسريع انتخابات الرئاسة”.

ويقول مسؤول في الحزب أنّه من حقّ جميع الأطراف طرح ما يريدون من الدعوة الى المطالبة بإصلاحات سياسية وتعديل قانون الانتخاب الساري أو إجراء تعديلات دستورية وصولاً الى إرساء “الاستراتيجية الدفاعية” لردع الاعتداءات الإسرائيلية. ولا يمانع الحزب من وضع كلّ هذه الملفّات على طاولة الحوار وبحثها من دون أيّ شروط تحت مظلّة رئيس الجمهورية المنتخب.

ويضع المؤيّدون لدعوات الحوار ولاسيّما من الجهات الداعمة لفرنجيه الحديث عن المطالبة بسعي الثنائيّ الى المطالبة بسلسلة من الإصلاحات في باب التشويش والإيحاء بأنّ الشيعة يعملون على القفز فوق اتفاق الطائف ومندرجاته. ويرى هذا الفريق بأنّ كلّ ما يتعرّض له من حملات إعلامية تستند الى التأويلات والمحاسبة على النيات من طرف الفريق الذي يعمل على التهرّب من الحوار وعدم مواجهة الحقيقة وتلاقي الكتل النيابية للخروج من نفق تعطيل انتخابات الرئاسة الأولى.

وثمّة من يقول أنّ كلّ المواقف التي تتّهم “حزب الله” بالتوجّه إلى الحوار بأنّه يحضّر لسلة من الشروط بغية ضمان حصوله في هذا التوقيت على مكتسبات، وانتزاعها لمصلحة الشيعة، ونزعها من طوائف أخرى لا أساس لها وتشبه أسطوانة الحديث عن تطبيق المثالثة التي لم يدعُ إليها أيّ مسؤول شيعيّ، لا على مستوى رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ولا على لسان أيّ من قادة “الحزب”.

في غضون ذلك لا تقصر الجهات المؤيدة للحوار على تحقيق هذا الأمر على اعتبار خلاصات جلسات الانتخاب الـ 12، وخصوصاً أنّ الأخيرة لم تؤدّ إلى انتخاب رئيس لعدم قدرة أيّ فريق على تأمين الـ 65 صوتاً. ويعوّل الفريق الداعم للحوار على الزيارة الثانية والمقبلة للموفد الفرنسيّ في منتصف تموز الجاري ليترجم مبادرة باريس.

وفي العودة إلى موضوع الحوار لا بدّ من التذكير أنّ الظروف غير مؤاتية في ظلّ هذه الأجواء لإحداث تعديلات في الدستور. وعندما حصل هذا الأمر في اتّفاق الطائف عام 1989 كانت هناك إرادة عربيّة وأميركيّة توصّلت آنذاك إلى ولادة الدستور في صيغته الحالية، وطوي صفحات الحرب. ووُلد اتّفاق الدوحة عام 2008 بإرادة قطريّة أنتجت انتخاب الرئيس ميشال سليمان والاتفاق على قانون انتخاب. وينتظر اللبنانيون اليوم خلاصة المساعي الفرنسية والمجموعة الخماسية لتتمكّن من “انتخاب” رئيس للجمهورية في دولة مشرّعة أبوبها على كمّ من الأزمات والخلافات، حيث لم تقم كتلها النيابيّة بالحدّ الأدنى من واجباتها الدستوريّة.