Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر June 10, 2023
A A A
التقاطعُ على أزعور لقطع الطريق على فرنجيّه لن يمرّ!
الكاتب: عبد الكافي الصمد - سفير الشمال

يُنقل عن كارل ماركس قوله إنّ “التاريخ يعيد نفسه فى المرّة الأولى كمأساة، وفى المرّة الثانية كمهزلة”. هذا القول إستعاده البعض عندما تقاطع الثنائي المسيحي التيّار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية وآخرين على دعم وزير المالية السّابق جهاد أزعور لانتخابات رئاسة الجمهورية، ما أعاد إلى الإذهان تفاهم معراب الشهير عام 2016 بين الطرفين، الذي أفضى إلى تسهيل وفتح الطريق أمام مؤسّس وزعيم التيّار البرتقالي الجنرال ميشال عون إلى قصر بعبدا.
تفاهم معراب الذي أنجز قبل 7 سنوات بعد طول جفاء وعداوات وحروب ودماء بين الطرفين، جرى التشكيك فيه حينها إنطلاقاً من كونه لم يكن أكثر من تفاهم عابر يهدف إلى قطع الطريق أمام رئيس تيّار المرده سليمان فرنجيه ومنعه من الوصول إلى رئاسة الجمهورية، بعدما تفاهم مع زعيم تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري على ذلك، لكنّ فرنجية تنحى حينها حرصاّ على المصلحة العليا لـ”الخط”، وأفسح في الطريق أمام دخول عون إلى قصر بعبدا.
لكنّ إتفاق معراب سرعان ما سقط، لأسباب عدّة، واستعاد بعدها الطرفان موجة الجفاء والعداء والتخوين طوال عهد عون الرئاسي، قبل أن يستعيد التيّار والقوّات نغمة التفاهم مجدّداً، وهذه المرّة للسبب ذاته، وهو قطع الطريق على فرنجيه أمام وصوله إلى قصر بعبدا، بعدما أعلن الثنائي الشّيعي، حزب الله وحركة أمل، دعمهما له مع حلفاء آخرين، الأمر الذي اعتبره كلّ من التيّار والقوات “مصيبة” أعادت تقاطعهما مرّة ثانية.
ويكاد لا يختلف إثنان أنّ محطة التفاهم بين الثنائي المسيحي عام 2016 قد تحوّلت إلى مأساة ما تزال حاضرة في الأذهان، خصوصاً بما يتعلق بالإنهيار المالي والإقتصادي غير المسبوق في تاريخ لبنان، غير أنّ تكرار وإعادة إنتاج محطة التفاهم هذه بين كلا الطرفين، التيّار والقوّات، قد تحولت فعلاً وفق ماركس إلى مهزلة، أو هي في الطريق إلى ذلك.
فقد كان مفارقاً ولافتاً ما شهدته الأيّام القليلة الماضية من تطوّرات أفضت إلى تجمّع الأضداد في حلف واحد، فقط في مواجهة فرنجيّه، والحؤول دون وصوله إلى قصر بعبدا، وهو حلف جمع بين أعداء وأطراف بعضها نقيض الآخر، جوهراً وشكلاً، ما طرح أسئلة حول ماذا يجمع بين هؤلاء الذين جرى تجميعهم “من كلّ وادي عصا” إلّا العداء لفرنجيه بما يمثل ومن يمثل، والعداء لحلفائه وداعميه، وأنّ هذا الحلف لن يتمكن أصحابه من تحقيق مبتغاهم، وهم يدركون ذلك في قرارة أنفسهم قبل الآخرين.
من يمرّ على المواقف السّياسية التي يدلي بها داعمو أزعور، أو يطلع على بعض من النقاش والجدل على منصّات وسائل التواصل الإجتماعي في صفوف فريق المعارضة، يلمس حجم المهزلة التي أوصل إليها لبنان هذا الفريق، ومقدار المهزلة التي تنتظر بلد الأرز في الأيّام المقبلة.