تُوّج تشارلز الثالث اليوم السبت ملكا لبريطانيا في كنيسة ويستمنستر بالعاصمة لندن، ضمن أكبر احتفال رسمي تشهده البلاد منذ 70 عاما، وفي مراسم تتسم بالأبهة والفخامة ويعود تاريخها إلى ألف عام.
وانطلق الحدث التاريخي النادر لتتوج تشارلز الثالث رسميا ملكا على بريطانيا، ليصبح ملكها الأربعين، خلفا لأمه الملكة إليزابيث الثانية التي حكمت البلاد 70 عاما وماتت قبل 7 أشهر عن عمر بلغ 96 عاما.
وأدى الملك تشارلز الثالث القسم ملكا للمملكة المتحدة في إطار مراسم التنصيب، ووعد بالحفاظ على استقرار كنيسة إنكلترا بشكل غير قابل للانتهاك، فيما سمعت هتافات ليحفظ الله الملك داخل الكنيسة وخارجها.
وقال تشارلز: أنا، تشارلز، أقف بإخلاص وبصدق أمام الله، وأشهد وأعلن أنني بروتستانتي مخلص، وأنني وفقًا للقصد الحقيقي للتشريعات التي تضمن الخلافة البروتستانتية على العرش، سوف أؤيد وأحافظ على التشريعات المذكورة بأفضل ما في وسعي وفقًا للقانون.
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن القسم كان مختلفًا عن القسم الذي أدلت به الملكة إليزابيث، والدة تشارلز في عام 1953، وللمرة الأولى أُضيفت المقدمة التي ألزمت الملك بشكل خاص بأنه سيسعى إلى تعزيز بيئة يمكن للناس من جميع الأديان والمعتقدات العيش فيها بحرية.
وبعد وصول الموكب الملكي من قصر باكنغهام وبحضور عالمي لقادة ورؤساء حكومات وممثلي دول الكومنولث وكبار الشخصيات، أجريت مراسم التتويج في كنيسة ويستمنستر بالعاصمة البريطانية لندن، بطقوس مسيحية استغرقت ساعتين برئاسة جاسن ويلبي أسقف كانتربري، وهو تقليد متوارث من ألف عام، إذ تُوّج أسلاف الملك التسعة والثلاثون في كنيسة ويستمنستر منذ عام 1066.
والتتويج هو ذروة مراسم تستمر 3 أيام، وتشمل احتفالا موسيقيا في قصر قلعة ويندسور غرب لندن مساء غد الأحد.
وأجريت المراسم وسط إجراءات أمنية مشددة، وهي محطات وإجراءات تُختتم بالتنصيب والجلوس على العرش، وتُحْيِي تقاليد ملكية عريقة. كما نصّبت الملكة القرينة كاميلا، لكن ضمن مراسم أكثر بساطة.
وعند الساعة 11:00 من صباح اليوم بتوقيت غرينتش، وُضع تاج الملك إدوارد -الرمز المقدس لسلطة العرش المصنوع من الذهب الخالص والذي يُستخدم لمرة واحد خلال الحكم- على رأس تشارلز، على وقع صيحات ليحفظ الله الملك. كما تصدح الأبواق في أنحاء كنيسة ويستمنستر آبي في لندن، وتطلق المدافع الاحتفالية برا وبحرا بمناسبة أول تتويج لملك بريطاني منذ عام 1953، والخامس فقط منذ 1838.
وتوجت زوجته الثانية كاميلا (75 عاما) ملكة خلال المراسم التي استمرت ساعتين. ورغم أن المراسم تضرب بجذورها في التاريخ إلا أن القائمين عليها حاولوا تقديم صورة لنظام ملكي وأمة يتطلعان إلى المستقبل.
يذكر أن مراسم التتويج هي ثاني مراسم من نوعها تُبث على التلفزيون، والأولى بالألوان وبخدمة البث التدفقي على الإنترنت. وتُعد تأكيدا دينيا لاعتلاء تشارلز العرش، رغم كونه ملكا لبريطانيا منذ وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية يوم 8 سبتمبر/أيلول 2022، بعد 7 عقود من توليه ولاية العهد.
وبينما بقيت العديد من طقوس وتقاليد الاعتراف بتشارلز ملكا دون تغيير، سعى الملك لتحديث جوانب أخرى من المراسم. فللمرة الأولى شاركت نساء أساقفة قادة أقليات دينية أخرى، وسيكون هناك دور بارز لعدد من اللغات الأخرى غير الإنجليزية خلال التتويج. وبصفته ملكا، ترأس تشارلز كنيسة إنكلترا لكنه يقود بلدا أكثر تنوعا دينيا وعرقيا عن الذي ورثته والدته في ظل الحرب العالمية الثانية.
وسعى تشارلز أيضا لأن تكون قائمة المدعوين وعددهم 2300، أكثر تمثيلا للمجتمع البريطاني، فدعا أفرادا من عامة الناس ليجلسوا إلى جانب رؤساء دول وملوك وأمراء من أنحاء العالم. وفي تغيير آخر للتقاليد، سيعكس شعار المراسم اهتمام تشارلز الدائم بالتنوع البيولوجي والاستدامة.
وامتلأت كنيسة ويستمنستر بأزهار موسمية وأغصان خضراء من جزيرة آيل أوف سكاي في شمال غرب أسكتلندا حتى كورنوال عند الطرف الساحلي الغربي لإنكلترا. وحُظرت قطع الإسفنج الرغوية الخاصة بالزهور ذات الاستخدام الواحد، وسيتم التبرع بكل الأزهار لجمعيات خيرية تساعد المسنين والضعفاء. واستخدمت أثواب احتفالية معاد تدويرها من مراسم تتويج سابقة، والزيت الذي مسح به تشارلز نباتيًا.
وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك: الحدث لحظة فخر وطني استثنائي… دليل حي على الطابع الحديث لبلدنا وتقاليد نعتز بها يولد من خلالها عهد جديد، فإن الاستطلاعات تشير إلى تراجع الدعم للتاج البريطاني خصوصا بين الشبان الأصغر سنا، مع دعوات إلى التحديث أو إلغاء النظام الملكي برمته. أما الجمهوريون فيطالبون برئيس دولة منتخب، فوعدوا بتنظيم احتجاج في يوم التتويج مع شعارات تقول ليس ملكي.
ومع ذلك، فإن الحشود الداعمة للأسرة الملكية التي تقوم طوال الأسبوع بالتخييم على شارع ذي مول المؤدي إلى باكنغهام بالاس، دليل على أن العائلة الملكية لا يزال لها دور في التاريخ والتقاليد البريطانية. والعديد من هؤلاء جاؤوا جوا من الخارج في تأكيد للموقع الفريد للملكية كأكبر الرموز البريطانية في العالم.
شاهد.. مراسم تتويج تشارلز الثالث ملكا لـ #بريطانيا في #كنيسة_وستمنستر #العربية pic.twitter.com/V2vd6EvfFx
— العربية (@AlArabiya) May 6, 2023
شاهد.. تتويج #كاميلا ملكة لـ #بريطانيا في #كنيسة_وستمنستر #بريطانيا #العربية pic.twitter.com/PzNCV6rciy
— العربية (@AlArabiya) May 6, 2023