Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر March 31, 2023
A A A
في افتتاحية “الجمهورية”: سخونة في الملف الرئاسي .. ولبنان يحاول إلتقاط الإشارة
الكاتب: الجمهورية

الإقتناع المكتسب من مسار الاتفاق السعودي ـ الايراني بأنّ لبنان “آخراً” لم يَحجب تفعيل “الانتانات” السياسية لالتقاط إشارات من قنوات ذات شأن وفاعلة في أذرعه، اذ تبين خلال الـ 48 ساعة الماضية، وخصوصاً بعد الاتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وما رافقه من اخبار ومعلومات معظمها غير دقيق، انّ رياحاً ساخنة لفحت الملف الرئاسي. فالسفير السعودي وليد البخاري غادر صباح امس الى الرياض فيما رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وصل الى باريس مساء وستكون له اليوم لقاءات في قصر الاليزيه.
في معلومات لـ”الجمهورية” من مصادر مطلعة بقوة على الملف انّ النقاش لم يعد محصورا في ما اذا كان هناك “فيتو” سعودي على اسم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية من عدمه، إنما في توقيت التسوية وشروطها، والتي ستكون محصورة بطرفي الاتفاق السعودي ـ الايراني وحلفائهما، وليس بأي جهة او جهات اخرى تعمل على خطوط تقارب مصالحها الشخصية.

واكدت هذه المصادر انّ زيارة فرنجية لفرنسا قد لا تحقّق اي خرق وفيها مصلحة لباريس اكثر منها الى فرنجية نفسه المُرتاح جداً الى الموقف الفرنسي، غير انه مقتنع تماما بأنّ الرضى السعودي هو ممر إلزامي لقبوله بالمهمة الرئاسية، وقد وصلته الاجواء التي تؤكد انّ المملكة العربية السعودية لا تضع “فيتو” عليه ولم تشطب اسمه إنما تصرّ على تقوية ورقة المواصفات حتى يعزف اصحابها أنفسهم او يعملوا على التأهّل لها. ورأت “ان الحل لا يزال بعيداً، وقد ينبت العشب قبله لكنّ حظوظ فرنجية عادت الى واجهة الرصد، وانّ الوقت، كما التطورات، كفيلان بتغيير مسار الاحداث”… واضافت المصادر “ان الفرنسي يغنّي على ليلاه ويطرح افكاراً لكن الكلمة ستكون للاتفاق السعودي ـ الايراني”.

فرنجية في باريس
وكان فرنجية قد وصل الى باريس مساء، في وقت عاد منها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وسيزور فرنجية قصر الاليزيه اليوم للقاء مستشار الرئيس الفرنسي ومسؤول خلية الأزمة الخاصة بلبنان باتريك دوريل. وقالت مصادر سياسية ان العاصمة الفرنسية ستشهد لقاءات أخرى تَلي زيارتي فرنجية وجنبلاط المعلن عنهما بعد ان زارها مسؤولون آخرون من مختلف الأطراف.

وكان فرنجية قد التقى امس في بنشعي سفير روسيا في لبنان ألكسندر روداكوف، يرافقه الوزير المفوّض في السفارة مكسيم رومانوف، والسّكرتير الأول إيفان ميدفيدسكي، وحضر اللقاء النّائب طوني فرنجية وأنطوان مرعب، وكان بحث شامل في مجمل القضايا الرّاهنة والتطوّرات على السّاحتَين المحليّة والإقليميّة.

الموقف الأميركي
في غضون ذلك دعت وزارة الخارجية الأميركية اللبنانيين الى الإسراع بانتخاب رئيس جديد للبلاد. وأكّدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربارا ليف لشؤون الشرق الأدنى، أنّ “لبنان ليس لديه مخرج آخر من أزمته، سوى التوصّل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي”، لافتة إلى أنّ “قادة لبنان يفتقرون إلى الإحساس بضرورة الإسراع بإخراج البلاد من أزمتها”. وقال: “شدّدتُ في بيروت على الحاجة لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية لإعادة لبنان إلى طريق الانتعاش”، موضحة أنّ “مساعدة اللبنانيين في أوقات الأزمات أولوية بالنسبة إلينا”، مشددة على “أنني آمل أن ينعكس التقارب السعودي ـ الإيراني إيجاباً على لبنان، وأيّ خفض للتوترات بين لاعبين إقليمين كبيرين، وأي شيء يؤمّن هدنة للتصعيد المستمر منذ سنوات هو شيء عظيم”.

وكانت ليف قد زارت لبنان الاسبوع الماضي، والتقت رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، وعدداً من المسؤولين الآخرين والنواب.

موفد قطري
وفي سياق الحراك العربي والدولي في اتجاه لبنان أكدت مصادر ديبلوماسية وحكومية أمس انّ وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي سيزور لبنان الاثنين المقبل للقاء بري وميقاتي وبوحبيب، ووقد أعدّت له مجموعة لقاءات مع آخرين.
وقالت هذه المصادر انّ الزيارة أُرجئت أسبوعاً بسبب الترتيبات الحكومية في قطر التي انتهت الى قرار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتعيين الخليفي في منصبه الجديد، بعدما كان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية.

موقف فرنسي
وفي هذه الاثناء قالت السفيرة الفرنسية ان غريو، خلال إطلاق المرحلة الثانية من مشروع “شبكة” SHABAKE في الجامعة اليسوعية، انّ “على اللبنانيين التفكير معاً للمضي قدماً والخروج من هذه الأزمة، فمن المهم أن تفكروا في استدامة عملكم، فالنهوض بأي بلد يتطلب مشاركة المجتمع المدني والدولة”.

وشددت على أنه “يجب أن يتحمل المسؤولون اللبنانيون مسؤولياتهم، فالحلول معروفة، وهناك خطوات وإصلاحات عدة يجب اتخاذها. إنّ الأزمة الاقتصادية والمالية ليس من الصعب حلها، لكن تلزمها الإرادة السياسية. والمطلوب سير عمل المؤسسات، فما يعيشه اللبناني أمر غير طبيعي. هناك شلل في المؤسسات وفراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال، وتَنصّل من المسؤولية”.

ميقاتي عاتب
من جهة ثانية، وعلى خلفية القرار بتمديد العمل بالتوقيت الشتوي الذي تم التراجع عنه، كشفَ قريبون من الرئيس نجيب ميقاتي ان لديه نوعاً من العتب على الرئيس نبيه بري. ووفق هؤلاء، يشعر ميقاتي انّ بري “زادها بعض الشيء” في “المَونة” عليه، مشيرين الى انّ طريقة طلب تأجيل اعتماد التوقيت الصيفي أمام الإعلام أحرجَت ميقاتي وأعطت انطباعا غبر دقيق حول طبيعة العلاقة بينه وبين رئيس المجلس.
واكد القريبون من ميقاتي انه “متعاون الى أبعد الحدود مع بري على قاعدة ضرورة تعزيز التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، خصوصاً في هذه المرحلة الصعبة، وهو حريص على استمرار هذا التعاون ولكن مع وجوب الاخذ في الحسبان انه اذا “كان حبيبك عسل ما تاكلو كلو”.

مجلس وزراء
وفي هذه الاجواء علمت “الجمهورية” ان ميقاتي الموجود في المملكة العربية السعودية حيث يؤدي مناسك حُجّة العمرة مع عائلته، أوعَز الى الامانة العامة لمجلس الوزراء ومستشاريه التحضير للدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل للبحث في ما تم تأجيله من بنود تتصل بواقع القطاع العام، واعادة النظر في الرواتب والحد الادنى للأجور وتعويضات النقل واحتساب الرواتب على اي سعر لمنصة “صيرفة” خاص بموظفي القطاع العام، عدا عن المساعدات المدرسية والطبية والحوافز الخاصة بالقطاعات.
وعلم انّ وزيرين على الأقل طلبا جلسة عاجلة للمجلس، هما وزير الاتصالات جوني القرم والمال يوسف الخليل، للنظر في مطالب قطاعات خاصة بهما.

الحوار البَيني
وفي المواقف أعربت كتلة “الوفاء للمقاومة”، بعد اجتماعها الدوري امس برئاسة النائب محمد رعد، عن “أسفها المرير وشجبها لِتوسّل بعض ذوي الشأن العام في لبنان، خطاب التحريض والتعبئة الطائفية المقيتة في سياق اعتراضهم على إجراءات أو سياسات بعض المسؤولين”. وقالت “إنّ الحوار البَيني أو الوطني الموضوعي والهادئ هو السبيل لتصويب المواقف والأداء، فيما الصخب ونفث الكراهية والأحقاد لا يُفضيان إلا إلى التوتر وتعقيد الأمور ومفاقمة الأزمات”. وأبدَت “شكوكاً صريحة وواقعيّة إزاء الجهوزيّة المطلوبة لإنجاز الانتخابات البلدية والاختياريّة وفق القواعد والضوابط الضامنة لنجاحها وسلامتها في المرحلة الراهنة، ودعت حكومة تصريف الأعمال إلى تحمّل مسؤولياتها بجرأة تتطلبها الظروف الاستثنائيّة الراهنة التي تمرّ بها البلاد، والتي تفرض التنبّه والحذر من تداعيات أي خطوة ناقصة إزاء استحقاق الانتخابات البلديّة والاختياريّة أو غيره. وقدّرت الكتلة “التزام وزير الأشغال العامة والنقل موقف “حزب الله” وكتلة “الوفاء للمقاومة” لجهة حسم الجدل حول الاتفاق الذي جرى التوصّل إليه من أجل توسعة المطار في العاصمة بيروت، عبر إعلانه عدم السير بصيغته واعتباره كأنّه لم يكن”.

إجتماع الناقورة
وعلى الصعيد الجنوبي، ترأس رئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام اللواء أرولدو لازارو امس اجتماعاً ثلاثياً عادياً في الناقورة. وأفاد بيان لـ”اليونيفيل” انه “في سياق الأحداث الأخيرة على طول الخط الأزرق، حثّ اللواء لاثارو الأطراف على مواصلة تنسيق الأنشطة بالقرب من الخط الأزرق مع اليونيفيل مسبقاً، وتجنّب الإجراءات التي يمكن أن تصعد الوضع وتزيد التوتر”. وأشار إلى أنّ بعض “الأنشطة، مثل توجيه الأسلحة وإطلاق الذخيرة الحية وتوجيه أضواء الليزر وإلقاء الحجارة، استمرّت جميعها على رغم من طلباتي المتكررة لإتحاذ إجراءات حيالها”. وأشار إلى أن “عدم وضوح الخط الأزرق بين العلامات ساهمَ في التوتر”. وقال: “مشروع تعليم الخط الأزرق، الذي بدأ في عام 2007، يُسهم في توضيح مسار الخط الأزرق. ووضوح المسار الدقيق للخط الأزرق يتحدد من خلال نشر أصول اليونيفيل”.
وأفادت مديرية التوجيه في قيادة الجيش “ان الجانب اللبناني تطرّق خلال الاجتماع إلى الخروقات الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، ودعا الأمم المتحدة الى ممارسة أقصى قدر من الضغط على العدو الإسرائيلي لوقف تعدياته. كما أعاد الجانب اللبناني تأكيد التزام لبنان بالقرارات الدولية، لا سيما القرار 1701 ومندرجاته كافة، مشدداً على ضرورة انسحاب العدو الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، وتحديداً مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري حيث التمدد العمراني لبلدة الغجر، والمناطق التي يتحفّظ فيها لبنان على خط الانسحاب (13 منطقة)، والمناطق التي يوجد فيها خرق دائم لخط الانسحاب (17 منطقة). وشدد على “إزالة الجدار الإسمنتي الذي أقامه العدو الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية عند المدخل الشمالي لنفق سكة الحديد بين لبنان وفلسطين المحتلة”.

إضراب “أوجيرو”
وشهد قطاع الاتصالات وشبكات الانترنت تراجعاً سيئاً في الخدمات، ما أثّر في اعمال كثير من المؤسسسات العامة والمرافق والمصالح جرّاء اضراب المستخدمين والعمال في هيئة “اوجيرو”، الذين سادت أجواؤهم حال من الغضب والاستنكار على خلفية اعلان وزير الاتصالات جوني القرم طلب تدخّل الجيش اللبناني لكسر إضرابهم، معتبرين انّ هذا الامر “يؤكد مرة اخرى تَنصّل وزير الوصاية من تحمل مسؤولياته”. ولفتوا الى “انّ لهم كامل الثقة في حكمة قيادة الجيش التي لم تكن الّا الى جانب الحقوق، سواء كانت للعسكريين ام للمدنيين”.
ودعا القرم، في بيان لمكتبه الاعلامي أوضَح فيه “انّ أيّ قرار يتعلّق بشؤون الموظفين سواء كان إيجابياً أو سلبياً، او يصبّ لمصلحتهم او لا، او أي قرار مالي بالصرف والقبض، ليس من صلاحيته كوزير، انما هذه امور مناطة بمجلس الوزراء”. وشدّد على “أن الحوار هو الباب الأفضل لسلوك طريق الحل، ومن هنا يدعو نقابة موظفي هيئة “اوجيرو” الى فكّ الاضراب والعودة الى لغة الحوار خدمةً لقطاع الاتصالات وللقطاعات كافة”.

القطاع الخاص
من جهة اخرى أعلن وزير العمل مصطفى بيرم أنه اتفق في لجنة المؤشر امس على “رفع الحد الأدنى في القطاع الخاص إلى 9 ملايين ليرة أي بزيادة 4 ملايين ونصف مليون، وبدل النقل سيصبح 250 ألف ليرة عن كل يوم حضور، ورَفع سقف المرض والأمومة ضعفين. وهذه الزيادات ستكون خاضعة للمراجعات تبعاً لتقلبات سعر صرف الدولار لمراعاة العدالة في هذه المسألة”.

مساعدات أوروبية
أوروبيّاً، أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش، الذي زار لبنان امس والتقى رئيس مجلس النواب، “تقديم 60 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفئات الأكثر ضعفاً في البلاد، بمَن فيهم اللاجئون السوريون واللبنانيون المعوزون”.
وأكد في بيان أنّ “لبنان يواجه أزمات متعددة تُعَرّض عدداً متزايداً من الأشخاص للخطر، كما يستضيف حوالى 1.5 مليون لاجئ سوري، وهو أعلى عدد من اللاجئين للفرد في العالم. ولن يتخلى الاتحاد الأوروبي عن المحتاجين، ونحن نواصل دعم اللاجئين والمجتمعات المحلية الأكثر ضعفاً. ومع ذلك، يجب معالجة جذور الأزمات السياسية والاقتصادية في أقرب وقت ممكن، فالمساعدات الإنسانية ضرورية لضحايا الأزمات المتعددة في لبنان، لكنها ليست حلاً للتحديات الكامنة”. وقال: “في الوقت الراهن، يحتاج نحو أربعة ملايين شخص، من بينهم 1.5 مليون نازح سوري و2.2 مليون لبناني من الفئات الضعيفة، إلى مساعدات إنسانية”. وذكر أنّ “في 14-15 حزيران 2023، سيستضيف الاتحاد الأوروبي مؤتمر بروكسل السابع حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، وسيكون من الأهمية بمكان ضمان استجابة مُجدية في لبنان”.