من يقول ان اللبنانيين غير موحدين فهو بعيد جداً عن الصواب كي لا نقول كذاب.

اللبنانيون موحدون حول عتمة شاملة لكهرباء الدولة لا تفرق بين طائفة وأخرى او منطقة واخرى الا نادراً وبساعة واحدة لا غير على الاكثر، كما انهم موحدون بدفع فاتورتي كهرباء الاولى رسمية وباتت مرتفعة فيما هناك غياب شبه تام للتيار والثانية لاصحاب المولدات وبالعملة الصعبة ومن لا يعجبه ” يصطفل”.

اللبنانيون موحدون تماماً في تجوالهم من صيدلية الى اخرى للعثور على ادوية لامراضهم المزمنة وغير المزمنة وان وجِدت فبالمبلغ المرقوم.

نعم انهم موحدون في الشكوى من الاوضاع والغلاء والفساد وموحدون ايضاً في الحديث عن ارتفاع اسعار البنزين وانعكاساته على كل القطاعات وعن عدم قدرتهم على الاستشفاء ودفع اقساط المدارس لاولادهم وعن احتجاز المصارف لاموالهم وعن امور عديدة ما عادت بالمستطاع.

نعم، ان الفقر والعوز وغلاء المعيشة وامور حياتية اخرى يتوحد حولها اللبنانيون على اختلاف مشاربهم، ولكن ايضاً وللمصداقية فإنه رغم كل هذه الازمات التي توحدهم هناك امور كثيرة تفرقهم بدل ان تجمعهم لمواجهة ما يواجههم من مآسي اوصلتهم الى قعر جهنم، فهم منقسمون حول صوابية انعقاد الحكومة من عدمه، حول انتخاب رئيس للجمهورية، حول الفدرالية او العيش المشترك، مختلفون حول من احق ان يكون الشقيق سوريا ام السعودية وحول الحرب بين اوكرانيا وروسيا، كما ينقسمون حول المباحثات الاميركية الايرانية وحول تدخلات الناتو وقرارات مجموعة دول الخمسة زائدا واحدا، كما حول الحرب في اليمن والاوضاع في العراق.

اللبنانيون موحدون ومنقسمون وجدلهم البيزنطي لن يؤدي الى نتيجة بل يزيد الامور تعقيداً فيما البلد على طريق الاحتضار ولن ينقذه البحث في جنس الملائكة.