Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر January 15, 2023
A A A
افتتاحية “الأنباء”: ترهيب الأهالي يهدّد بطمس حقيقة جريمة العصر.. والدولة تواجه الانهيار الكامل
الكاتب: الأنباء الإلكترونية

في حين لا صوت حقيقياً يدعو لتعقّل الداخل واللجوء للحوار لوقف الشغور الرئاسي وفتح المسار الطبيعي لاستعادة عمل المؤسسات وإطلاق ورشة انتشال الدولة من قعر الانهيار، سوى صوت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يلاقي حرص رئيس مجلس النواب نبيه بري صاحب الدعوة للحوار المرفوض لمصالح خاصة بهذا الفريق او ذاك على ضفاف الانقسام المحلي، جاءت التطورات المرتبطة بملف انفجار المرفأ بعد توقيف الناشط وليم نون، وما رافقه من موجة استنكارات، وما شهده مكان احتجازه في محيط المديرية العامة لأمن الدولة في الرملة البيضاء من اعتصامات وتظاهرات وقطع طرقات لم تخلُ من المواجهات مع الأهالي، ليطرح كل ذلك أكثر من علامة استفهام عما يجري، خصوصا وأن بعض القضاء متفرغ لملاحقة الأهالي، فيما التحقيق في الجريمة الكارثة نفسها متوقف دون أي اشارة للتحرك.

مصادر سياسية أعربت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية عن القلق مما جرى في اليومين الماضيين، ورأت فيه محاولة جديدة لطمس حقيقة انفجار المرفأ ومسبباته ودوافعه انطلاقاً من ترهيب أهالي الضحايا.

وفي سياق التعليقات على ما جرى، أشار النائب أديب عبد المسيح في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية الى وجود استنسابية في تطبيق العدالة، إذ أنها تطبق على أناس معينين ويستثنى منها آخرون، مضيفاً: “مهما كانت التهمة التي ارتكبها وليم نون كبيرة، فهل يعقل أن يتم توقيفه بينما المسؤولين عن تفجير المرفأ ونصف العاصمة وأكثر من مئتي قتيل وآلاف الجرحى، طليقين”؟.

ورأى عبد المسيح أن “هناك أموراً تفرض على القاضي أن يراعي ظروف الناس، وخاصة أولئك الذين فُجعوا بأبنائهم”، مؤكداً تعاطفه مع أهالي الضحايا “وضرورة كشف الذين تسببوا بحرقتهم”، لافتاً الى التسيّب الأمني في كل لبنان، داعياً الجيش والأجهزة الأمنية الى فرض الأمن بالقوة لضبط المخلين بالأمن والاعتداء على كرامة المواطنين. وأشار في هذا السياق الى تعرض محيط منزله الى حادث أمني بداعي السرقة، أسفر عن ضبط سيارة مسروقة بداخلها ثلاثة شبان يقومون بسرقة الناس نهاراً وجهاراً، الى غيرها من الحوادث المشابهة التي تحصل في معظم المناطق، متحدثاً عن طوابير خامسة منتشرة في كل المناطق بهدف القيام بأعمال شغب لفرض أمر واقع جديد.

بدوره، رأى النائب السابق عاصم عراجي في اتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية أن “غالبية المؤسسات أصبحت منهارة وكذلك ما تبقى من أجهزة أمنية، وانشهد بالفعل انهياراً شبه كامل للدولة”، سائلاً: “هل يُعقل أن يتم توقيف شقيق أحد شهداء المرفأ من أجل كلمة وقد مضى على انفجار المرفأ سنتان ونصف السنة ولم يعرف أهالي الضحايا مَن تسبّب بهذه الكارثة؟”.

ورأى عراجي أن “ما يجري هو طمس مقصود للحقيقة، فما الذي يمنع من مثول النواب والوزراء أمام قاضي التحقيق لإثبات براءتهم إلا اذا كان وراء الاكمة ما وراءها”، واصفاً ما يحصل بالبلد بالكارثي، “فالقطاع الصحي منهار وقطاع الاستشفاء منهار، وهناك العديد من أصناف الادوية أصبحت مفقودة، والقطاعان المصرفي والمالي حدّث ولا حرج”.

وسأل عراجي عن الأسباب التي تمنع انتخاب رئيس الجمهورية، مستطرداً: “أين الذين كانوا يتهمون الرئيس سعد الحريري بالتعطيل وعدم معالجة الأزمة؟ أين كنا وأين أصبحنا؟ فالحريري خرج من السلطة وهم ماذا فعلوا ولماذا لم يتفقوا بعد على اسم الرئيس؟”.

الوزير السابق رشيد درباس لفت في حديث مع “الأنباء” الالكترونية الى أن “عملية تسييس القضاء في لبنان بدأت منذ ان أصبح بداخل القضاء مراكز قوى ومنابر وتظاهرات، بالاضافة الى كف يد قضاة ووقف التشكيلات القضائية، ما أدى الى خلل في القضاء حوّل القضاة الى قطاع”، واصفاً ما جرى “بالخطير جداً وذلك بمعزل عما يحصل في الدولة ككل”، مستغرباً عدم وجود خطاب قانوني يلزم الجميع صون القضاء وأن يعود كل الى منصته وعدم استغلاله بطريقة كيدية كما فعلت القاضية غادة عون.

درباس سأل القاضي زاهر حماده عن الأسباب التي دفعته لتوقيف نون، مضيفاً: “على القاضي أن يتحلّى بالحكمة والحنكة، وعندما يتكلم يجب أن يفرض احترامه على الجميع، لكن المؤسف أن بعض القضاة نزعوا الاحترام من قراراتهم”.

ومما يتبدى، فإنها مرة جديدة يواجه القضاء في لبنان تحدي الاستقلالية الفعلية والشفافية وحماية العدالة، فيما الدولة تنزع نحو السلوك البوليسي الذي يتنافى وطبيعة لبنان ونظامه السياسي.