Beirut weather 21.32 ° C
تاريخ النشر October 21, 2022
A A A
ميقاتي يطلق الهيئة العامة للصحّة النفسية في المدارس: مستقبل أولادنا هو مستقبل لبنان
الحلبي السراي السراي2 ميقاتي
<
>

أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان “تعقيدات الوضع السياسي والاقتصادي والمالي في لبنان تأخذ الحيز الأكبر من جهدنا وتفكيرنا وعملنا في الحكومة، ولكن اعيننا لا تغفل عن النظر دائما الى أطفالنا ومستقبلهم، لذلك فان الرعاية الضرورية للصحة النفسية لأطفالنا تتطلب منا الانطلاق بسرعة لمواجهة تداعيات ما خلفته الازمات التي عصفت ببلدنا في السنوات الثلاث المنصرمة”.

وكان الرئيس ميقاتي يتحدث في خلال رعايته “اطلاق الهيئة العامة للصحة النفسية في المدارس”، ظهر اليوم في السراي الحكومي، بمبادرة من وزير التربية الدكتور عباس الحلبي بالتعاون مع اللجنة الوطنية اللبنانية للاونيسكو.

حضر الحفل عقيلة رئيس الحكومة السيدة مي ميقاتي،والوزراء: موريس سليم، امين سلام ،جورج كلاس ،عباس الحلبي وجوني قرم، والنواب السادة: بلال الحشيمي،عناية عزالدين، اديب عبد المسيح، ندى البستاني،عدنان طرابلسي ،قاسم هاشم، النائبة السابقة بهية الحريري، سفير قطر في لبنان ابراهيم بن عبد العزيز السهلاوي، رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران، نقيب المحررين جوزيف قصيفي وشخصيات.

وقال الرئيس ميقاتي في كلمته: “احتفل العالم هذا الأسبوع باليوم العالمي للصحة النفسية بعد أكثر من عامين على جائحة كورونا التي ضربت في كل اصقاع الأرض وألزمت مئات الملايين منازلهم وعطلت الاعمال وهزت الاقتصاد العالمي، ولكن مفاعيلها غير المرئية كانت في تأثيرها السلبي على الحالة النفسية للناس وبالأخص صغار السن منهم الذين حرموا من الذهاب الى المدرسة وسجنوا بين جدران منازلهم وشاشات الكومبيوتر. ونحن في لبنان كانت لنا الحصة الاكبر من هذا التأثير السلبي كون الجائحة ترافقت مع انهيار اقتصادي ومالي من جهة ومع تفجير مرعب لمرفأ بيروت حصد حياة العشرات بالإضافة الى إصابة الالاف”.

وقال: “قد يتساءل البعض كيف يمكن للانهيار الاقتصادي والمالي والتفجير غير المسبوق ان يؤثر على الحالة النفسية لصغار السن، والجواب يحضر ببساطة من رؤية هؤلاء الصغار لطوابير لا متناهية امام المصارف ومحطات الوقود وافران الخبز وفي كثير من الأحيان يكون أهالي هؤلاء الصغار جزءا من الطوابير ان لم يكونوا هم أنفسهم مع اهاليهم فيها. ان تركيزنا على الصحة النفسية لصغار السن هو امر بديهي لسببين، الأول هو ان كبار السن أكثر تحصينا في مواجهة الازمات من الصغار والسبب الثاني ان الصغار هم مستقبل وطننا. وبالتالي فانه مع اشتداد الازمات لا بد من الانكباب ليس فقط على الحد من التأثير الاقتصادي والمالي لهذه الازمات ومعالجتها، بل وبنفس القوة يجب ان نعالج التداعيات النفسية لهذه الازمات على الأجيال الصاعدة”.

وأضاف: “لا بد لنا ان نحول الازمة الى فرصة، وفي هذا المجال فان استفحال الازمات التي تعصف ببلدنا تدفعنا للاستفادة من هذه الازمات وتحويلها الى فرصة لإنشاء خطة نوفر بموجبها وضعا يتيح وجود استشاري للصحة النفسية في كل المدارس اللبنانية، لان المدرسة هي المكان الذي يتيح لنا الوصول الى النسبة الأكبر من أطفال البلاد. وهنا فاني ادعو الجميع من مسؤولين رسميين ومن مؤسسات مجتمع مدني ومنظمات حكومية وغير حكومية، محلية ودولية الى العمل الجدي لتحقيق هذا الهدف بروح التعاون والتكاتف وليس المنافسة، لان مستقبل أولادنا ليس امرا نتنافس عليه لتحقيق مغانم”.

وتابع: “ادعو أولا وزارة التربية والقيمين عليها للعمل على وضع خطة استراتيجية مخصصة للصحة النفسية حصريا في المدارس لمدة ثلاث سنوات بالتعاون مع كل القطاعات وكل الأطراف، وان تشرك في هذه الخطة نقاشا وتنفيذا كل الأطراف والجهات المعنية وتعمل على الاستعانة بالدول المانحة والمنظمات المحلية والدولية ومؤسسات المجتمع المدني وكل من يرغب لإنجاح هذه الخطة”.

وأكمل: “ان تعقيدات الوضع السياسي والاقتصادي والمالي في لبنان تأخذ الحيز الأكبر من جهدنا وتفكيرنا وعملنا في الحكومة ولكن اعيننا لا تغفل عن النظر دائما الى أطفالنا ومستقبلهم، لذلك فان الرعاية الضرورية للصحة النفسية لأطفالنا تتطلب منا الانطلاق بسرعة لمواجهة تداعيات ما خلفته الازمات التي عصفت ببلدنا في السنوات الثلاث المنصرمة. وفي هذا الاطار اسمحوا لي ان اعلن اليوم اننا سنبدأ بخطوة متواضعة عبر تنفيذ مشروع تجريبي للصحة النفسية في مدرستين احداهما في بلدة علما الشعب في اقصى الجنوب والثانية في مدينة طرابلس الحبيبة على امل ان يكون نجاح هذه التجربة مقدمة لتعميمها على المدارس في كل الأراضي اللبنانية. وندعو الجميع الى التعاون لإنجاح هذا المشروع ،لأن مستقبل أولادنا هو مستقبل لبنان”.

وقال وزير الترببة والتعليم العالي عباس الحلبي في كلمته: “كل الانسان يعني أن نعمل لبناء كفاياته وأن نأخذ في الاعتبار صحته الجسدية وطبعا النفسية. ونحن نستفيد في هذا السياق من خبرات الدول والمنظمات الدولية التي تعتبر هي أيضا أن موضوع الصحة النفسية في المدارس موضوع مهم جدا، وقد أصبح في سلم الاولويات على الصعيد العالمي . ففي 20 أيلول 2022، أطلقت اليونيسف واليونسكو ومنظمة الصحة العالمية “خمس ركائز أساسية لتعزيز وحماية الصحة النفسية والرفاه النفسي والاجتماعي في المدارس وبيئات التعلّم” وهي: تهيئة بيئة تعليميّة للصحة النفسيّة الإيجابية والرفاه، وضمان الحصول على خدمات التدخل المبكر والصحّة النفسية والدعم، و تعزيز رفاه المعلمين، وتعزيز قدرات ومعارف القوى العاملة في مجال التعليم من أجل تعزيز الصحة العقلية والرفاه النفسي والاجتماعي. إضافة إلى ضمان التعاون الإيجابي والمثمر بين المدارس والأسر والمجتمعات لبناء بيئة تعليميّة آمنة ورعائية. وانطلاقا من هذه الركائز ، سوف تتكامل سياسة الصحة النفسية التي سنضعها مع سياسات الحماية والدمج والتعلم النفسي اجتماعي، لتعمل كل هذه السياسات على تأمين تعليم نوعي لجميع الطلاب من دون استثناء. وفي الإنتظار لن تقف وزارة التربية مكتوفة الأيدي إذ أن المديرية العامة للتربية تعمل راهنا على موضوع الصحة النفسية من خلال مشاريع عدة ينفذها جهاز الارشاد والتوجيه بالتنسيق مع مديريتي التعليم الثانوي والابتدائي. كما تعمل الوزارة على تأمين وسائل الدعم النفسي لجميع المتعلمين من دون تمييز لحصولهم على تعليم جيد ضمن الإمكانات المتاحة”.

وقال: “ان جهوداً كثيرة بُذلت على مدى السنوات الماضية، لتوفير بيئة مدرسية آمنة للطفل، إن كان عبر إطلاق سياسة حماية التلميذ في البيئة المدرسية عام 2018، وبدء تنفيذ الفترة التجريبية لسياسة المدارس الرسمية الدامجة ، أو عبر وضع إطار وطني للتعلم الانفعالي – الاجتماعي الذي نزمع إطلاقه في الأيام الآتية. شكراً دولة الرئيس ميقاتي على عنايتك بالتربية وبالصحة النفسية والإجتماعية ، وشكرا للسيدة مي ميقاتي على متابعتها واهتمامها ، وشكرا لفريق العمل في رئاسة مجلس الوزراء وفي منظمة اليونيسف واللجنة الوطنية لليونسكو ومنظمة اليونسكو وجميع الشركاء والمانحين ، وتحية إلى فريق العمل في وزارة التربية وفي المركز التربوي ، على الجهود الجبارة والتنسيق المستمر والحرص على سلامة الأجيال صحيا ونفسيا واجتماعياً. إن ما تقومومن به جميعا ، كل من موقعه ، ليس عملا تفرضه الواجبات الوظيفية فقط، بل شغفا فيه الكثير من المحبة”.

وألقت منسقة الهيئة الوطنية للصحة النفسية في المدارس والامينة العامة للجنة الوطنية للاونيسكو هبة نشابة كلمة قالت فيها: “لان المدرسةَ هي المكانُ الذي نستطيعُ من خلالِهِ الوصولَ إلى أكبرِ عددٍ مُمْكِنٍ من الأطفال، فإننا نرى أن فُرصتَنا، لإنشاء خُطةٍ مُستدامةٍ للصّحَةِ النَّفسية تشملُ جميعَ أطفالِنا من دونِ استثناءٍ، تُشكِّلُ دافعًا لتعزيزِ مقوِّمَاتِ الصِّحةِ النّفسيةِ في لبنانَ، وذلكَ في مدارسِنا على وجه الخصوص”.

وقالت: إنَّ العملَ على الصّحَةِ النَّفْسيّةِ لدى الأطفالِ في المدرسةِ، له تأثيرٌ إيجابيُّ ينعكسُ على المجتمع المدرسي كلِّه، ويشملُ الأهلَ والمجتمعَ المحلّيَّ.لذلك، كانَتْ مبادرةُ دولةِ رئيسِ مَجْلِسِ الوزراءِ “نجيب ميقاتي” لإنشاء هيئةٍ وطنيّةِ مُستقلّةٍ تعملُ من أجل المُساعدةِ على تخطّي الأزماتِ التي تُحيط بالمجتمعِ المدرسيّ بشكلٍ عامٍّ”.

أضافت: “ستقومُ الهيئةُ الوطنيّةُ للصّحَةِ النّفسيّةِ بِنَشْرِ الوَعيِّ الوطنيِّ من خِلال كلِّ الوسائلِ المُتاحة، وستُنفّذُ مبادراتٍ -وإن كانت صغيرةً في البدايةِ- بالتّعاونِ مع الجمعياتِ الأهليّةِ والمُنظماتِ الدوليّةِ والإقليمية والمحليّة، وكذلك مع القطاعَيْنِ العامّ والخاصِّ والبلدياتِ، بهدفِ مُساعدةِ تلاميذِ المدارسِ والأساتذةِ والأهل على تخطي المِحَنِ التي مرّوا بها، وذلك بالتأكيد من دونِ أيِّ إلغاءٍ لأيِّ دورٍ من المؤسّساتِ المعنيّةِ بهذا العملِ أو التّقليلِ من شأنِها، لا بل على العكس، سيكونُ دورُ الهيئةِ تقديمَ المساعدةِ حينَ تدعو الحاجةُ”.

وتابعت: “اليومَ، سنُطْلِقُ دراسةً تجريبيّةً لمدرستَيْنِ؛ الأولى، “متوسطةُ عَلْمَا الشعب الرسمية” بالشَراكةِ مَعَ بلديةِ “عَلما الشعب” في أقصى الجنوب، والثانية، “ابتدائيةُ مَي النموذجية” بالشراكة مع “مدرسة العزم” في طرابلس”.