Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر October 22, 2016
A A A
رسم الخرائط بين الموصل وحلب
الكاتب: سميح صعب - النهار

تريد الولايات المتحدة من معركة الموصل ألا تحدث تغييراً في موازين القوى لمصلحة روسيا أو ايران. من هنا كان اصرار واشنطن متلاقياً مع مطالب تركيا والسعودية على عدم اشراك الحشد الشعبي في المعركة باعتبار ان الحشد من القوى التي تدعمها ايران في العراق.

ولا يظهر أدنى اهتمام من الولايات المتحدة بتحذيرات روسية وسورية وايرانية من امكان فرار مقاتلي “داعش” من الموصل الى شرق سوريا. إذ يهم أميركا استراتيجيّاً أن يبقى التواصل البري مقطوعاً على خط بيروت – دمشق – بغداد – طهران. وهذا الانقطاع حصل منذ سيطرة الجهاديين على الموصل وشرق سوريا. صحيح ان واشنطن تود الحاق الهزيمة بـ”داعش” في الموصل، ولكن يهمها في الوقت عينه ان تبقي التواصل البري مقطوعاً من بيروت الى دمشق الى بغداد فطهران. فواشنطن ومعها دول الخليج العربية وتركيا ترى ان هذا التواصل يعزز نفوذ ايران الاقليمي. ولذلك تظهر أميركا تسامحاً حيال انتقال “داعش” من الموصل الى سوريا.

ولا يشكل انتقال “داعش” من الموصل الى سوريا عامل ضغط على ايران وحدها، وإنما أيضاً على روسيا. ولا تمانع واشنطن أو ربما تكون راغبة في استنزاف روسيا في سوريا بتعزيز نفوذ “داعش” فيها بما يفرض على موسكو أن تزج بمزيد من قواتها في الحرب السورية.

ولعل التنبه الروسي الى مثل هذا الاحتمال دفع موسكو الى تعزيز قواتها الجوية والبحرية في سوريا الى مدى يقول حلف شمال الاطلسي إنه الاوسع منذ انتهاء الحرب الباردة.

ولا تريد روسيا أن تجعل حتى معركة حلب ساحة استنزاف لها، لذلك تحاول تارة بالضغط العسكري وطوراً باعلان الهدنات، ان تنهي هذه المعركة التي تؤسس لمعادلة عسكرية جديدة في سوريا.

والملاحظ ان أميركا فتحت معركة الموصل مع تقدم روسيا في معركة حلب. ولا يدخل ذلك في باب المقايضة أو تقاسم الحصص بين واشنطن وموسكو، وإنما في باب محاولة فرض معادلات عسكرية في سياق التنافس الاميركي – الروسي، وخصوصاً مع انسداد الآفاق أمام تسويات سياسية.

ومعركة الموصل هي معركة اقليمية ودولية نظراً الى النتائج العسكرية – السياسية التي ستترتب عليها. ها هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يأسف لان البرلمان التركي عام 1920 وافق على اتفاق لوزان الذي وافقت تركيا بموجبه على الانسحاب من الموصل التي كانت ضمن حدود السلطنة العثمانية.

من الشمال السوري الى الشمال العراقي، تستمر معركة واحدة هي معركة رسم الخرائط ومعها معركة فرض التوازنات الجديدة في الاقليم.