Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر October 5, 2022
A A A
سجالٌ بين المصارف والمودعين على أطلال إنهيار وطن
الكاتب: عبد الكافي الصمد - سفير الشمال

ثلاثة عمليات إقتحام لفروع المصارف سُجلت يوم أمس قام بها مودعون في مختلف المناطق اللبنانية، في مشهد بات مألوفاً ويومياً في مختلف المناطق: الأول في فرع مصرف (FNB) في طرابلس بعدما اقتحم موظفو شركة كهرباء قاديشا فرع المصرف في المدينة إحتجاجاً على اقتطاعه نسبة 3 % من رواتبهم بعد تحويلها إلى منصة صيرفة؛ والثاني إقتحام مودع فرع مصرف (BLC) في شتورة للحصول على وديعته بالعملة الصعبة، ومثله فعل مودع آخر عندما اقتحم فرع بنك بيبلوس في مدينة صور.

هذا المشهد الإقتحامي للمودعين من أجل حصولهم على ودائعهم وجنى عمرهم، بعد احتجاز المصارف ودائعهم ومنعهم من الحصول عليها إلا بالتقسيط وبالقطارة، إكتمل أمس بسجال بين جمعية المصارف وجمعية المودعين، أضاء على أزمة عميقة ومستفّحلة ليس في الأفق القريب ما يشير إلى اقتراب وجود حلّ أو مخرج لها، بل تدلّ معظم المؤشّرات بأنّ الأمور ذاهبة إلى تفاقم أكبر في المرحلة المقبلة.

فقد توجهت جمعية المصارف أمس إلى المودعين بـ”بيان مصارحة”، دعتهم فيه إلى “نقاش للمطالبة باسترداد ما بدّدته الدولة ومؤسساتها من أموال المودعين ورؤوس أموال مساهمي المصارف”، موضحة أنّ “الطرق على باب المصارف لا ينفع طالما الخزّان والصنبور موجودان في مكان آخر”، لافتة إلى أن “المصارف لا تتحمل مسؤولية الهدر، بل تتحمّلها سلطات الدولة التي أنفقت من أموالكم وتأخرت في إقرار خطة التعافي والتشريعات الضرورية لتأمين العدالة لجميع المودعين، وأنّ الدولة نجحت في وضع المصارف في مواجهة المودعين، بينما هي المسؤولة الأولى عن الهدر”.

وحذرت جمعية المودعين من أنّ “مصيراً قاتماً ينتظرنا إذا تلكأت الدولة عن القيام بمعالجات اللازمة، وإذا استمرت الحال على ما هي عليه، لأنّ صندوق النقد سيعلن عن استحالة متابعة المفاوضات مع الدولة اللبنانية، وسينضب الإحتياطي من العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان في المستقبل المنظور، وستعجز الدولة عن تأمين أيّ مشتريات من الخارج، وسيصبح لبنان غير قادر على تأمين أدنى مقومات العيش: من كهرباء وماء ودواء وإتصالات وغيرها، وسيضمحل الأمل باسترداد الودائع، وسيتجاوز إنهيار العملة النسب التي عرفها لبنان خلال الثمانينيات، ويستبدل التجّار ماكينات عدّ النقود بميزان للنقود، والأمثلة موجودة ومعروفة عالمياً”.

ردّ جمعية المودعين جاء سريعاً، إذ أشارت إلى أنّها “حاولت منذ بداية الأزمة أن تصل إلى حل ينصف المودعين مع جمعية المصارف، وخصوصاً من هم بحاجة لتكاليف علاج طبي أو تعليم أو سداد ديون، إلا أنّ جمعية المصارف أعلنت أنها غير معنية بإيجاد حل للمودعين، وأنّ الحلّ عند الحكومة اللبنانية”.

وسألت جمعية المودعين: “لماذا أقرضت المصارف الحكومات المتعاقبة وهي تعلم أنّ الدولة تعاني من فساد مستشرٍ وهدرٍ في مواردها المالية؟ ولماذا تتخذ المصارف تدابير غير قانونية لإذلال المودعين المطالبين بجنى عمرهم، مثل رفض إيداع الشيكات في الحسابات، والتهديد بإغلاق الحسابات، خصوصاً للمودعين المغتربين، بالإضافة إلى عدم دفع الرواتب كاملة للموظفين وعند إستحقاقها؟”، مضيفة: “تستشهدون بالبنك الدولي وهو من قال في أحد تقاريره أنّكم نفّذتم أكبر عملية إاحتيال خدمة لمصالح السّياسيين”.