Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 14, 2022
A A A
رسالة ميقاتي إلى غوتيريس جاءت بناءً على مشاورات بين أركان الدولة
الكاتب: لينا الحصري زيلع - اللواء

 

رغم ان المشهدية الأبرز سياسيا على الساحة اللبنانية هي الاستحقاق الرئاسي والغموض الذي يلف مصيره، ولكن تبقى هناك ملفات مصيرية متشعبة أخرى ومن الواجب معالجتها كأولويات، ومنها ملف النازحين السوريين. والملاحظ في الفترة الأخيرة استحواذ هذا الموضوع على اهتمام خاص من قبل المسؤولين الرسميين لخطورته على الداخل اللبناني بعد الانفلاش الكبير للنازحين على مساحة الوطن، وممارستهم لكافة المهن ومزاحمتهم لقمة عيش المواطن اللبناني، مع غياب واضح لأي خارطة طريق دولية لإعادة هؤلاء الى وطنهم رغم ان المؤشرات تدلّ الى ان الأوضاع الأمنية في سوريا أصبحت أكثر استقرارا وأمنا.

واللافت كان الأسبوع الماضي الرسالة التي وجهها الرئيس نجيب ميقاتي للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس والتي شرح فيها بالتفاصيل معاناة لبنان من جرّاء هذه الأزمة لا سيما انه من الدول المضيفة لأكبر عدد من النازحين مقارنة بمساحته وعدد سكانه، ومع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة التي يتعرض لها لبنان فإن الأعباء زادت على كافة الأصعدة من جرّاء زيادة أعدادهم التي تجاوزت أكثر من نصف عدد سكان لبنان.
كما ان المناشدة الواضحة والصريحة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للنازحين السوريين للعودة الى وطنهم من أجل المحافظة على تاريخهم وثقافتهم وحضارتهم جاءت لتؤكد خطورة بقائهم بلبنان على حساب مواطنيه واقتصاده وأمنه، كاشفا الى انه تطرق الى هذا الملف مع كبار زعماء العالم والمسؤولين الدوليين الذين يلتقيهم وعلى رأسهم البابا فرنسيس.
وفي العودة الى رسالة ميقاتي كشفت مصادر متابعة لمضمون وأهداف هذه الرسالة بأنه بناءً على مشاورات أجريت بين أركان الدولة لا سيما رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب ووزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار تقرر أن يرسل الرئيس ميقاتي هذه الرسالة التي تضمنت نقاطا مهمة، ولفتت المصادر ان صياغة هذه الرسالة كانت بمشاركة واطّلاع بو حبيب وحجار، علما، حسب المصادر، انها لن تقدّم ولن تؤخّر ولكن هدفها الأساسي هو تذكير الأمين العام للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالصعوبات والمشاكل التي يعاني منها لبنان منذ بدء الحرب في سوريا جراء هذا النزوح.
وتؤكد المصادر ان قرار عودة هؤلاء الى بلادهم هو مسؤولية الدول الكبرى الذي يربطون العودة بحل شامل للقضية السورية من خلال استعمال الملف كورقة ضغط ووضع شروط معينة، لذلك تشير المصادر ان عودة هؤلاء ليست مرتبطة بعمل مفوضية اللاجئين التي تحتج بعدم امتلاكها لوائح بأسماء وأعداد النازحين للأسباب الأمنية مع العلم ان هذه حجة ضعيفة.

كذلك فإن المفوضية تعتبر ان سبب وجود الأعداد الكبيرة في لبنان هو العامل الاقتصادي بإعتبار ان هناك عددا غير قليل من السوريين يشكّلون جزءا كبيرا من اليد العاملة لذلك لا يمكن للمفوضية إحصائهم وتسجيلهم كلاجئين لذلك فهي ترفض الاعتراف بالرقم الحقيقي لهم وهي تقدره بأقل من مليون نازح في وقت يعجز فيه لبنان عن القيام بأي إحصاء واضح لهم على أراضيه.
أما فيما يتعلق بالدعم المادي لهؤلاء النازحين تلفت المصادر بأن الأمم المتحدة غير مسؤولة بشكل مباشر عن هذا الدعم وما يقدم لهم من مساعدات مالية هي هبات طوعية وتبرعات تقدمها بعض الدول دون أي قرار بالمبالغ المطلوبة من قبل الأمم المتحدة التي دورها فقط هو الإشراف على توزيع هذه الأموال عبر مفوضية اللاجئين.
المصادر تعترف بأن ليس بمقدور لبنان التصرف مع هذا الملف كما تفعل المملكة الأردنية الهاشمية من تنظيم لأوضاعهم وضبطهم داخل مخيمات مخصصة لهم تتواجد فيها مراكز أمنية أردنية، إضافة الى ان المساعدات الخاصة بهم هي تحت إشراف وتوزيع المملكة، بينما في لبنان وبسبب عجز الدولة فإن المنظمات تحلّ مكانها وتعمل على توزيع المساعدات.
وتشدد المصادر الرسمية المتابعة على ضرورة تكثيف الجهود الأمنية من أجل ضبط الحدود، وتعتبر ان إعادة الملف للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وتكليفه بمتابعته هو أمر مهم، خصوصا ان لدى اللواء إبراهيم تجربة ناجحة في السابق كذلك فإن علاقاته الجيدة مع جميع الأطراف والثقة التي يحظى بها قد تساعده بالوصول الى نتائج إيجابية، لذلك من الجيد فتح قنوات الاتصال والحوار بشكل مباشر مع المعنيين في سوريا من خلاله لإعادة عدد من النازحين الى بلادهم، لانه وحسب المعلومات الواردة من هناك فإن الدولة السورية لا تمانع من عودة مواطنيها من لبنان، وهذا الأمر كان أكد عليه وزير المهجرين عصام شرف الدين عقب زيارته دمشق ولقائه عدداً من المسؤولين والبحث معهم في هذا الملف، وهذه الأجواء تعطي تفاؤلا بإمكانية نجاح اللواء إبراهيم بالدور الذي سيلعبه على هذا الصعيد.

المصادر تشدّد على انه مهما يكن فان حل هذا الملف لا يمكن إلّا أن يكون سياسيا، خصوصا بعد اعتراف معظم دول العالم بأن الرئيس بشار الأسد سيبقى في منصبه وسقوط كل الرهانات حول إمكانية تخليه عن موقعه، من هنا تعود المصادر لتؤكد ان أي حل سياسي لا يمكن أن يكون كاملا إلا بعودة اللاجئين لانه دائما وعبر التاريخ فإن الأزمات لا يمكن أن تحل إلا بعودة النازحين واللاجئين الى أوطانهم.
وتختم المصادر بدعوة الدولة اللبنانية للقيام بمهامها الطبيعية لضبط تحركات جميع النازحين على كافة الأراضي اللبنانية رغم صعوبة ذلك في ظل انهيار الدولة على كافة المستويات.