Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر August 17, 2022
A A A
ماذا دوّنت “الجمهورية” في سطور افتتاحيتها؟
الكاتب: الجمهورية

لاحَت في الافق أمس مؤشرات على احتمال حصول خرق في ملف التأليف الحكومي خلال هذا الاسبوع في ضوء دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى لقاء بينهما اليوم، فيما المؤشرات حيال الاستحقاق الرئاسي تَشي بأنه قد لا ينجز ضمن مهلته الدستورية، ويدلّ الى ذلك المواقف المتصلبة والشروط المتبادلة بين الافرقاء السياسيين حول هذا الاستحقاق الذي قد لا ينجز إلا بتدخل “قوة قاهرة” ما في لحظة سياسية ما، لم تتبلور معالمها بعد، فيما الخارج منشغل عن لبنان بقضايا كبرى باستثناء ملف ترسيم الحدود البحرية الذي ما كان الاهتمام به ليتصاعد لولا مضاعفات الحرب الروسية على اوكرانيا وأزمة الطاقة التي تعيشها اوروبا والغرب عموماً وحاجتهما الى غاز البحر المتوسط ونفطه لتعويض الفاقد الروسي من هاتين المادتين.

ولذلك ينتظر لبنان عودة الوسيط الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتاين الى بيروت في مهلة اقصاها اسبوعين حيث ينبغي ان يحمل جواب اسرائيل على اقتراحات لبنان وما اتفق عليه أخيراً هو شخصياً مع الرؤساء الثلاثة الذين طلبوا منه إحضار جواب اسرائيلي خطّي لكي يبنوا على الشيء مقتضاه، فوعد بإبلاغهم هذا الجواب إما هو شخصيا او بواسطة السفيرة الاميركية دوروثي شيا، فلا هو اتصل حتى الآن ولا شيا نقلت شيئاً. وعلم انّ هوكشتاين الذي غادر لبنان مباشرة الى اسرئيل عبر معبر الناقورة لم يتمكّن يومها من الاجتماع مع اي من المسؤولين الاسرائيليين الذين التقوا يومها في مجلس وزراء مصغّر للبحث في ترسيم الحدود البحرية واطلاق “حزب الله” مسيراته الثلاثة الى حقل كاريش، فغادر اسرائيل على ان يعود اليها لاحقاً. وقبل ايام فاتحَ بعض المسؤولين اللبنانيين السفيرة شيا بأمر الرد المنتظر من هوكشتاين، فابلغت اليهم انها تتصل به هاتفياً ولكنه لا يجيب على اتصالاتها بعد.

 

وأكدت مصادر مطلعة على ملف الترسيم لـ”الجمهورية” ان الاجواء ايجابية ازاء امكان التوصّل الى اتفاق قريباً، لأن واشنطن وتل ابيب باتتا ملزمتين بإقرار حقوق لبنان وحدوده البحرية ولا تستطيعان تأجيل هذا الملف، فالموقف اللبناني صارم هذه المرة ولا تراجع فيه وليس في وارد القبول بأي تأجيل اسرائيلي حتى ما بعد انتخابات الكنيست.

 

وقالت هذه المصادر انّ واشنطن وتل ابيب تأخذان على محمل الجد اكثر من اي وقت مضى تهديدات الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بمنع اسرائيل من استخراج الغاز والنفط ومن التنقيب في البحر المتوسط اذا لم تقرّا بحقوق لبنان وحدوده ولم تسمحا له بالتنقيب والاستخراج في المقابل وفق ضمانات ثابتة وغير قابلة للخرق.

 

المرحلة الاصعب

في غضون ذلك طرح في اوساط مختلفة امس سؤال: هل بدأ المسؤولون يحاكون المرحلة التي تقدم عليها البلاد؟ وقد ارتسَم هذا السؤال في ضوء مؤشرات عدة كان ابرزها امس الجلسة الوزارية التي ترأسها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، والتي اكتملت عناصرها باستثناء القاعة حيث حرص ميقاتي على ان لا تشبه جلسات الحكومة حالياً، أولاً لجس النبض، وثانيا لعدم استفزاز احد… حتى ان تغيير الاسم من مجلس وزراء الى لقاء تشاوري او اجتماع وزاري لم يمح الادلة على مستوى عرض الملفات واتخاذ القرارات.

 

عون لميقاتي: اشتقتلك

وفي معلومات “الجمهورية” ان ميقاتي الذي دعا الى هذه الدردشة تَنبّه الى ضرورة ابلاغ رئيس الجمهورية ميشال عون في شأنها، فبادر الى الاتصال به مُعايداً بمناسبة عيد السيدة وابلغ اليه نيته عقد هذا اللقاء، وكانت المفاجأة انه لمس ودا سريعا من رئيس الجمهورية الذي قال له: “اشتقتلك. وشو بيعمل الانسان لما بيشتاق للتاني؟” فأجابه ميقاتي: “يلتقيه”. فرد عون: “اذاً يمكنك اعتبار هذا الاشتياق دعوة رسمية لك لزيارة القصر”. وتم الاتفاق على اللقاء اليوم.

 

وتوقفت مصادر وزارية عند هذا التطور وقالت لـ”الجمهورية”: “كلمة “اشتقتلك” هي كلمة السر التي ستجرّ معها جملة تطورات تتكشّف في الايام المقبلة”. لكن هذه المصادر أبدت حذرها من طمس هذا الشوق عبر قطع الطريق عليه، وهذا ما برز من خلال البيان الذي صدر عن تكتل “لبنان القوي” وهاجَم ميقاتي مجددا.

 

لقاء طويل

وكشفت المصادر ان اللقاء المقرر اليوم بين عون وميقاتي لن يكون عابراً بل لقاء سيكون طويلا، وسيتركّز فيه البحث على ملف تشكيل الحكومة وربما يحمل مستجدات.

 

وعن الجلسة الوزارية في السرايا الحكومية امس قالت المصادر: “كأنها اول جلسة لمجلس الوزراء بعد الانتخابات النيابية”، وأكدت ان “كل الملفات التي طرحت تم اتخاذ قرارات في شأنها وهي قرارات للتنفيذ”. وسألت المصادر: ماذا يعني مجلس وزراء؟ هو اجتماع يلتئم فيه كل الوزراء برئاسة رئيس الحكومة في السرايا يطرحون مواضيع مهمة تتخذ قرارات في شأنها وتوجهات للتنفيذ وكل هذه العناصر موجودة ما يجعل منها جلسة كاملة الاوصاف والنصاب باستثناء القاعة التي استبدلت فقط”. واوضحت هذه المصادر انّ خمس نقاط جرى التركيز عليها:

ـ أولاً: في موضوع النازحين حيث تقرر ان تجتمع اللجنة الوزاررية المعنية بالملف في أقرب وقت والمرجّح غداً لاستكمال النقاش على أن تكون مرجعية الملف لدى وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار.

 

– ثانياً: في ملف الكهرباء اذ تقرر مجدداً ان تترافَق زيادة التعرفة مع تحسين التغذية وانتظام الخدمة بالتيار ولا زيادة خارج هذا الاتفاق.

 

– ثالثاً: الدولار الجمركي حيث عرض وزير المال للسيناريوهات الثلاثة لرفعه على سعر ١٢ الف ليرة و١٤ الفا و٢٠ الفا، مؤكدا ان السعر الاخير بحسب التقديرات هو الذي من شأنه ان يغطّي تصحيح الاجور التي ستُضرب بثلاثة، ويغطي الحاجات الاساسية. وبما ان رئيس الجمهورية رفض توقيع المرسوم على سعر صيرفة تقرر ان تعتمد آلية يحددها وزير المال مع حاكم مصرف لبنان لاعتماد سعر ٢٠ الف ليرة مؤقتاً، على ان يتغير سعر الدولار الجمركي بحسب تصاعد قيمة الدولار.

 

– رابعاً: في هبة الفيول الايراني. وعلمت “الجمهورية” ان موقف ميقاتي كان لافتا في موضوع الهبة الايرانية فقد بَدا متحمسا لها، واكد انه ينتظر تحديد المواصفات ليبني على الشيء مقتضاه، وابلغ الى الوزراء انه استدعى السفير الايراني للاستفسار واكد له ان لبنان يحتاج هذه الهبة، لكنه يلتزم المواصفات التي اخذها السفير الايراني ليطابقها معها. كذلك اكد ميقاتي انه سيرسل وفدا الى طهران لمتابعة الامر فور تبلّغه بتطابق المواصفات.

 

– خامساً: في ملف ترسيم الحدود البحرية، حيث سُئل ميقاتي اين اصبح هذا الملف وما هي مستجداته؟ فأجاب انه سمع من نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب ان هوكشتاين اكد له التزامه الجواب الايجابي، فسُئل: وهوكشتاين ماذا قال؟ فصمت ميقاتي لثوان وقال: “هوكشتاين بَعدو ما قال شي”. وفهم الحاضرون ان بديل الجواب الايجابي المنتظر خطير جداً ومفتوح على شتى الاحتمالات بما فيها الحرب.

 

وفي ملف النازحين علمت “الجمهورية” ان سجالا حادا حصل بين وزير الشوون الاجتماعية هيكتور حجار ووزير المهجرين عصام شرف الدين على خلفية زيارة الاخير لدمشق الاثنين الفائت، حيث سأل حجار عن مرجعية الملف؟ فأجابه ميقاتي: وزارة الشؤون. عندها قال حجار: “انّ هناك تعدياً على دورها، والتفرد بالقرارات يؤذي القضية المرتبطة بأكثر من جهاز ووزارة”. واضاف: “انا مسؤول ووزير الداخلية مسؤول ووزير الخارجية مسؤول والمدير العام للامن العام مسؤول، فكيف تحصل زيارة كهذه من دون التنسيق معنا؟ فانتفض شرف الدين وقال: “انا مكلّف من رئيس الجمهورية”. فأجابه حجار: “وأين مسؤولية الحكومة؟ وهل كلفت الذهاب على رأس وفد حزبي؟ نحن لسنا “زَقّيفة” والتعنّت لا يولّد الا المشكلات، فهذا الملف يجب العمل فيه كفريق وزاري بعيداً عن المزايدات”. واحتد النقاش الذي حسمه ميقاتي بقوله بالفَم الملآن: “هذا الملف عند هكتور حجار والمرجعية هي اللجنة الوزارية التي ستجتمع خلال الساعات المقبلة لوضع النقاط على الحروف”.

 

وقال حجار لـ”الجمهورية”: ما قمنا به هو حفلة توضيح ولو بصوت عال، لا اكثر ولا اقل. انا لا أبتغي المشكلات مع احد ولا الخلاف الشخصي ولا السياسي، المنطق يقول ان هذا الملف يحتاج الى مقاربة واعية جدية ووطنية لا حزبية او فئوية، ونحن لم نصدق كيف ان كل القيادات في لبنان اصبحت على قلب واحد في موقفها تجاه هذا الملف وضرورة عودة النازحين، فلماذا نضعفه بقرارات وخطوات متفردة؟”.

 

شرف الدين

وأبلغ وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين، العائد من دمشق الى “الجمهورية”، انه فوجئ بحجم “الايجابية الكبيرة” التي أبداها وزيرا الداخلية والادارة المحلية السوريين حيال معالجة ملف النازحين أثناء اجتماعه بهما، موضحاً انه عاد من زيارته الأخيرة لدمشق “اكثر من مرتاح”. ولفت الى انه لمس لدى المسؤولين السوريين “جدية كاملة في مقاربة هذا الملف والاستعداد لمنح اقصى التسهيلات الممكنة لإعادة النازحين من دون التوقف لا عند سقف عددي ولا عند حدود مناطقية”.

 

واشار الى أهمية معالجة أزمة النازحين في إطار إنساني محض بعيداً من اي استثمار سياسي “وهذا ما نلتقي عليه مع دمشق”. واكد انه سيُطلع المسؤولين اللبنانيين الكبار على حصيلة زيارته “حتى يبنى على الشيء مقتضاه”، داعيا المجتمع الدولي إلى التجاوب مع المسعى اللبناني السوري لإعادة النازحين “ونحن مستعدون للتعاون في هذا المجال وتدوير الزوايا لكي نصل الى تقاطعات مشتركة”.

 

وأفادت مصادر مطلعة ان وزير السياحة وليد نصار اعتبر خلال الاجتماع الوزراي امس ان زيارة وزير المهجرين لدمشق “لم تكن منسّقة كما يجب”. كذلك تدخل وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار مشيراً الى انّ ملف النازحين يندرج في إطار صلاحياته، فما كان من شرف الدين الا ان رد عليهما بحِدة مُدافعاً عن صلاحياته.

 

“لبنان القوي”

وكان تكتل “لبنان القوي” قد نَبّه خلال إجتماعه الدوري امس الى “خطورة الإمتناع عن تشكيل حكومة تحت ذرائع مختلفة”، وحذّر “مما يُشاع عن وجود فتاوى جاهزة تتيح لحكومةٍ مستقيلة أن تقوم مقام رئيس الجمهورية في حال عدم انتخاب رئيس جديد في المهلة الدستورية”. وقال ان “أي محاولة في هذا الإتجاه مرفوضة قطعاً وهي تفتح باباً للفوضى الدستورية وربما أكثر وتُطلق عرفا قد يجرّ الى أعراف جديدة”، واكد أن “المطلوب في أسرع وقت أن يقوم رئيس الحكومة المكلف بدوره في تشكيل حكومة جديدة آخذاً في الإعتبار الشراكة الدستورية لرئيس الجمهورية في عملية التأليف، وأن لا يجنح احد في البلاد الى أي مغامرات تضرب الدستور والميثاق”. واكد رفضه “أي فراغ في رئاسة الجمهورية في الظروف التي تمر بها البلاد”، مؤكداً “أن الإنتخابات يجب أن تحصل في المهلة الدستورية على قاعدة إحترام الميثاق والدستور”. واعتبر “أن المرشح لرئاسة الجمهورية يجب أن يكون ممثلاً لبيئته، أي أن ينتمي الى كتلة نيابية ذات تمثيل وازن لدى بيئته أو في أسوأ الحالات أن يكون مدعوماً من الكتل النيابية الوازنة، أما ترشيح من لا صفة تمثيلية له فهو أمر من زمن مضى ولن نقبل ان يعود”.

 

دعم بريطاني

من جهة ثانية اكد السفير البريطاني هايمش كاول، إثر زيارته ميقاتي امس، “التزام استمرار المملكة المتحدة دعم الجيش اللبناني والمجتمعات الأكثر ضعفاً في لبنان”. ولفت إلى أن “المملكة المتحدة تريد ان ترى الاستقرار والازدهار والأمن في لبنان”. وقال: “لهذا السبب حَضّيتُ السلطات على إجراء إصلاحات عاجلة من أجل تأمين صفقة مع صندوق النقد الدولي، وهذا ضروري لوضع لبنان على طريق مسار التعافي، لاستعادة ثقة رجال الأعمال والمستثمرين ولمعالجة الصعوبات العديدة والجديّة التي يواجهها الشعب اللبناني”. وختم مؤكداً أن “المملكة المتحدة سوف تدعم لبنان في هذا المجال”.