Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر June 8, 2022
A A A
أطفال لبنان بخطر: سوء تغذية.. أمراض.. حرمان وأكثر!
الكاتب: باميلا كشكوريان السمراني - الديار

 

لم يتوقّع أطفال لبنان أن يولدوا، ينموا فيكبروا في وطن عاجز عن تأمين الرعاية بشتّى أنواعها، فما ذنب الطفولة في لعبة الكبار، أطفالنا في الليل ما عادوا يحلمون والآباء في عيونهم الحسرة على ضنى يكبر بحرمان وبيئة صحيّة موبوءة وأمن غذائيّ مُهدّد ودولة فاشلة، يدفع الصغار والكبار فيها ثمن طمع مسؤوليها وأنانيتهم.

بأي ذنب تُرجم طفولة جيل، لم يختر لبنان وطنا له، بل لعب القدر لعبته فوُلد فيه، بأي ذنب تُضرب الطفولة في قصاص مطلق على ذنب لم ترتكبه؟

 

 

فالحرمان سيّد الموقف، والتغذية في خبر كان والتقشّف عنوان المرحلة، والبديل ليس سوى صناعات ومنتوجات بديلة لا تمت لمقاييس التغذية الصحّية بِصلة…

وزارة الصحّة واليونيسف في تقرير مفصّل

خطر الوضع السائد أظهرته جلياً نتائج المسح الذي قامت به وزارة الصّحة العامة في لبنان مدعومة من اليونيسف، وشمل أطفالاً دون سن الخامسة ونساءً في سن الإنجاب فتسعة من كلّ عشرة أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهراً لا يتلقون الحد الأدنى من النظم الغذائية اللازمة لصحتهم ونموّهم وتطوّرهم. إضافة الى نحو 200 ألف طفل دون الخامسة في لبنان يعانون أحد أشكال سوء التغذية مثل كفقر الدم ونقص النمو وانخفاض الوزن بالنسبة للطول وغيرها العديد من الأمراض.

في هذا الإطار توقّعت منظمة الأمم المتحدة للأطفال «اليونيسف» في تقرير نشرته في شباط الماضي ارتفاع هذه الأعداد بشكل لافت في ظل اشتداد الأزمة المتشعبة في لبنان.

الحسرة في كلمة الأمّهات!

في دردشة مع فريق الديار مع «فاتن» وهي أمّ لثلاثة أولاد أكبرهم يبلغ التاسعة من عمره وأصغرهم لم يبلغ عامه الرابع بعد، تتحسّر «فاتن» على الوضع المعيشي القسري الذي يعيشه أبنائها خاصّة وأنّها بسبب ارتفاع الأسعار باتت تلجأ الى شراء سلع بديلة بأسعار منخفضة فتقول: «لن أقبل أن أرسل أولادي الى المدرسة دون غذاء يليق بهم وبصحتم، ولن أقبل طبعاً أن ينظر أبنائي بحسرة نحو رفاقهم بسبب ما يحملون، لذا وللتعويض، بت أرسل مع أولادي زوادة أشبه بالبسيطة انما تفي بالغرض بالرغم من أنّ الحلويات والسكاكر (Friandises) ليست بالمستوى المطلوب صحياً، فكلّها مُصنّعة محلياً بمواصفات أدنى من المطلوب إلّا أنّ هذا ما بوسعي تقديمه لهم عدا عن حرمانهم من مشراء الثياب والألعاب، لا يمكنني أن أحرمهم من الأكل أيضاً الذي باتت كلفيته كبيرة جداً جداً».

أمّا «بهية» أم لولدين، نزحت من جرود عكار نحو منطقة شكا في قضاء البترون، تعمل في مجال التنظيفات في أحد المنتجعات السياحية في المنطقة مقابل راتب زهيد، تخاف عتمة الليل خوفا من نوم أطفالها والجوع يغمرهم لأن البراد خالٍ إلّا من الخبز الذي بات مفقوداً في بعض الأوقات كما تقول. فهي تكتفي بتحضير وجبة واحدة في اليوم، وتقدّمها لأطفالها ظهراً بعد عودتهم من المدرسة فتصف الوضع قائلة: «نحن جثث متحركة، فالموت أرحم من عيشة فيها الذلّ وقلّة التغذية، أطهي اللحوم كلّ شهر أو شهرين وبنسبة قليلة جداً، فأطفالي يقتاتون الخضار في الحساء مع فتيتات الخبز وأقنعهم بأنّها من أفخم الأكلات… فما ذنبهم؟»

طبّ الأطفال يُحذّر من تفاقم الأوضاع!

في القراءة الطبية للوضع المذري، يجزم طبيب الأطفال عماد الهاشم للديار أنّ نسبة أمراض الأطفال الناجمة عن سوء التغذية لا تزال تتابع أسهم تصاعدها يوما بعد يوم خاصّة وأنّ المواد الأولية التي تستعمل للتصنيع والإنتاج لا تتوفر فيها الشروط الصحية المطلوبة.

أمّا بالنسبة للأمراض اللافتة يقول: «زيادة مرتفعة جدا في نسبة الأطفال المصابين بفقر الدم، إضافة الى البطىء في النمو وأمراض السكري وغيرها وما يزيد من حجم الأمراض هو ارتفاع كلفية العلاجات هذا إن وُجد الدواء، فمعظم الأهالي عاجزين عن تأمين العلاج باهظ الثمن، فباختصار الوضع يصبح أكثر سوءاً ونتخوّف من رداءة الوضع الصحي أكثر في الأيام المقبلة مع استمرار الأزمة الإقتصادية في لبنان.

إذاً هنا لبنان، هنا يدفع الأطفال فواتير ألعاب الكبار، فيبقى الثمن هو الحرمان والعجز عن عيش الطفولة بكافة معانيها وتفاصيلها، هنا تميل الدفّة الى ميناء الفقر، الجوع حيث سينتظر الأطفال على شاطىء الأمل بانتظار الإستقرار والأمن والأمان…!