Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر January 31, 2022
A A A
محادثات فيينا تبلغ عتبة الحسم: الاتفاق أقرب ما يكون… وأبعده!
الكاتب: محمد خواجوئي - الأخبار

بات من الواضح أن المفاوضات النووية الجارية في فيينا قد وصلت إلى نقطة الحسم، وهو ما دفع الوفود المشارِكة فيها للعودة إلى عواصمها من أجل التشاور، الكفيل بإيصال الجميع إلى مرحلة اتّخاذ القرار. ولكن على رغم تلك المؤشّرات الإيجابية، وربّما بسببها تحديداً، يبدو واقعياً ما قاله مسؤول أميركي، في حديث إلى موقع «أكسيوس»، قبل أيام، من «(أنّنا) أقرب ما نكون إلى التوصّل إلى اتفاق، ولكنّنا أقرب ما نكون إلى انهيار المحادثات»

طهران | يُستشَفّ من الأنباء والتصريحات الصادرة حول المحادثات النووية الجارية في فيينا، أنها حقّقت تقدّماً، بات يحتّم على الأطراف اتّخاذ القرار النهائي. استحقاقٌ دفَع هذه الأطراف إلى إيقاف المفاوضات مؤقّتاً، يوم الجمعة، لإجراء مشاورات حاسمة في عواصمها. ومن هذا المنطلق، أعلن منسّق اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، إنريكي مورا، في تغريدة على موقع «تويتر»، أن الدبلوماسيين عادوا إلى العواصم، من أجل «تلقّي التعليمات»، مضيفاً إن «ثمّة حاجة، في الوقت الحاضر، إلى اتّخاذ القرارات السياسية». كذلك، غرّد المندوب الروسي، ميخائيل أوليانوف، أن «المحادثات وصلت إلى مستوى متقدّم، وباتت بحاجة إلى قرارات سياسية». وجاء هذا في وقت نقلت فيه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن أحد الدبلوماسيين قوله إن «مسار المحادثات إجمالاً بنّاءٌ ويمضي قدماً»، وإنه «في حال اتّخذت الأطراف الأخرى القرارات اللازمة، بعد عودتها من عواصمها، فإن ثمّة إمكانية للتحرّك بشكل أسرع، باتجاه التوصّل إلى الاتفاق».

وكانت محادثات شهر كانون الثاني، أطول من الجولات السابقة، إلّا أنها تميّزت بالسرعة؛ إذ عقدت الوفود المفاوضة سلسلة لقاءات مكثّفة، وسط تفاؤل إيراني ــــ غربي بخروج المحادثات بنتيجة إيجابية. كما أن الأيام التي عاد فيها المفاوِضون إلى بلدانهم للتشاور، شهدت اشتداداً لوتيرة الاتصالات، على مستوى قادة الدول. وفي أحدث تطوّر في هذا المجال، أجرى الرئيسان، الإيراني إبراهيم رئيسي، والفرنسي إيمانويل ماكرون، مكالمة هاتفية، ليل أول من أمس، شكّلت محادثات إحياء الاتفاق النووي محورها، وفقاً للتقارير المتداولة. وجدّد ماكرون اقتناعه بأن الحلّ الدبلوماسي ممكن وحتمي، مشيراً إلى أن «أيّ اتفاق سيتطلّب التزامات واضحة وكافية من مختلف الأطراف». وفي الإطار ذاته، تحدّث ماكرون إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وذلك غداة إعلانه أن «ثمّة علامات تؤشّر إلى أن المحادثات يمكن أن تخرج بالنتيجة المرجوّة».
وفي فيينا، تخطّى المفاوضون بعض القضايا الخلافية الموجودة في مسوّدة الاتفاقات، فيما بدأت تتحوّل الأفكار إلى كلمات وجُمَل قد تكون محور الاتفاق. إلّا أن المواضيع المفتاحية تبقى قيد التشاور؛ ذلك أنّها تتطلّب قرارات سياسية جريئة من قِبَل واشنطن وطهران. وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن تقدّماً حصل في المسوّدات الأربع، أي الخطوط العامّة للاتفاق، وتفاصيل رفع العقوبات، والالتزامات النووية الإيرانية، وأخيراً التحضيرات التنفيذية. وبحسب المعلومات، فإن المواضيع الرئيسية التي هي موضع خلاف في الوقت الحاضر، تتركّز في تحديد آلية «حسم وضع اليورانيوم المخصّب، وأجهزة الطرد المركزي الإيرانية المتطوّرة»، و»التحقّق من رفع العقوبات الأميركية عن إيران»، و»تقديم ضمانات بعدم انسحاب أميركا مجدّداً من الاتفاق». ومن هنا، تقول الأوساط الدبلوماسية الإيرانية إنه على الرغم من أن المحطّات الآتية تبدو صعبة بعض الشيء، إلّا أن التوصّل إلى اتفاق لا يبدو مستحيلاً، بل أمراً محتملاً، في نهاية شهر آذار.

تجرى مشاورات للإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمّدة في البلدان الأخرى

وفيما تجرى المحادثات بين واشنطن وطهران بصورة غير مباشرة ومن خلال وسيط، يرى البعض أن هذا الأمر جعل المفاوضات أكثر تعقيداً وبطئاً. وعليه، ثمّة احتمالٌ لأن يلتقي الدبلوماسيون الإيرانيون والأميركيون، في غضون الأسابيع المقبلة، وجهاً لوجه، في خطوة تهدف إلى إعطاء المحادثات زخماً أكبر، والتسريع في تقليص هوّة الخلافات. وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، قد أثارا، الأسبوع الماضي، إمكانية إجراء حوار مباشر مع ممثلي الولايات المتحدة، إن اقتضت الضرورة ذلك. ويرى كثيرون أن التصريحات الأخيرة للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي الخامنئي، بأن «التعامل مع العدو لا يعني الاستسلام له»، تشكّل ضوءاً أخضر لإجراء محادثات مع واشنطن، إلّا أن ذلك لم يكن كافياً لمنع تعرُّض عبد اللهيان وشمخاني لانتقادات من بعض الأوساط والشخصيات القريبة من الخامنئي. إذ وصفت صحيفة «كيهان»، في مقال بقلم رئيس تحريرها، حسين شريعتمداري، تصريحات المسؤولَين بـ»غير المدروسة»، معتبرة المحادثات مع أميركا بمنزلة «الانغماس في الوحل»، الذي أعدّوه لإيران.
في غضون ذلك، تجرى مشاورات للإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمّدة في البلدان الأخرى، في ما يمكن اعتباره مؤشّراً إلى حصول انفراجة، وإلى كون محادثات فيينا باتت واعدة. وفي هذا السياق، أفادت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية بأن كوريا وإيران تعتزمان إجراء محادثات في سيول، اعتباراً من الشهر المقبل، ضمن مجموعة عمل لمناقشة كيفية تحويل الأموال الإيرانية المجمّدة (نحو 7 مليارات دولار) في حال رفع العقوبات، إضافة إلى غيرها من القضايا التي قد تطرأ في حال فشل المحادثات. وأبلغ مصدر مسؤول في كوريا الجنوبية، «يونهاب»، أن البلدين قد يتبادلان الآراء بشأن احتمال استئناف صادرات النفط الإيرانية إلى كوريا الجنوبية، في حال رفع العقوبات.