Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر January 22, 2022
A A A
الموازنة ستمرّ في مجلس الوزراء ثمّ في البرلمان رغم الزيادات الضريبيّة الثقيلة!
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

 

 

تتجه الأنظار في الداخل والخارج الى جلسة مجلس الوزراء يوم الإثنين المقبل في 24 كانون الثاني الجاري، لا سيما بعد «تعطيل» الجلسات الحكومية التي استمرّت منذ أحداث الطيّونة في 14 تشرين الأول الماضي.وعلى جدول أعمال الجلسة الأولى للمجلس 56 بنداً على رأسها مشروع قانون الموازنة العامّة لعامي 2021 و2022، فضلاً عن مشاريع قوانين وظيفية وإدارية تتعلّق بالواردات والنفقات وببدلات النقل للموظفين والتعويضات الشهرية للعسكريين، وبمنح التعليم وساعات التدريس للمعلّمين وسواها، على أن تتمّ خلال الجلسات الحكومية اللاحقة مناقشة خطّة التعافي الإقتصادي التي من شأنها معالجة بعض القطاعات الأساسية، لا سيما منها قطاع الكهرباء، بهدف إنقاذ البلاد من الإنهيار المستمر حتى مع انخفاض سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء من نحو 33 ألف ليرة لبنانية الى 23 الف ل.ل.

غير أنّ هذه الموازنة التي تفرض المزيد من الضرائب على اللبنانيين، خصوصاً فيما يتعلّق بالزيادات الضريبية على فواتير الكهرباء والماء والهاتف، لن تُرضي المواطنين الذين باتوا يرزحون تحت خط الفقر بنسبة 70 %، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، وإن كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تحدّث عن أنّها موازنة غير مسبوقة كونها خالية من الديون. فما يهمّ المواطن اليوم هو أن تقرّ الحكومة مشروع الموازنة الذي من شأنه تسهيل عقد الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، بهدف إيجاد الحلول لمشاكله اليومية والحياتية المتفاقمة والتي لم يعد قادراً على تحمّلها، لا أن ياتي هذا الإتفاق على حسابه.

ولكن، على ما يبدو، فإنّ مشروع الموازنة، على ما أضافت المصادر، لا يأتي للتخفيف من كلّ ما يُثقل كاهل المواطنين، بل على العكس يفرض الضرائب على الأمور الحياتية واليومية التي لا يُمكن الإستغناء عنها، مثل الماء والكهرباء والهاتف وما الى ذلك. علماً بأنّه يُمكن توفير الواردات لميزانية الدولة من أموال الأغنياء، لا سيما من أولئك الذين نهبوا الأموال العامّة، كما من فرض الضرائب على الكماليات بدلاً من أخذها من جيوب المواطنين التي باتت فارغة أساساً بفعل السياسات الحكومية المتعاقبة. كذلك فإنّه مقابل زيادة الضرائب ليس من أي مشروع لتصحيح الرواتب والأجور لكي يتمكّن المواطنون من دفع هذه الزيادات.

وبرأي المصادر نفسها، أنّه رغم ذلك، فإنّ الموازنة العامّة ستمرّ في مجلس الوزراء خلال جلسات عدّة، كما طرحها ميقاتي، وستذهب بعد ذلك الى مجلس النوّاب حيث سنشهد على مدى يومين أو ثلاثة إستعراضاً من قبل بعض القوى السياسية تُدافع خلاله عن مسألة تحميل المواطنين أعباء إضافية من خلال زيادة الرسوم الضرائبية، لا سيما وأنّنا على عتبة الإنتخابات النيابية المقبلة. إلّا أنّ لا شيء سيتغيّر، وستمرّ الموازنة كذلك في المجلس النيابي.

وأشارت المصادر الى أنّ المهم في إقرار الموازنة العامّة هو التمهيد لتوقيع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، سيما وأنّ هذا الأخير من شأنه تشجيع بعض الدول المراقبة على تقديم القروض الميسّرة للبنان للقيام بالمشاريع الإصلاحية، كذلك فإنّ تثبيت سعر صرف الدولار الأميركي، في السوق السوداء كما على سائر المنصّات القائمة، إذا نجحت الحكومة في تنفيذه من دون أي تفلّت من أي جهة، وهو أحد شروط صندوق النقد، سيُساهم أيضاً في استعادة ثقة المجتمع الدولي بالحكومة الحالية. وهذه الثقة لا بدّ وأن تُضاعف من انفتاح دول الخارج على لبنان من جديد، ومن جلب المزيد من المشاريع الإستثمارية، غير أنّ احتساب الدولار على سعر 20 ألف ل.ل، على ما تلحظه الموازنة، لن يُريح المواطنين، بل سيحمّلهم أعباء إضافية لأنّ هذا السعر ليس متدنيّاً، على ما يعتقد المسؤولون، لا سيما وأنّ اللبنانيين ما زالوا يقبضون رواتبهم على سعر الـ 1500 ل.ل.

ومن هنا، تجد المصادر أنّ الشعب اللبناني سينتفض بعد إقرار هذه الموازنة، وإذا كانت الشوارع لن تكون ساحة انتفاضته هذه المرّة، إلّا أنّه سيُحاسب المسؤولين حتماً في صناديق الإقتراع الذين قاموا بلعبة رفع وخفض الدولار من 1500 ل.ل. الى 33 وملامسته الـ 34 ألفاً، بهدف تثبيته أخيراً بحجّة توحيد سعره للإتفاق مع صندوق النقد على سعر الـ 20 ألفاً ، ظنّاً منهم أنّ الشعب سيرضى بذلك. علماً بأنّ هذا الشعب نفسه كان يرفض زيادة الـ 5 آلاف ل.ل. على سعر صفيحة البنزين، كما قام بانتفاضة 17 تشرين الأول من العام 2019 على السلطة بعد أن أقرّ مجلس الوزراء فرض حزمة جديدة من الرسوم، منها فرض رسم 6 دولارات على الإتصال بواسطة تطبيق «واتساب»، وزيادة الرسوم على المشتقّات النفطية والسجائر، فكيف سيسكت اليوم عن تثبيت سعر الدولار على 20 ألفاً من دون أي زيادة على الرواتب والأجور تتناسب مع هذا السعر المرتفع؟!

أمّا خطّة التعافي الإقتصادي والإصلاحات المطلوبة أيضاً من قبل الصندوق، فستكون على قائمة جدول أعمال مجلس الوزراء بعد الإنتهاء من إقرار الموازنة العامّة، على ما أكّدت المصادر عينها، سيما وأنّها كانت من أحد الأسباب المهمّة التي أعادت الثنائي الشيعي الى مجلس الوزراء بهدف السعي من أجل الحدّ من الإنهيار الإقتصادي وتحسين الوضع العام في البلاد. غير أنّ المصادر تخشى أن يتمّ استخدام هذه الخطّة لإقرار بعض التعيينات التي تجعل الأمور تُراوح مكانها ولا يحصل أي تحسين إقتصادي مرتقب. فالحلول للأزمة الإقتصادية والمالية المتفاقمة قد لا تتوصّل الحكومة الى إيجادها خلال الأشهر المقبلة التي تفصلنا عن الإنتخابات النيابية المقبلة، ليس لأنّها لا تملك عصا سحرية، بل لأنّ بعض الأطراف أو الأحزاب يودّ استغلال تفقير الناس وتجويعهم لشراء أصواتهم بأبخس الأثمان. علماً بأنّ مشروع استجرار الغاز والطاقة من مصر والأردن عبر سوريا الى لبنان الذي كان يجب أن يُصبح موضع تنفيذ خلال الشهر الحالي، بهدف تغذية لبنان بالكهرباء عشر ساعات يومياً ، شابته العوائق، لهذا لم يتحقّق حتى الساعة، لكنه لا يزال قائماً، على ما أكّدت المصادر، غير أنّ ميقاتي فضّل عدم إعطاء تواريخ جديدة ومواعيد محدّدة له، خشية ألّا تصدق هذه الأخيرة على غرار ما حصل جرّاء الوعود السابقة بأنّه سيُصبح حقيقة مع مطلع العام الجديد (2022).

فهل يحتاج الشعب الى «ثورة» جديدة لإعادة الوضع الإقتصادي الى ما كان عليه، قبل انتفاضة 17 تشرين، أم أنّ بإمكانه إحداث التغيير في صناديق الإقتراع؟ حتى الساعة، تُجيب المصادر نفسها، بأنّ الإجابة عن هذا السؤال تبقى بعهدة الشعب الذي فضّل عدد كبير منه الهجرة بحثاً عن فرص العمل في دول الخارج، فيما يعتمد بعضه الآخر على بعض المساعدات الخارجية التي تأتيه من أفراد العائلة، أمّا القسم الثالث الذي لا يزال صامداً حتى الساعة، رغماً عنه ربّما، فيريد إحداث التغيير في صناديق الإقتراع، غير أنّه لا يزال ينتظر رؤية وجوه جديدة فاعلة يستطيع الإعتماد عليها لبناء الدولة الحديثة التي يطمح بها.