Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر December 25, 2021
A A A
ماذا دوّنت “النهار” في سطور افتتاحيتها؟
الكاتب: النهار

ساد الجمود السياسيّ المشهد الداخلي تاركاً للّبنانيّين أن يعايدوا سهرة عيد الميلاد على نحوٍ غير بعيدٍ من ظروف السّنة الماضية، سواء لجهة الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية التي ازدادت انهياراً وتفاقماً وتقهقراً، وارتفعت معها أعداد المحتاجين والمعوزين والفقراء أضعافاً مضاعفة، أم لجهة الموجة الجديدة من تفشّي المتحوّر الجديد لكورونا “أوميكرون” الذي يجتاح العالم، إذ تسجّل أرقام الإصابات في لبنان ارتفاعاً كبيراً فاق أمس الألفي إصابة و16 حالة وفاة. وإذا كانت أجواء الميلاد في لبنان شابها الكثير من الحذر، بل القلق بسبب استفحال الأزمات، فإن انعدام أفق الحلّ والتخبّط، الذي يطبع واقع السّلطة والقوى المتصارعة عبرها، لا يُنبئ بأنّ نهايةً وشيكةً له باتت متاحة بل إنّ التطورات التي حصلت في الأيام الأخيرة، وتحديداً الاهتزاز الذي حصل بين التيار الوطني الحرّ والثنائي الشيعيّ، وإن لم يبلغ في رأي كثيرين حدود الطلاق بين التيار و”حزب الله”، سيرخي مزيداً من العراقيل والتعقيدات على المحاولات التي كانت جارية لإنهاء أزمة تعطيل جلسات مجلس الوزراء.

ولذا اكتسبت رسالة الميلاد التي وجّهها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أهمية بالغة في ظلّ المواقف التي تضمنت إدانة حادّة للمسؤولين، خصوصاً لجهة تركيزه تكراراً على سيطرة جهة أحاديّة على المؤسّسات. وفي هذا السياق، تساءل الراعي “متى نستعيد الضمير الوطني ونستذكر مجد دولة لبنان وعظمة هذا الشعب المؤثر في الحضارة العالمية، علّنا ننجح في وقف المسار الانحداري لوجودنا؟ فإذا كانت الشعوب العربيّة تمنّت في مرحلة معيّنة تغيير أنظمتها، فنحن نطالب باستعادة نظامنا الديمقراطيّ، لأننا نعيش منذ سنوات في حالة اللانظام، وباسترداد دولتنا، لأننا نعيش خارج سقفها، وهي تعيش خارج شرعيتها ودستورها وميثاقها، وتخضع لفرض إرادة أحاديّة عمداً على المؤسّسات الدستورية حتى تكبيلها وتعطيلها”.

وقال: “لو كانت المحبّة موجودة في حياتنا الوطنية، وفي قلوب المسؤولين، لما بلغنا ما بلغناه، ولما كان الشّعب يرزح تحت أكبر مأساة في تاريخه. حبّذا لو يسير المسؤولون بين الناس، ويطوفون في الشوارع، ويزورون أحياء المدن والقرى، ويدخلون إلى البيوت، ويتكلّمون مع الآباء والأمّهات، ويستمعون إلى أنين الموجوعين، وصراخ الأطفال، وآلام المرضى، ويستطلعون عدد الذين ينامون من دون طعام، وعدد الذين يفتقرون إلى القرش، وعدد الذين لا مأوى لهم، وعدد الفتيات والفتيان الذين لم يسجّلوا في المدارس والمعاهد؛ ولو أنّهم نظروا إلى ما عليهم من مستحقّات تجاه المستشفيات، والمدارس المجانية، والمياتم، والمؤسّسات الإنسانية لذوي الحاجات الخاصّة، والمحاكم الروحية المسيحية منذ 2 و3 و4، لخجلوا من نفوسهم، واستقالوا من مناصبهم. ولكن بالرغم من كلّ ذلك نرى أهل السلطة غارقين في صراعاتهم ويبحثون عن حيل وتسويات ومساومات للانتقام من بعضهم البعض ولإبعاد أخصامهم وتعيين محاسيبهم، والتشاطر في كيفية تأجيل الانتخابات النيابية والرئاسية عن موعدها الدستوري، لغايات في نفوسهم ضد مصلحة لبنان وشعبه”.

وكرّر الراعي “أن باب الإنقاذ والخلاص الوحيد هو إعلان حياد لبنان الإيجابي الناشط، تنفيذاً للميثاق الوطني الرافض تحويل لبنان مقرّاً أو ممرّاً لأيّ وجود أجنبي، وحماية للشراكة والوحدة، وإفساحاً في المجال لحسن تحقيق دور لبنان. عندما نقول لا تستقيم الشراكة والوحدة من دون حياد لبنان، لا يعني أننا نحن من يشترط ذلك، بل هي طبيعة لبنان الجيوسياسية التي تحتّم التزام الحياد من أجل الشراكة والوحدة. لبنان من دون حياد يقف دوماً على شفير الأزمات والانقسامات والحروب، بينما لبنان الحياد يعيش في رحاب الوحدة والسلام والاستقرار والازدهار والنموّ. ونوضح أن لبنان لا يستطيع أن يكون حيادياً إزاء ثلاثة: إجماع العرب إذا حصل، وإسرائيل، والحق والباطل. في اجتماع الإثنين الماضي سلّمت الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس مذكّرة احتوت مواقفنا المعهودة من الحياد، والمؤتمر الدوليّ الخاصّ بلبنان، ووجوب تنفيذ جميع القرارات الدوليّة دون استنسابيّة وتجزئة، لاسيما أنّ دولة لبنان وافقت عليها تباعاً. وأكّدنا للأمين العام ضرورة أن تتحرّك الأمم المتحدة قبل سواها لبلورة حلّ دوليّ يعكس إرادة اللبنانيين”.

ميقاتي

في غضون ذلك، حاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تبديد الانطباعات السلبية حيال زيارته الأخيرة لعين التينة، فأكّد أنّ علاقته برئيس مجلس النواب نبيه برّي “لا تشوبها شائبة أو يداخلها تباين أو توتر”. وقال ميقاتي في حديث عبر “النهار” إنّها “علاقة أكثر من طبيعية بيننا وبينه، وهي تنطلق من حرص كلينا على السعي لإعادة الأمور في البلاد إلى مناخاتها الطبيعية ومساراتها الإنتاجية والمثمرة، وطيّ صفحة التأزّم إلى غير رجعة”. وأضاف أن “المشهد الأخير الذي سجّل أمام مدخل مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة فسّره البعض على نحو خاطئ، وربّما مغرض، وحُمل على محمل مغاير لحقيقة ما حصل، وجوهر ما جرى”. واستطرد بأنّ “حقيقة ما جرى أنّ الرئيس برّي أبلغني عرضاً ما، وعندما سمعت ما انطوى عليه هذا العرض كانت ردّة فعل فورية رافضة من قبلي، فما كان من دولة الرئيس برّي إلّا أن قال لي بكلّ أريحيّة معك حقّ بهذا الاعتراض. وما حصل حقيقة أنني لم أنزعج من الرئيس برّي بل من طوايا العرض الذي نقله إليّ، ولم أشعر أنّه كان متمسّكاً به”.

وأشار ميقاتي إلى أنّ “الأمور هي حاليّاً على صورتها المعروفة وعلى حالها من الجمود”، وقال إنّ “كلّ المبادرات الممكنة مؤجّلة إلى ما بعد عطلة الأعياد المجيدة”، مضيفاً “نحن عملنا بجهد ودأب طوال الفترة الماضية ما في وسعنا أن نعمله، لذا فإنّ ضميرنا مرتاح. وأنا على يقين بأنّ جهودنا ومساعينا طوال الأسابيع الماضية قد انعكست بقدر من الإيجابية على المسارات الداخلية، وتحديداً على عمل مؤسّسات الدولة، ولاسيّما استقلالية مؤسّسة القضاء التي نحترم، وعلى مطالب ذوي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، فضلاً عن محافظتنا على الصورة العربية والدولية للبنان. ومع ذلك نعرف بأنّه يقع على عاتقنا الشيء الكثير. لذا أملنا كبير بتحقيق إنجازات أكبر وأهمّ خلال الأيام المقبلة”.

وفي سياق المواقف السياسية، اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في سياق معايدته اللبنانيين بعيدي الميلاد ورأس السنة أن “أفضل عيدية للعام 2022 هي الانتخابات النيابية وما ستحمله من تغيير محتّم، يؤدّي إلى بدء عملية إنقاذ حقيقية تنهض بلبنان من جديد، وتضعه حيث يجب أن يكون. ونحن على هذا الصعيد بانتظار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية لتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في أسرع وقت ممكن”. وقال “إن أفضل عيدية نقدِّمها لأنفسنا وللبنان هي في التحضير لخوض غمار التغيير من خلال صناديق الاقتراع في الأشهر القليلة المقبلة”.

وزار لبنان أمس وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني متفقداً كتيبة بلاده في قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب بعدما التقى الرئيس ميقاتي ووزير الدفاع وقائد الجيش، على رأس وفد صباح اليوم في دارته، بحضور سفيرة إيطاليا نيكوليتا بومبارديار.

وأكد الوزير الإيطالي أن “لبنان يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لإيطاليا، كما أن وجود إيطاليا ضمن قوات اليونيفيل يعزّز هذا التوجّه”، لافتاً إلى “تولّي أربعة قادة إيطاليين قيادة هذه القوات”. وشدّد كذلك على أن “إيطاليا تدعم عمل رئيس الحكومة اللبنانية والجهود المبذولة لإجراء الإصلاحات المطلوبة لمعالجة الأوضاع في لبنان”. وأكّد أن “لبنان يمكنه الاعتماد كليّاً على إيطاليا لدعمه في موضوع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وسائر المؤسّسات الدوليّة المعنيّة. أمّا دعمنا للجيش فهو دعم كامل، ونحن نتعهّد بتسريع الإجراءات المطلوبة لإيصال هذا الدعم”.