Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر December 24, 2021
A A A
“طوابير الدولار” أرهقت المواطنين والمصارف: استنسابية وتفاوت في التطبيق وفوضى المعلومات أربكت المودعين
الكاتب: سلوى بعلبكي - النهار

هلَّل اللبنانيون، وخصوصا موظفي القطاع العام، لإعلان مصرف لبنان عن التعميم 161 الذي يمنح الجميع رواتبهم بالدولار الاميركي على سعر منصة “صيرفة”، ومن ثم صرف ما يحصلون عليه من دولارات وفق سعر السوق الموازية. وبهذه العملية سيتمكن كل موظف من الحصول على فارق بضع مئات من آلاف الليرات تضاف الى راتبه الشهري، وهي الهامش ما بين سعر “صيرفة” وسعر السوق الموازية، تعينه في حمل أثقال الغلاء الفاحش وتخطي عتبة الاعياد ونهاية السنة، وتعوّضه عن “المساعدة الإجتماعية” التي أعلنت الدولة عنها ودفنتها لاحقا صراعات أهل السلطة ومناكفاتهم.

فما كادت المصارف تعلن عن البدء بتطبيق التعميم 161 حتى تهافت المواطنون الى فروع المصارف وأعادوا تشكيل “الطوابير” السيئة الذكر أمام صرافاتها الآلية، وساد في بعض الأماكن “هرج ومرج” كاد أن يؤول إلى الأسوأ. وتسبب التطبيق بـ “فوضى معلومات” بين المواطنين، وتضاربت التفاصيل حول من يحق له السحب… وقيمة المبلغ… والسقوف؟ وهل القطاع العام فقط دون القطاع الخاص، أو كلاهما معاَ؟… ولم يدفع ذاك المصرف لمودعيه أكثر من هذا؟ ووو… مصدر مصرفي رفيع أوضح لـ”النهار” أن المصارف “تحاول التوفيق بين ما يخصصه لها مصرف لبنان من كوتا بالدولار الأميركي، وبين سقف حقوق السحب المحددة شهريا للعميل مسبقا بالعملة اللبنانية”. ولكنه في المقابل، يعترف بأنه “في النهاية ستحصل حتماً إستنسابية في التعامل مع المودعين، بالرغم من محاولة المصارف بذل أقصى ما أمكن من جهود لتكون عادلة مع جميع مودعيها وزبائنها”. والسبب برأيه هو “في عدم وجود معايير واحدة محددة من مصرف لبنان، اضافة الى أن ثمة مصارف لديها أعداد كبيرة من حسابات توطين الرواتب ومصارف أخرى أقل”.

وفيما تتعامل بعض المصارف باستنسابية مع التعميم 161، إذ تسمح للموظفين للافادة بقيمة 50 دولارا أو 60 دولارا كحد أقصى والإبقاء على بقية الرواتب بالليرة، يطمئن المصدر الى “أن موظفي القطاع العام سيقبضون رواتبهم كاملة بالدولار، لذا من المفترض أن تتعامل المصارف جميعها مع هؤلاء بمعيار واحد، خصوصاً ان مصرف لبنان يؤمن لهم الكوتا لهذه الغاية بالدولار كاملة”.

سرعة الإعلان عن التعميم، وضيق الوقت لوضعه موضع التنفيذ، بين نهاية الشهر وعطلة الأعياد، أوجدا حالة من الإرباك والبلبلة بين المواطنين، وأحيانا بين موظفي المصارف نفسها المعنيين بتنفيذ التعميم 161 والذين لم يتلق بعضهم التوضيحات الكافية من إداراتهم – المربكة بعضها أيضا- للإجابة عن تساؤلات موظفي القطاع الخاص حول النسبة التي سيحصلون عليها بالدولار من رواتبهم، كذلك الحدود الدنيا أو القصوى للمبالغ. أمام هذا الواقع، يوضح المصدر المصرفي “أن مصرف لبنان يؤمن السيولة بالدولار للمصارف لتأمين رواتب القطاع العام فقط، ولا تشمل مساهمته القطاع الخاص”. وفيما تعمل بعض مؤسسات القطاع الخاص على تأمين مبالغ الرواتب “كاش” بالليرة اللبنانية لتتمكن المصارف من تأمين رواتب موظفيه، يعتبر المصدر أنه “في حال ابدى المصرف المركزي استعداده لاستبدال رواتب القطاع الخاص الموطّنة لدى المصارف، والتي تغطيها المؤسسات والشركات بالـكاش، فإن القطاع المصرفي على استعداد للتعامل معهم كما القطاع العام. ولكن المشكلة أن مصرف لبنان وافق على استبدال مبلغ متواضع لا يغطي كامل رواتب موظفي القطاع الخاص، لذا سمحنا لعملائنا بسحب مبلغ يراوح ما بين الخمسين والـ 100 دولار أميركي كلّ بحسب حجم راتبه، ووفق سقف السحب المقرر سابقا من المصرف”.

إذاً لا معيار واحدا للتطبيق، والأمور رهن بالوضعية المالية لكل مصرف مع مصرف لبنان.
تمديد فترة الافادة من التعميم

وفي السياق، أصدر مصرف لبنان تعميما وسيطا رقمه 607 مدد من خلاله التعميم الاساسي الرقم 161 لمـدة تنتهـي بتـاريخ 31-1-2022، قابلة للتجديد. الى ذلك، ونظراً الى الضغط الذي تشهده فروع المصارف، وتلبية لطلبات العملاء الراغبين في الافادة من التعميم 161 وقبض رواتبهم، عمدت بعض المصارف الى الابقاء على فتح فروعها استثنائيا لغاية الساعة 6,00 مساء أمس، كما اعلنت أنها ستفتح جميع فروعها اليوم الجمعة لغاية الساعة 12.30 ظهرا، بصورة إستثنائية، لتسهيل عملية قبض رواتب العاملين في القطاع العام.