Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر December 24, 2021
A A A
هذا ما دوّنته “النهار” قي سطور افتتاحيتها
الكاتب: النهار

من سخرية أقدار اللبنانيين ان تتلاعب بهم الازمات وتداعياتها، كما محاولات التخفيف منها واحتوائها، على غرار مشاهد الصفوف المتراصفة عشوائياً امام المصارف امس. واذا كانت “طوابير الدولار” والفوضى الواسعة التي خلفتها طغت ظاهريا على المشهد الداخلي عشية ليلة عيد الميلاد، فان معالم تصاعد الاحتقان السياسي داخل السلطة وفي اتجاهات مختلفة ظلت تتقدم الخلفية المتوترة والساخنة خصوصا بين “التيار الوطني الحر”والثنائي الشيعي، الامر الذي سجّل معه تجدد التعقيدات الإضافية امام التحقيق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت كانعكاس واضح وفوري للصدام الأخير داخل السلطة. ومع ان معظم المعطيات الجدية ترجح ان يجري احتواء الخلاف والتوتر الحاصلين بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” في وقت غير بعيد، فان ذلك لن يحجب أيضا جوانب أخرى من المشهد الحكومي المأزوم ومن بينها الموقف اللافت الذي اتخذه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب تنديداً بالحادث الذي تعرضت له الكتيبة الفنلندية العاملة ضمن قوات اليونيفيل في بلدة شقرا الجنوبية.
وبين هذه وتلك من التداعيات المتصاعدة للأزمة السياسية برزت معطيات ولو غير مؤكدة عن استياء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من اتخاذ المجلس الاعلى للدفاع قرارات هي من صلاحيات الحكومة، ولا مبرر لاتخاذها بوجود الحكومة، ولو كان مجلس الوزراء لا يعقد جلسات بفعل الازمة الحالية.
في تداعيات ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت علق أمس المحقق العدلي طارق البيطار للمرة الرابعة تحقيقه في انفجار مرفأ بيروت، بعد تبلغه دعوى تقدم بها الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر يطلبان نقل القضية إلى قاض آخر، وفق ما أفاد مصدر قضائي.
ويأتي تعليق التحقيق مجدداً بعد أسبوعين فقط على استئنافه إثر رد القضاء دعاوى عدة ضد البيطار.
وقال المصدر القضائي إنه “بعدما تبلغ دعوى تطالب بتنحيته عن القضية تقدم بها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، أمام محكمة التمييز المدنية، اضطر البيطار إلى رفع يده عن الملفّ ووقف كلّ التحقيقات والإجراءات بانتظار أن تبتّ المحكمة بأساس هذه الدعوى بقبولها أو رفضها”.
وتعد هذه واحدة من 18 دعوى لاحقت بيطار مطالبة بكفّ يده عن القضية منذ تسلمه التحقيق قبل نحو عام.
ومع هذا التطور بدا واضحاً ان العقدة الأساسية التي تسببت بشل جلسات مجلس الوزراء بعدما ربط الثنائي الشيعي حضور الوزراء الشيعة بتنحية البيطار قد عادت إلى النقطة الصفر، اذ تبدو العودة إلى دوامة تعطيل عمل المحقق العدلي بتقديم طلبات جديدة لكف يده عن التحقيق بمثابة رسالة جديدة من الثنائي الشيعي إلى سائر داعمي البيطار بان لا تراجع عن هذا الشرط.
وإذا كان جانبا من تداعيات التوتر الناشئ بين “التيار الوطني الحر” لا يمكن عزله عن تعقيدات موضوع البيطار باعتبار ان التيار اختلف مع حليفه الشيعي على هذا الملف، فقد بدا لافتا ان “كتلة الوفاء للمقاومة” شددت أمس في بيانها الأسبوعي على “التزامها وثيقة الوفاق الوطني ونصوص الدستور” في ما فهم بانه رد ضمني على مواقف اطلقها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير وغمز من قناة “حزب الله” في الجانب الميثاقي.
وإذ علم ان الحزب عمم على نوابه بعدم الرد على باسيل، شددت “كتلة الوفاء للمقاومة” على اعتبار الانتخابات النيابية “استحقاقا وطنيا ينبغي أن تجري بموعدها القانوني المقرّر دون أيّ تأخير، لأنّ ذلك يؤشر إلى الاستقرار المطلوب ويتيح فرصاً جديدة للتداول السلمي للسلطة ولإيجاد مخارج قانونيّة وسياسيّة مناسبة للأزمة الخانقة التي تعصف بالبلاد”. واعتبرت “إن الاحتكام إلى الدستور والابتعاد عن المزايدات السياسيّة يعالجان حكماً التباين القائم حيال محاكمة الوزراء والرؤساء سواء في قضيّة انفجار مرفأ بيروت أو أي قضيّة أخرى”. ورأت “إنّ الأزمة القائمة فعلاً هي نتيجة طبيعيّة للخروج عن النص الدستوري والقانوني، وإنّ الحل هو في التزام كلٍ من القضاء والسلطات السياسيّة بممارسة صلاحياتها الدستوريّة، دون تشاطر لتوسعة صلاحيات أيّ منهما على حساب الصلاحيات الأخرى، طالما أنّ الصلاحيّات لكل منهما واضحة ومحدّدة في الدستور والقوانين”.
الاعتداء على اليونيفيل
اما في ما يتصل بالصدام الذي حصل بين دورية من الكتيبة الفنلندية في المنطقة الحدودية التي تعرضت لاعتداء من عدد من أهالي بلدة شقرا بعدما رفضوا تجولها في بلدتهم، فبدا لافتا صدور موقف واضح في ادانته للتعرض لهذه الكتيبة عن رئيس الحكومة ووزير الخارجية. واتخذ هذا الموقف دلالته أيضا نظرا إلى ان الحادث حصل غداة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للمنطقة الحدودية ضمن زيارته للبنان. وقد أصدرت وزارة الخارجية بيانا أعلنت فيه ان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب تواصلا للبحث بهذه المسألة وعلى ضوء هذا الإتّصال، أصدرت الوزارة بيانا “اسفت فيه للحادث الذي حصل مع الكتيبة الفنلندية في قوة الأمم المتّحدة المؤقتة في لبنان. وبإنتظار التحقيقات حول هذه الحادثة، تؤكّد الوزارة عدم قبول أي شكل من أشكال التعدّي على قوات اليونيفيل، وتشدّد على سلامة وأمن عناصرها وآلياتهم. وإذ تعرب الوزارة عن أسفها للمشاهد التي تناقلتها وسائل التواصل الإجتماعي، تجدد حرصها على سلامة اليونيفيل ولا سيّما الكتيبة الفنلندية التي هي من القوات المستمرّة في الخدمة في جنوب لبنان منذ سنوات والتي لا تزال تلعب دورًا مهمًّا في حفظ أمن وإستقرار الجنوب اللبناني. وفي هذا المجال، يثمّن لبنان دور اليونيفيل عامّةً، والكتيبة الفنلندية خاصّةً، ويقدّر أبناؤه الدور الذي تلعبه هذه الكتيبة ضمن القوات الدولية. ويجدد في الختام التزام لبنان المستمر القرارات الدولية ذات الصلة لا سيما القرار ١٧٠١.”
يشار في هذا السياق إلى ان السفارة الإيطالية في بيروت أعلنت أمس عن زيارة سيقوم بها وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني إلى لبنان اليوم ومن المرتقب أن يلتقي خلالها الرئيس ميقاتي، ووزير الدفاع موريس سليم كما يتفقد الكتيبة الإيطالية العاملة في إطار القوات الدولية في جنوب لبنان.
طوابير الدولار
بعيدا من المناخ السياسي وفي تطورات الواقع المالي أصدر امس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قراراً قضى بتعديل قرار الإجراءات الاستثنائية للسحوبات النقدية المُرفق بالتعميم الأساسي 161، حيث مدّد بموجبه مدة العمل به حتى 31 كانون الثاني 2022، قابلة للتجديد. وقبل صدور تعميم التمديد، شهدت المصارف في عدد من المناطق زحمة كبيرة نتيجة إقبال المواطنين وموظفي القطاع العام، الذين يملكون حسابات بالليرة اللبنانية، على سحب رواتبهم بالدولار الأميركي على سعر منصة صيرفة وفقاً لتعميم حاكم مصرف لبنان 161 الصادر في 16 كانون الأوّل، والذي ينصّ على دفع المصارف لعملائها السحوبات النقدية التي يحقّ لهم سحبها سواء بالليرة أو بالدولار، وفق الحدود المعتمدة لدى كلّ مصرف، على أن تكون بـ”الفريش دولار” وفق سعر الصرف المعتمد على منصّة صيرفة والوارد في اليوم السابق للسحب.