Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر December 17, 2021
A A A
البعثات الديبلوماسية مهدَّدة… هل الحل بموازنة تقشّفية تُعلن اليوم؟
الكاتب: منال شعيا - النهار

هل يمكن ان نتصور لبنان بلا وزارة خارجية؟! وهل يمكن ان ندخل سنة 2022 ولبنان يقفل سفاراته في الخارج؟! هذه السفارات التي تعيش على هبات المغتربين، لان موازنة وزارة الخارجية لم تعد تكفي!
نعم، الى هذا الدرك وصل لبنان…
وبعدما بلغت المسألة ذروتها الى حد تخوف وزير الخارجية عبد الله بو حبيب من اقفال الوزارة برمّتها، تكثفت الاجتماعات الوزارية المكوكية طوال الأسبوع الحالي، بغية التوصل الى اطار حل او ما يشبه الحل لتجنيب البلاد المزيد من التدهور الذي قد يهدد علاقات لبنان الخارجية، بعدما بات الكيان اللبناني على وشك الانهيار!
وفي هذا السياق، علمت “النهار” ان ثمة اطارا للحل سيُعلن اليوم من السرايا، وان اجتماعات عدة عقدها بو حبيب مع المعنيين، وفي مقدمهم وزير المال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، للتوصل الى تسوية ما في هذا المجال.
موازنة تقشفية؟
وإذ رفض بو حبيب إعطاء أي تفاصيل لـ”النهار”، بحجة ان “الاجتماعات لم تنتهِ بعد، وانها ستتواصل اليوم (امس)، على ان يتحدث غدا (اليوم) في السرايا بالتفصيل”، علمت “النهار” ان “موازنة تقشفية” جرى الإعداد لها كي تخرج وزارة الخارجية من هذه المحنة، بهدف تجنيب لبنان كأس اقفال سفاراته او حتى وقف مساهماته المالية في العديد من المنظمات الدولية والعربية، ولاسيما منها السياسية.
هذا الحل جرى الاتفاق عليه بين وزارتَي الخارجية والمال ومصرف لبنان، برعاية السرايا، بعدما اوعز رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الى المعنيين بتكثيف اجتماعاتهم لايجاد الحل. فما هو اصل المشكلة، وكيف بدأت؟
كان من الطبيعي، في ظل التفلت الجنوني لسعر الدولار وغياب أي استراتيجية وطنية تلجم هذا التضخم والانهيار الدراماتيكي لليرة اللبنانية، ان تنعكس الازمة الحادة على إدارات الدولة، وليس على جيوب المواطنين فقط.
ومن البديهي أيضا، ان اول من تظهر عليه بوادر الازمة هي وزارة الخارجية والسفارات اللبنانية بسبب التلاعب بسعر الدولار.
في البدء، اعلن بو حبيب ان حاكمية مصرف لبنان أوقفت تحويل الدولارات الى البعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج وفق السعر الرسمي.
وفي مرحلة ثانية، بدأت هذه البعثات والسفارات تتكل على “مالها الذاتي”، ان صحّ التعبير، او بتعبير آخر على دعم المغتربين والمقتدرين المنتشرين الذين يحرصون على الحفاظ على صورة لبنان الدولية.
الخيارات القصوى
مع تزايد الأعباء المالية، تعاظمت المشكلة اكثر مطلع الأسبوع الحالي، فكلّف ميقاتي المعنيين بدء اجتماعاتهم للتوصل الى حل ما.
في الوقائع، تصل موازنة وزارة الخارجية الى حدود 115 مليون دولار، منها 50 مليونا تُدفع مساهمات في المنظمات العربية والدولية، السياسية وغير السياسية، مثل الامم المتحدة وجامعة الدول العربية وغيرها، الى جانب المصاريف التي تتعلق برواتب السفراء والموظفين المحليين والتكاليف التشغيلية.
وخلال الاجتماعات الوزارية، علمت “النهار” ان خيارات قصوى طُرحت وصلت الى حد اقفال وزارة الخارجية ومقار البعثات اللبنانية في الخارج، والتي لا يمكن ان تستمر على أموال هبات او مساعدات او أموال ذاتية، وبالتالي ستكون نتيجة هذا الخيار سحب السفراء ووقف المساهمات في المنظمات الدولية. أي بمعنى آخر، اقفال الوجه الخارجي للبنان، بعد تدمير وجهه الداخلي!
الخيار الثاني الذي طُرح، رفع موازنة وزارة الخارجية بالليرة اللبنانية، علما ان هذا الامر يحتاج، في رأي بعض الدستوريين، الى قانون والى إعادة نظر شاملة بمشروع الموازنة.
الاتجاه الثالث، ان يبقى سعر صرف الدولار على أساس الـ 1500، على ان يتكامل هذا مع اتجاه رابع هو اعفاء وزارة الخارجية من اشتراكات لبنان، أي مساهماته في المنظمات غير السياسية بهدف تقليص النفقات، وهذا ما سيدخل تلقائيا ضمن العنوان العريض الذي اكتفى بو حبيب بكشفه لـ”النهار” وهو “الموازنة التقشفية”.
اذاً، اليوم تتبلور الصورة اكثر، ومن السرايا، فهل سيصار الى إعلان حل موقت يؤخر شبح الانهيار التام، خارجيا وداخليا، ام يكون حلا يرقى الى عمق الازمة المخيفة التي نعيشها؟! اذ تصوروا ان نصل، لاحقا، الى لبنان بلا سفارات، وبلا عمل ديبلوماسي … انه الكابوس الحتمي!