Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر December 10, 2021
A A A
أرقام الهجرة المقلقة ترتفع: لبنان يفقد روحه وطاقاته
الكاتب: عبد الكافي الصمد - سفير الشمال

قبل أيّام، نشرت بعض منصّات وسائل التواصل الإجتماعي خبراً عن أنّ عددا من التلاميذ في إحدى المدارس الخاصّة في لبنان قد هاجروا صيف هذا العام برفقة أهاليهم إلى الخارج، وتحديداً إلى كندا، بلا أي تنسيق مسبق بين عائلات هؤلاء التلاميذ، إلّا أن المفاجأة كانت في أنّ هؤلاء التلاميذ قد وجدوا أنفسهم “زملاء” بعضهم مجدّداً، لكن هذه المرّة في إحدى المدارس الكندية.
ما سبق يدلّ على أنّ مؤشّرات الهجرة إرتفعت كثيراً في السّنوات الثلاث الأخيرة في لبنان، وتحديداً إلى أوروبا وأميركا الشّمالية وأوستراليا، إمّا لأنّ من هاجروا إلى البلدان المذكورة يملكون جنسياتها، أو لديهم أقارب فيها، أو لأنّ الهجرة إليها أسهل من الهجرة إلى بلدان أخرى.
أحد مؤشّرات هذه الهجرة الخطيرة والبالغة الدلالة تمثلت في هجرة الأدمغة والكفاءات وحملة الشّهادات وأصحاب الإختصاصات إلى الخارج، ما يجعل لبنان يفقد على نحو تدريجي طاقاته وخبراته التي يصعب تعويضها بسهولة خلال السنوات المقبلة. وفي هذا السياق سجلت نقابة أطباء طرابلس، لوحدها، هجرة نحو ألف طبيب إلى الخارج خلال عام واحد، فضلاً عن عدد أكبر منهم من الممرضين والممرضات والعاملين في القطاع الصحّي، الذي بات مهدّداً جدّياً بخطر تراجع خدماته وتقديماته الصحية، وصولاً إلى حدّ إقفاله جزئياً أو كليّاً، وانعكاس ذلك سلباّ على صحّة وحياة المواطنين.
وتكفي في هذا الإطار جولة سريعة على كل المناطق اللبنانيّة، والسّؤال عن حجم الهجرة بين الشّباب والعائلات، لكي يلمس المرء حجمها الفعلي التي تكاد تشمل كلّ بيت لبناني تقريباً، وأنّ الهجرة لم تعد شرعية وقانونية فقط، بل إنّ الهجرة غير الشرعية باتت تجد أرضاّ خصبة لها في هذه المناطق أكثر من غيرها.
وفي هذه الإطار، نشرت “الدولية للمعلومات”، أول من أمس، تقريراً بالغ الخطورة والدّلالة على تفريغ لبنان من طاقاته حول هجرة اللبنانيين وسفرهم إلى الخارج، مبيّنةً أنّ العدد إرتفع في العام الأخير بشكل كبير، وقد قارب الـ78 ألفاً في العام 2021، وبذلك فقد لامس الـ 200 ألفاً في السّنوات الأربع الأخيرة.
واعتبرت “الدولية للمعلومات” أنّ الأزمة الإقتصادية – المالية – المعيشية التي يشهدها لبنان، قد أدّت إلى ارتفاع كبير في أعداد المهاجرين والمسافرين بحثاً عن فرصة عمل يفتقدونها في وطنهم، أو عن خدمات حياتية أساسية أصبحت شبه معدومة من الكهرباء والمياه والصحّة والنظافة.
وأضافت أنّ الأرقام تشير إلى أنّ أعداد اللبنانيين المهاجرين والمسافرين، منذ بداية العام وحتى منتصف شهر تشرين الثاني 2021، قد وصل إلى 77,777 فرداً مقارنة بـ 17,721 فرداً في العام 2020. واستناداً إلى جداول معينة تبين أنّ عدد اللبنانيين الذين هاجروا وسافروا من لبنان خلال الأعوام 2018- 2021 قد وصل إلى 195,433 لبنانياً.
عندما يخسر لبنان أبناؤه تباعاً، ويفقد طاقاته وعقوله، ويُفرّغ من كفاءاته العلمية، فأيّ وطن يبقى، وأيّ بلد سيُبنى إذاً، وأيّ مستقبل ينتظر بلد هكذا وضعه؟