سارعت الكثير من الدول إلى حظر الرحلات من بعض الدول بالقارة السمراء، على خلفية ظهور متحور جديد تم رصده بجمهورية جنوب إفريقيا، في الوقت الذي اعتبرت الأخيرة أن قرارات الحظر”متسرعة”.

فالمتحور الجديد “بي.1.1.529″، وبحسب العلماء، يحتوي على “مجموعة غير عادية للغاية” من التحورات، ويمكن أن تؤدي إلى تفادي الاستجابة المناعية للجسم وتجعلها أكثر قابلية للانتقال، فضلا عن عدم الجزم بان اللقاحات المتوافرة حاليا فعالة في مكافحة الشكل الجديد من الفيروس، الأمر الذي أثار مخاوف الكثيرين، فأعلنت وزارة الصحة الألمانية اليوم الجمعة أن البلاد ستمنع غالبية الرحلات الجوية من جنوب إفريقيا بسبب المتحور الجديد من فيروس كورونا.

وأوضح وزير الصحة الألماني المنتهية ولايته، ينس سبان، أن هذا القرار الذي سيطبق اعتبارا من مساء الجمعة سيشمل جمهورية جنوب إفريقيا “وعلى الأرجح الدول المجاورة لها”. وسيسمح فقط للمواطنين الألمان بالعودة من هناك، مع وضعهم بالحجر الصحي مدة 14 يوما، حتى لو كانوا ملقحين.

فرنسا بدورها أيضا علقت جميع الرحلات الجوية القادمة من جنوب إفريقيا لمدة 48 ساعة، وفي هذا الصدد أعلن وزير الصحة الفرنسي، أوليفييه فيران، للصحفيين يوم الجمعة تعليق جميع الرحلات من سبع دول في إفريقيا، منوها بأن جميع الأشخاص الذين وصلوا مؤخرا من تلك المنطقة سيتم اختبارهم ومراقبتهم عن كثب.

وفي سياق متصل قال رئيس الوزراء الفرنسي، جان كاستكس، في بيان إن مناقشات ستجرى “خلال الساعات المقبلة” مع قادة الاتحاد الأوروبي الآخرين بشأن كيفية الرد على هذا المتحور الجديد.

إلى ذلك أعلنت بريطانيا، أمس الخميس أنها ستمنع المسافرين من 6 دول إفريقية من دخول أراضيها، وهي جنوب إفريقيا وناميبيا وليسوتو وإيسواتيني وزيمبابوي وبوتسوانا.

اليابان وماليزيا أيضا قيدت الرحلات من جنوب إفريقيا والدول المجاورة في محاولة لإبعاد السلالة المتحورة عنها، في حين أصدرت الهند مذكرة إرشادية لكل الدول لاختبار وفحص المسافرين القادمين من جنوب إفريقيا والدول الأخرى “محل الخطر”.

من جهتها اقترحت أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية، تعليق الرحلات الآتية من جنوب القارة الإفريقية. وكتبت في تغريدة غداة قرار مماثل من لندن: “ستقترح المفوضية الأوروبية، بالتنسيق الوثيق مع الدول الأعضاء فيها، تعليق الرحلات الجوية الآتية من منطقة جنوب القارة الإفريقية بسبب المتحور بي.1.1.529”.

وفي ضوء قرارت حظر الطيران، اعتبرت جنوب إفريقيا أن هكذا قرارات “متسرعة”، معللة ذلك أن منظمة الصحة العالمية نفسها لم تقدم بعد أي مشورة بخصوص الخطوات التالية. ولم يرصد الخبراء السلالة المتحورة (بي.1.1.529) إلا بأعداد صغيرة نسبيا في جنوب إفريقيا وبوتسوانا وهونغ كونغ، لكنهم قلقون من عدد الطفرات الكبير مما قد يساعد الفيروس في تفادي الاستجابة المناعية للجسم وجعله أكثر قابلية للانتقال.

وقالت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا، ناليدي باندور، في بيان، تعليقا على قرار الحظر البريطاني: “نقطة قلقنا الحالية تتمثل في الضرر الذي سيلحقه هذا القرار بقطاعات السياحة والشركات في كلا البلدين.. جنوب إفريقيا ستتواصل مع السلطات البريطانية في محاولة لإقناعها بإعادة النظر في قرارها”.

وطلبت جنوب إفريقيا عقد اجتماع عاجل مع فريق عمل من منظمة الصحة العالمية بشأن تطور الفيروس اليوم الجمعة وبحث المتحور الجديد.

بدورها قالت منظمة الصحة العالمية إنها “تتابع عن كثب” المتحور الجديد.

وقال المعهد الوطني للأمراض المعدية في بيان: “عدد الحالات المرصودة ونسبة الفحوصات الإيجابية النتيحة ترتفع بسرعة” لا سيما في مقاطعة غاوتنغ التي تشمل بريتوريا وجوهانسبورغ (بجنوب إفريقيا).

ويفيد العلماء أنّ المتحور “بي.1.1.529” يحمل ما لا يقل عن 10 نسخ مختلفة، في مقابل نسختين للمتحور “دلتا”.

وقد سجلت حتى الآن 22 إصابة في صفوف الشباب وفق ما أفاد به المعهد الوطني للأمراض المعدية. وسجلت حالات أيضا في بوتسوانا المجاورة وفي هونغ كونغ لدى شخص عائد من رحلة إلى جمهورية جنوب إفريقيا.