Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر October 4, 2016
A A A
«الوحدة 504».. اخفاقات في تنفيذ عملياتها
الكاتب: ميشال نصر - الديار

تشكل الوحدات السرية في الجيش الإسرائيلي جزءًا هامًا من المجهود الأمني لدولة اسرائيل ومركبًا ضروريًا في التشكيلة الاستخباراتية لجيشها. واحدة من أخطر هذه الوحدات «الوحدة 504» التي يطلق عليها أيضا «ميني موساد» او «فيلق الاستخبارات البشرية»، تلتقط الصور للعاملين فيها دائما من الظهر في احسن الحالات، ولا تذكر اسماؤهم إلا بحرف واحد اذا ذكرت أصلا. يراوح نشاط الوحدة السرية بين محورين وهما تجنيد واستعمال عملاء في اراضي دول معادية ، والتحقيق مع الاسرى في الحياة العادية وفي الحرب، كما تعمل على توفير المعلومات لقادة الكتائب في الجيش الذين يوجدون في ساحة المعركة متقاسمة العمل مع جسمي جمع المعلومات الآخرين الموساد و«الشباك» جغرافي، فالموساد يعمل في اماكن أبعد و«الشباك» في اماكن أقرب وتعمل الوحدة 504 في الوسط. ويعود تاريخ القسم العربي بالوحدة 504 إلى سنة 1949 وكان قائدها الأول دافيد كارون. أطلق عليها أولًا اسم «استخبارات «10» وبعد ذلك الرقم 154 وبعد أن انضمت إلى وحدة رقم 560 التي عملت في تحقيق مع الأسرى سُميت الوحدة رقم 504.
في مقال له في صحيفة «إسرائيل اليوم»، المقربة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، سلّط الخبير العسكري الإسرائيلي يوآف ليمور، الضوء على «الوحدة 504» في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، التي تواجه عدة تحديات وإخفاقات، في مقدمها كشف عملائها، السيناريو الأصعب سواء في الداخل او الخارج بما يتعلق بهذه الفئة، اذ ان سقوطهم أو كشفهم، وهو بالفعل الهاجس الذي يؤرق ويرعب كل عميل في حال اكتشافه، يجعل الخسائر عادة تكون أكبر من مجرد خسارة «مشغل بشري» على ما يكشف قائد الوحدة.
ويشير الكاتب أن هذه الوحدة، التي يصل أفرادها إلى مناطق بعيدة لتوفير المعلومات الأمنية الخاصة والحساسة بالجهات «المعادية» لإسرائيل، تعاني من مشكلة أساسية، شأنها شأن باقي الوحدات التي تنفذ عمليات خاصة، اذ أنه لا يمكن الحديث عن إنجازاتها، رغم أنها تنفذ سنويا مئات المهمات الأمنية، مشغلة مئات العملاء داخل إسرائيل وخارجها، بحيث تمكن دوائر صنع القرار في إسرائيل من الدخول إلى الدوائر الضيقة لدى العدو، مشكلة محاكاة قريبة لما يدور داخله من نقاشات مغلقة.
يقول قائد الوحدة،الذي رفض موقع «اسرائيل اليوم» الإفصاح عن اسمه : «مرّ العالم بتغييرات جذرية كبيرة على أنظمة التواصل، وما رافقه من تطور على صعيد نقل المعلومات، حيث كان يعد العنصر البشر في السابق هو رأس جمع المعلومات على حساب الطرق الأخرى، لكن الوضع تغير الآن، اذ احتل مركزه طرقا أخرى وأكثر ابتكارا للحصول على المعلومات، مثل النظم الالكترونية المرئية والمسموعة، ومصادر أخرى، وأصبح من الصعب الاعتماد على العنصر البشري وحده، متابعا، ان العمليات التي تتم بالأسلحة الحية هي فقط 20% من العمليات التي تقوم بها هذه الوحدة.
انجازات بحسب الكاتب، لا تخفي الإخفاقات العديدة المواكبة لعملها ، ابرزها الكشف عن عملائها، أو حصول فشل في تنفيذ بعض مهامها، مما يشير إلى أنها تعيش أجواء من التعقيد والخطورة في تنفيذ عملياتها، رغم ان تركيزها الأساسي يكمن في تجنيد العملاء والجواسيس، كاشفا ان معظم عناصر وقادة هذه الوحدة من القطاعات المدنية في إسرائيل أو العسكرية، وأغلبهم في العشرينيات من أعمارهم، ويتم تجنيد نسبة لا بأس بها منهم عبر إعلانات يتم نشرها في وسائل الإعلام، مشيرا الى ان التركيز في الموافقة على تجنيدهم داخل الوحدة يقوم على البعد السيكولوجي للشخص، من خلال عدة اعتبارات من ضمنها النفسية والانضباط والهدوء، بحيث يظهر مدى ملاءمته للقيام بمهام تجنيد العملاء وتشغيلهم، قبل ان يلتحق بدورات تأهيل وتدريب لمدة عامين، يتقن خلالها العديد من اللغات من بينها العربية، ومهارات عديدة مثل فهم لغة الجسد ومعرفة كيفية التحدث وتبادل الحديث مع الناس، يتم تدريبهم بعدها في لواء غولاني، قبل أن ينقلوا الى الوحدة 504، أما لباسهم فاما مدني أو عسكري، بأسلحة أو بدون، خارج إسرائيل او داخلها.
غير ان الانتشار السريع والواسع  للوحدة في جميع المناطق، داخل إسرائيل وخارجها، أدى في كثير من الأحيان إلى حدوث احتكاكات سلبية مع باقي الأجهزة الأمنية، بشأن حدود الصلاحيات واتخاذ القرارات، بين جهاز الاستخبارات العسكرية «أمان» من جهة، وبين جهاز الأمن العام «الشاباك» داخل الأراضي الفلسطينية، وجهاز العمليات الخارجية الخاصة «الموساد» المنتشر في بعض الدول العربية، من جهة أخرى، حيث وصل الامر في كثير من الحالات وفي العديد من الحالات وصل الأمر  الى رئيس الحكومة ووزير الدفاع للفصل والحسم في هذه الخلافات.
إسرائيل التي لا تقف مكتوفة الأيدى إزاء التحولات الجارية حولها ، متابعة بدقة تفاصيل الامور بصغائرها وكبائرها ، لاستشراف المستقبل، كشفت صحافتها عن خطط لإعادة تنظيم اجهزة استخباراتها لتتلاءم المخاطر والتحديات الجديدة التي تواجهها، اذ  ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن التحولات المتلاحقة في العالم العربي دفعت قيادات الأجهزة الاستخبارية في إسرائيل إلى إعادة بناء منظوماتها للتعامل مع هذه التحولات.
وينقل المعلق العسكري للصحيفة عمير رابوبورت عن جنرال في الاستخبارات العسكرية قوله «التحولات في العالم العربي تحدث بوتيرة عالية جداً، فالأحداث التي كانت تستغرق سنين وعقودا أصبحت تحدث في أيام بل في ساعات، ونحن يتوجب علينا أن نعيد تنظيم أنفسنا لكي نتمكن من مواجهة الواقع الجديد»، مقرا « بأن المخابرات الإسرائيلية سبق أن أخفقت في توقع تفجر ثورات الربيع العربي مما جعل تل أبيب تقف عاجزة عن الاستعداد بسرعة للحفاظ على مصالحها»، ليخلص إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية أصبحت مضطرة الى تطوير وسائل جمع المعلومات الاستخبارية عن العالم العربي في ظل ثورة المعلومات، مشيرا إلى أن تأمين المعلومات الاستخبارية الحيوية أصبح مهمة معقدة.
وفي هذا الإطار أفادت تقارير اسرائيلية، بأنه تم إجراء نقل لـ830 ضابط استخبارات في شعبة الاستخبارات العسكرية منذ مطلع 2014 لإعادة تنظيم عمل المؤسسة الاستخبارية لمواجهة التحولات في المنطقة. كما تم تدشين وحدة داخل شعبة الاستخبارات تعرف بـ»وحدة العمليات الخاصة»، التي يرأسها ضابط برتبة عميد ومسؤولة عن توظيف المعلومات الاستخبارية في تنفيذ عمليات في قلب أرض العدو.