Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر September 20, 2021
A A A
الإدارة الأميركية تتراجع في المنطقة لتواجه تمدّد الصين ونفوذ فرنسا
الكاتب: فاطمة شكر - الديار

أذنت الإدارة الأميركية بعد أكثر من سنة ونصف بتشكيل حكومةٍ، بعد التدهور الذي وصل اليه لبنان في ظل الدعم الأميركي لجهاتٍ سياسيةٍ لبنانيةٍ قررت التواطؤ معها والرهان عليها كي تكسر هيبة المقاومة التي هزمت العدو الإسرائيلي من جهة وحاربت التكفيريين في سوريا وانتصرت عليهم من جهةٍ ثانية.
تعرفُ الإدارة الأميركية أن الوضع السياسي عالمياً قد تغير وأن التحالفات قد تبدلت، هي التي خسرت معركتها في أفغانستان ولم تحقق ما حلُمت به في العراق وسوريا، رغم أنها موّلت المنظمات الإرهابية، وذهبت للتفاوض مع إيران رغم الحصار المفروض على الأخيرة منذ أكثر من أربعين عاماً، وأدركت إدارة بايدن أن الحل بأن تبدأ بتغيير أو تعديل قراراتها وسياساتها التي ما نجحت يوماً في أي بلد.
مصدرٌ أكاديمي أميركي خاص أكد أن الولايات المتحدة الأميركية لم تكن لتــبدي هذه المرونة لولا التــقدم الكبير في المفاوضات بين إيران وأميركا ، واشار أن الولايات المتحدة لم تعد تملك ترف الوقت لتضيعه في ملفاتٍ متعددة بالتزامن مع تمدد العملاق الصيني الذي استسلمت له أوروبا وبدأ بالوصول الى أوستراليا أي الى ما وراء البحار.
ويُتابعُ المصدر الأكاديمي الأميركي أن أميركا أخذت ضماناتٍ مؤكدة من جهاتٍ دولية وعلى رأسها إيران بأن لا حرب ستقعُ بين لبنان و»إسرائيل»، وأن ملف ترسيم الحدود سوف يستأنف في المرحلة القادمة ضمن آليةٍ محددة، وكانت شركة «هاليبرتون» قد فازت بعقد للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان و»إسرائيل» ، ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري للطلب من وزارة الخارجية اللبنانية التحرك بشكلٍ عاجلٍ بإتجاه مجلس الأمن والمجتمع الدولي للتحقق من إحتمال حصول إعتداء على الحقوق اللبنانية.
ويُضيفُ المصدر أن أميركا انزعجت من عودة النفوذ الفرنسي الى لبنان خلال هذه الفترة، ومن سياسة الرئيس ماكرون التي اعتمدها من خلال اللقاءات والتشاورات مع كل الأقطاب السياسية في لبنان، بمن فيه حزب الله، لمناقشة كل الملفات مما يفتحُ الطريق لفرنسا بعودتها بقوة كأمٍ حنون للبنان.
ويُشيرُ المصدر نفسه الى أن أميركا بدأت تنزعج من التمدد الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً الى الإتفاقية التي أبرمتها شركة النفط الفرنسية «توتال» مع الحكومة العراقية في بغداد، لبناء أربعة مشاريع عملاقة للطاقة في جنوب البلاد بتكلفة قدرها 27 مليار دولار، ما دفع الولايات المتحدة الى الضغط على أوستراليا من أجل إلغاء صفقة كبيرةٍ لشراء غواصاتٍ تعملُ بوقود نووي لفرنسا، واعتبرت فرنسا على لسان وزير خارجيتها لو دريان بأن سلوك الإدارة الاميركية غير مقبول، منتقداً قرار أوستراليا بالتراجع عن الصفقة، مضيفاً أن ما جرى طعنة في الظهر، وأن أميركا لازالت تتحرك وتتصرف بموجب قرار يعتبرُها الأولى في العالم.
كل هذا يُؤكد أن الولايات المتحدة تبدو منزعجة للغاية وتعملُ جاهدةً للتصدي لقوة ونفوذ الصين المتنامية، لا سيما تحركاتها للحشد العسكري والضغط على تايوان وعمليات الإنتشار في بحر جنوب الصين المتنازع عليه، إضافةً الى اتخاذ قرارٍ للإتحاد الأوروبي يضمن الحفاظ على سيادته وقراراته ومصالحه.
قوة العملاق الصيني وتمدد النفوذ الفرنسي والروسي في منطقة الشرق الأوسط شكلت عوامل ضغط تجاه الولايات المتحدة ما يجعلها تُعيدُ قراءة وترتيب جدول أعمالها في المنطقة والعالم، وهذا ما دفع بها الى اتباع سياسة «رفع اليد» قليلاً عن الشرق الأوسط والإنتقال الى عقد تحالفات جديدة خارج نطاق هذه البقعة الجغرافية مع إبقاء أدواتها في المنطقة.