Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر September 2, 2021
A A A
إنجاز طبي لبناني هو الأول من نوعه في الشرق وشمال إفريقيا… الأمل بالرغم من كل شيء!
الكاتب: ليلي جرجس - النهار
<
>

نعيش في ظروف قاسية؛ كلّ شيء يزداد صعوبة، وما كان يُعتبر حاجةً أساسيّة بات الحصول عليه ترفاً. أصبح تأمين الأدوية مهمّة شاقة، وصرخة القطاع الطبي وتحذيراته تنذر بكارثة صحية. لكنّه بالرّغم من الثمن الغالي الذي يدفعه القطاع الصحيّ من ضغوطات وصعوبات ومعوّقات لوجستيّة وطبيّة، فإن جنوده البيض يواصلون معركتهم بحثاً عن أمل لمرضى يتعايشون مع أمراض لا حلول جذريّة لها؛ من بين هؤلاء المرضى، يقف المصابون بالقلب، الذين يعانون من تنفيس في الصمّام الثلاثي من الجهة اليمنى للقلب، عاجزين عن معالجة هذا الخلل، لو لم يدخل هذا الإنجاز الطبي عالم التطبيق، حيث لم يعد العلاج مستحيلاً!
يشرح طبيب القلب والشرايين، الاختصاصي في جراحة وأمراض القلب، الأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت، مدير برنامج أمراض القلب البنيويّة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور فادي صوايا لـ”النهار” أنّ “الإنجاز الذي نتحدّث عنه اليوم يتعلّق بالصمّام الثلاثي على الجهة اليمنى من القلب، وهو يُشكّل اليوم أملاً لكلّ مريض كبير في السنّ يعاني من تنفيس في صمّام القلب، ولا يملك أيّ حل سوى بعض الأدوية التي تفقد فاعليّتها مع الوقت. هذا التدخّل الطبيّ يُجنّبنا عمليّة فتح الصدر، إذ يكفي أن نُجري القسطرة من خلال السّاق لمعالجة هذه المشكلة من دون مضاعفات أو مخاطر”.
أضاف صوايا: “عادة، عندما يتضرّر الصمّام أو نواجه مشكلة تنفيس في أحد هذه الصمّامات، يعاني المريض من عوارض صحيّة، منها احتباس المياه في المعدّة أو الساقين، تورّم في القدمين، تّعب، ضيق في التنفّس، انتفاخ وعدم قدرة على تناول الطعام… في الماضي كنا نعالج هذه المشكلة من خلال إعطاء أدوية مدرّة للبول للتخفيف من حدّة العوارض، ولكن مع الوقت حتى الدواء يَفقد فاعليّته، ونكون أمام خيارين؛ إمّا اللجوء إلى الجراحة، وهو خيار غير محبّذ، خصوصاً عند كبار السنّ، لأنّهم يعانون من مشكلات صحيّة وأمراض مزمنة، بالإضافة إلى أن نتائج هذه الجراحة غير مشجعة؛ وإمّا اللجوء إلى الخيار الثاني، الذي يتمثّل بعدم القدرة على فعل أيّ شيء للمرضى. ونقول للمريض إننا لا نملك حلاً يساعده على التخفيف من عوارضه وحالته الصحيّة. لذلك، الخبر السّار جاء منذ 6 أشهر بعد موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) والوكالة الأوروبية لإجراء هذا التدخّل الطبيّ الذي يُسمّىtricuspid clipping ، والذي يهدف إلى إصلاح الصمّام الثلاثيّ عبر قسطرة من السّاق، تصل حتى القلب لمعالجة هذه الحالة المرضيّة. وبعد أن كنّا نُسمّي هذا الصمّام الثلاثي بالصمّام المنسيّ بسبب غياب حلول لمعالجته، أصبح بإمكاننا اليوم أن نقول للمريض إن الحلّ موجود. فقد أجرى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت أوّل جراحة من نوعها في منطقة الشرق وشمال إفريقيا، وتُعتبر إنجازاً طبيّاً لأنّها تُعطي حلولاً للمرضى وأملاً في تحسين حياتهم”.
ويوضح صوايا المزيد من التفاصيل حول هذه الجراحة بالقول: “تستغرق العمليّة من ساعتين إلى ثلاث ساعات حيث يكون فيها المريض نائماً (بنج عام)؛ ومن خلال المنظار نقوم بإدخال القسطرة من الوريد الفخذيّ، حيث نقوم بتقريب الصمّام إلى بعضه لتخفيف التنفيس وتحسين العوارض عند المريض. يساعد هذا التدخّل الطبيّ على التخفيف من العوارض، خصوصاً تورّم القدمين وضيق التنفّس، ثم يخرج المريض في اليوم التالي إلى منزله”.
وعن مخاطر هذه الجراحة، يشدّد صوايا على أن “الخطورة على الجهة اليمنى من القلب ضئيلة جداً، وبالتالي لا تحمل هذه الجراحة أيّ خطر على حياة المريض، والنتيجة الوحيدة غير المحبّذة ستكون عدم نجاحها إذا كان هناك توسّع كبير في الصمّام”.
برأي صوايا أنّ “هذا التدخّل الطبيّ سيكون حلّاً ومنقذاً لكبار السنّ الذين كان يتعذّر عليهم الخضوع إلى جراحة، ولم يكن أمامهم سوى تناول أدوية محدودة الفاعليّة. أمّا اليوم فأصبح بإمكاننا مساعدتهم وتحسين حياتهم بشكل كبير وتقديم حلّ بعد أن كان مفقوداً وغير موجود في السنوات الماضية”.