Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 25, 2021
A A A
عندما يتحول أخوة لكم إلى ضباع شرسة!
الكاتب: مرسال الترس - سفير الشمال

يعيش اللبنانيون هواجس عديدة ومتنوعة، من بينها إنتظار الباخرة الإيرانية وما تحمله من مواد لسد رمق المستشفيات والأفران وما يوازيها، وأيضاً الوعود الأميركية بالكهرباء والتي قد تصل أو لا تصل فلا يهم، فالأهم أن المسؤولين الأميركيين ربما تفتحت قريحتهم بعد خطوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله! وبين هذا وذاك بات اللبنانيون على قناعة أن المطلوب منهم وفق نظرة الغرب على الأقل، أن يموتوا ببطئ تحقيقاً لتطلعات خبراءهم الذين يرسمون الاستراتيجيات التي تهدف إلى إخضاع الشعوب بدون أن تكلف إداراتهم نفسها بإطلاق رصاصة واحدة، أو التضحية بجندي واحد. وإنما بفرض عقوبات (عبر الجيل الرابع من الحروب) تؤدي الأهداف المطلوبة حتى ولو أدّت إلى قتل شعب بكامله أو ربما شعوب!

ومن هؤلاء الخبراء ضابط المخابرات السابق البروفسور “ماكس مانوارينج” خبير الاستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأميركية الذي ألقى قبل ثلاث سنوات محاضرة “في أهم القواعد الأميركية في العالم”، أي الأراضي المحتلة، وبحضور ضباط كبار من جيش العدو وحلف الناتو. حيث رأى أنه “ليس الهدف تدمير قدرات المؤسسة العسكرية لإحدى الأمم، بل: (الإنهاك والتآكل البطيء).حيث أن الهدف (هو ارغام العدو على الرضوخ) !!!..” عبر زعزعة الاستقرار الذي ينفذه مواطنو الدولة العدو، لخلق الدولة الفاشلة..!!! وبذلك يستقيظ عدوك ميتاً”!

أليس ذلك ما هو حاصل في لبنان منذ سنتين؟؟ حيث يتم “الإنهاك” و “التآكل البطيء” عبر خراب متدرج للمدن، وتحويل الناس الى قطعان هائمة..!! وشل قدرة البلد العدو على تلبية الحاجات الاساسية..!!! حيث يضيف الجنرال الخبير:”و في مثل هذا النوع من الحروب قد تشاهدون اطفالا قتلى او كبار السن، فلا تنزعجوا…!!! فالمهم جعل “الدولة العدو” تقاتل على جبهات متعددة محاصرة بضباع محليين من كل الجهات، والتخطيط لتسخين جبهة وتهدئة جبهة أخرى، اي إستمرار ادارة الازمة وليس حلها”!

أليس ذلك ما هو حاصل في لبنان منذ سنتين؟؟…” لأن الانهيار السريع يُبقي على كثير من مقومات ومؤسسات الدولة والمجتمع، وبالتالي فإن أفضل الطرق هو التآكل البطيء، بهدوء وثبات عبر سنوات من خلال محاربين “محليين شرسين وشريرين” كما يقول الضابط الخبير لأن المطلوب “محو الدولة والمجتمع عبر عملية طويلة”..!!!!وهو ما نراه بأعيننا، ويطبق بأيدينا نحن، تحت شعارات صاخبة من حقوق الانسان والديمقراطية، والحرب على الارهاب…!!!!

أليس ذلك ما هو حاصل في لبنان عبر “أسلحة” المازوت والبنزين والصيدليات والمستشفيات والأفران … التي تشهد طوابير طويلة من الذّل، وأحياناً من القتلى والجرحى والمعوقين؟ وأيضاً في تعطيل كافة الدوائر الرسمية وإقفال كافة فروع المصارف وتعطيل ماكينات سحب الأموال، وفساد المواد الغذائية والاستهلاكية، وتعطل محطات توزيع المياه، وإقفال الفنادق والمؤسسات الخاصة والمعامل والمصانع. وشلّ وسائل النقل من شاحنات وباصات وفانات وسيارات تعمل على المازوت. وشلّ عمل المزارعين ومزارع الحمضيات والفواكه، وكذلك مزارع الدجاج والأبقار وإقفال محلات بيع اللحوم وصولاً إلى إقفال مراكز البيع الضخمة (المولات)، مع عدم إغفال ما يمكن أن يحصل في السجون والنظارات!

تصوروا كم هو مجرم وحقير وسافل ذاك العقل الذي يخطط لتلك المرحلة، ويعمل حسب توجّهات ذلك “العالم السفلي” الذي ينتمي إليه؟ وتصوروا كم نحن سخفاء وسطحيين لأننا ننفذ ما يُملى علينا، أحياناً بمعرفة وخبث، وأحيانا اخرى بجهلً تام!