Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر July 25, 2021
A A A
الساحة الداخلية أمام مخاض عسير ومخاوف من تكرار سيناريو المراوحة في التأليف
الكاتب: فادي عيد - الديار

تبدي أوساط سياسية مواكبة خشيتها من تكرار مشهد المراوحة الذي اعتاد عليه اللبنانيون لتسعة أشهر ونيّف، وكانت نهايته سلبية باعتذار الرئيس سعد الحريري عن تشكيل الحكومة العتيدة.
وفي هذا السياق، فإن الأوساط، وبالإستناد إلى معطيات توافرت في الساعات القليلة الماضية، تتحدّث عن شروط بدأت تُطرح لتترافق مع عمليتي التكليف ومن ثم التأليف، مشيرة إلى أن مشهد الرفض الذي يمارسه بعض القوى المعترضة على وصول الرئيس نجيب ميقاتي، ليس سوى محاولة لرفع السقف في المفاوضات الجارية اليوم على هذا الصعيد، وذلك، في ضوء القناعة الثابتة لدى المعترضين بأن ما من مفرّ من تأليف الحكومة، وبأن ميقاتي لا يزال المرشّح الأكثر حظّاً، والذي ترتفع أسهمه بقوة مع مرور الوقت، وبلورة المواقف الداخلية.
وعليه، فإن استمرار حال الإعتراض، سيعني حكماً الوصول إلى السيناريو الذي يتخوّف منه الجميع، وهو التكليف بداية، ثم الذهاب نحو مراوحة طويلة الأمد. وبالتالي، تبقى حكومة تصريف الأعمال، هي القائمة، مع تكليف رئيس لتأليف الحكومة من دون أن تتألّف. وتستند الأوساط، في قراءتها هذه، إلى تجربة الرئيس سعد الحريري، الذي لم ينجح في تأليف الحكومة للأسباب نفسها التي ستحول دون نجاح الرئيس المكلّف الجديد بذلك، إذ أن ظروف تأليف حكومة قادرة على اتخاذ المبادرة في الوقت الراهن، لم تنضج بعد، وقد يكون الهدف من وراء كل القوى الممسكة اليوم بمفاصل السلطة، الإبقاء على حالة الفراغ الحكومي حتى تمرير الإستحقاقات المصيرية بالنسبة لها، وفي مقدّمها الإنتخابات النيابية التي ستكون مختلفة هذه المرة عن كل الإستحقاقات السابقة، وبغض النظر عن القانون الإنتخابي الذي ستجري على أساسه.
ومن هنا، فإن هذه الظروف ليست مناسبة لحسم ملف الحكومة، كما تكشف الأوساط نفسها، والتي تعتبر أن الأوضاع الإجتماعية الضاغطة لم تشكّل في السابق حافزاً لتأليف الحكومة لمدة تسعة أشهر بقي فيها الواقع الحكومي على حاله من المراوحة، ولذا، لن يتغيّر المشهد كثيراً مع تسمية رئيس حكومة جديد.
وفي ضوء غياب أي مؤشّرات إيجابية، فإن التأليف مرشّح لأن يبقى عالقاً، وذلك فيما لو سلك التكليف طريقه في الساعات ال48 المقبلة، مع العلم أن كل شيء يبقى وارداً في الفترة الزمنية الفاصلة عن الإستشارات النيابية الملزمة، وبالتالي، ربما يحصل تأجيل لهذه الإستشارات من أجل ضمان مروحة واسعة من التأييد السياسي للرئيس ميقاتي من قبل الأطراف التي تدعم وصوله، أو بالأحرى عودته للمرة الثالثة إلى السراي الحكومي.
وفي هذا المجال، تطرح الأوساط السياسية نفسها، أسئلة عدة حول المتغيّرات التي سوف تسمح لميقاتي بتأليف الحكومة، بينما عجز عن ذلك الرئيس الحريري، خصوصاً وأن ما من شيء قد تغيّر، باستثناء المأزق المالي الذي يُتَرجم بالتقلّبات السريعة والحادة في سعر صرف الدولار.
ولذا، تعتبر الأوساط أن الساحة الداخلية هي أمام مخاض عسير، كون التأليف هو المحكّ لترجمة النوايا المعلنة من تسمية الرئيس ميقاتي، لا سيما وأن كل الأجواء السائدة وحتى اليوم، تشي بواقع سياسي قد يؤخّر عملية التشكيل للأسباب نفسها التي حالت دون تشكيل حكومة الرئيس الحريري.