Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر July 1, 2021
A A A
هل يغزون غداً احتياطي الذهب؟
الكاتب: نون - اللواء

مثل كل شيء تُقدم عليه الدولة متأخرة، أقر مجلس النواب أمس البطاقة التموينية، بعد أشهر مريرة من الضياع والمزايدات، وبعد استنزاف عشرات المليارات من الدولارات في الدعم المهدور الذي ذهب معظمه إلى جيوب التجار والمحتكرين.

الظروف التي أحاطت بإقرار البطاقة لا تخلو من التباسات عديدة، أبرزها عدم تأمين التمويل اللازم من خارج الخزينة، وبعيداً عن الإحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان، والبنك الدولي لم يتخذ بعد القرار النهائي بتحويل قروض سابقة لمشاريع معينة، مثل النقل السريع بين بيروت والمحافظات. كما أن معايير الإستفادة للعائلات الأكثر فقراً ليست واضحة، وتُركت للجنة الوزارية، وما تعنيه هذه الخطوة من فتح أبواب المحسوبية والفساد على مصراعيها، طالما أن المسألة تبقى قي إطار الاستنسابية من جهة، وقوة النفوذ من جهة أخرى.

حماس المنظومة السياسية لإقرار البطاقة التمويلية في خضم هذه الملابسات الملفتة، وغداة انطلاق الأحاديث عن الإنتخابات النيابية بعد أقل من عام، في أيار المقبل، يُعيدنا إلى الأجواء التي أُقرت خلالها سلسلة الرتب والرواتب عشية إنتخابات عام ٢٠١٨، من دون تأمين التمويل الكافي لها، والتي أُعتبرت في حينها بمثابة «رشوة إنتخابية»، رغم المخاطر المالية التي ظهرت في مرحلة النقاشات حول السلسلة، والتي توقّع أصحابها تداعيات ضاغطة على الخزينة، تُهدد بإجهاض مفعول زيادات السلسلة، وهذا ما حصل مع الإنهيار المالي للدولة بعد أقل من سنتين على إقرار السلسلة!

لا أحد يمكن أن يكون ضد البطاقة التمويلية في هذه المرحلة الحرجة، التي أصبح فيها أكثر من نصف سكان لبنان تحت خط الفقر. ولكن البلد لا يستطيع أن يتحمل أي تصرف عشوائي، وينطوي على مزايدات سياسية وخطابات شعبوية، لتحسين صورة هذه المنظومة السياسية الفاسدة والعاجزة.

مد اليد على الاحتياطي الإلزامي لتمويل البطاقة، جريمة أخرى يرتكبها أهل السلطة ضد هذا الشعب المنكوب بحكامه الذين لم يتورعوا عن نهب وهدر أموال المودعين في المصارف، تحت شتى الحجج والأوهام التي تخدم مصالحهم، وتكرس ممارسات المجسوبية والفساد.

اليوم استباحوا أموال المودعين… فهل يغزون غداً احتياطي الذهب؟