Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر September 26, 2016
A A A
عون يخوض آخر معاركه الرئاسية الخاسرة
الكاتب: اميل خوري - النهار

هل يمكن القول إن العماد ميشال عون فقد الأمل في انتخابه رئيساً للجمهورية، ففقد أعصابه وقرّر تنفيذ ما هدّد به عندما كان في باريس وهو أنه سيعطّل النظام في لبنان، خصوصاً أنه يخوض آخر معاركه الرئاسية فإذا خسرها فلا يعود لديه ما يخسره وليكن بعده الطوفان…

لذلك دعا محازبيه ومناصريه الى تحضير سواعدهم وأقدامهم للشارع، وليست هي المرة الأولى التي يدفع فيها عون ولبنان معه ثمن معاركه المستحيلة الخاسرة، فخاض تحرير لبنان من القوات السورية في وقت كان الرئيس السوري حافظ الأسد في أوج قوته داخلياً وخارجياً، فخسرها لأنها كانت أكبر منه، لكن حلمه بالرئاسة كان أكبر من أي معركة. وخاض معركة “الإلغاء” ضد “القوات اللبنانية” ظناً منه أنه إذا انتصر فيها يدخل قصر بعبدا رئيساً. لكنه استخف بها فخسرها لخطأ في الحساب والتقدير، فدفع لبنان، وتحديداً المسيحيين، ثمن نتائجها في مؤتمر الطائف عندما قبل قادتهم مكرهين بتقليص صلاحيات رئاسة الجمهورية، وعندما فقد العماد عون الأمل بانتخابه رئيساً للجمهورية أعلن رفضه “اتفاق الطائف”، وحلَّ مجلس النواب بعد منتصف الليل رداً على انتخاب النائب رينه معوض رئيساً للجمهورية ورفض تسليمه قصر بعبدا. وعندما انتخب الياس الهراوي رئيساً للجمهورية على اثر اغتيال الرئيس الشهيد معوض، رفض عون أيضاً تسليمه قصر بعبدا ولم يعترف بانتخابه، حتى أنه استدعى وسائل الاعلام المكتوبة وطلب منها عدم اعطائه صفة الرئيس عند نشر أخباره، مهدداً بفتح باب منح امتيازات صحفية لكل طالب…

وأخطأ العماد عون مرة أخرى الحساب عندما تعامل مع الرئيس الهراوي كما تعامل مع الرئيس الشهيد معوض برفضه تسليمه القصر طوعاً بعد رفضه كل العروض التي طرحت عليه لتجنب إخراجه منه قسراً. وظلّ على موقفه هذا الى أن قصفت الطائرات الحربية السورية قصر بعبدا ومبنى وزارة الدفاع، فاضطر للجوء الى السفارة الفرنسية ومنها منفياً الى فرنسا لأنه ظنّ خطأ أن اسرائيل لن تسمح للطائرات الحربية السورية بخرق الأجواء اللبنانية، وهو ما كان ممنوعاً إبان الحرب الداخلية في لبنان، ولم يفهم العماد عون أن مصالح الدول تفرض لكل حالة اتفاقات وتفاهمات، وان إخراجه قسراً من قصر بعبدا كان نتيجة تفاهم أميركي – سوري وموافقة اسرائيلية. وها هو اليوم يدعو الى الاحتفال في 13 تشرين الأول بذكرى خروجه من قصر بعبدا قسراً، وهي ذكرى أليمة ويوم حزين كما احتفل العرب بذكرى النكسة… في حربهم مع اسرائيل، في حين أن العماد عون لو أنه أحسن التصرّف لكان اليوم دعا الى الاحتفال بعودته الى القصر رئيساً بإرادة الشعب، مسيحيين ومسلمين، وعندما عاد العماد عون من مؤتمر الدوحة تباهى باستعادته حقوق المسيحيين بالموافقة على قانون الستين اعتقاداً منه ان هذا القانون سيضمن له الفوز بأكثرية نيابية تأتي به رئيساً للجمهورية. فيقيم عندئذ “الجمهورية الثالثة” التي دعا الى إقامتها بحملة دعائية غطّت لوحات الاعلان في كل المناطق. لكن الرئاسة كانت للعماد ميشال سليمان فصار قانون الستين ملعوناً ولا يعيد الى المسيحيين حقوقهم.

وها هو اليوم يقرر خوض معركة في الشارع ويفتش عن عنوان لها يستقطب الجماهير بعدما وجد أن التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي لا يستقطبها، فوجد في “الميثاقية” ما يحرّك مشاعر المسيحيين الشاكين من الغبن وعدم المشاركة الحقيقية في الحكم. فهل يخسر العماد عون هذه المعركة أيضاً وهي آخر معاركه عندما يجد نفسه وحيداً فيها لخطأ أيضاً في الحساب والتقدير ولسوء التصرّف وعدم إجادة قراءة الأحداث وتطوراتها، ولأن أقطاباً مسيحيين يرون أن الحرص على “الميثاقية” يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية لأنه الركيزة الأولى والأساسية من ركائز هذه “الميثاقية”، ولأن استعادة حقوق المسيحيين تبدأ من رأس الهرم، به تتحقق “الشراكة الوطنية”، وكونه رمز وحدة الوطن ورئيس كل السلطات، وليس بتعطيل انتخابه لمصلحة ذاتية أو خدمة لخارج.