Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر June 15, 2021
A A A
هل يكون آخر الدواء التوجّه نحو القصر الجمهوري؟!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

تراجَعَ خيار إعتذار الرئيس سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، بعدما تولى الرئيس نبيه بري وصل الغطاء السني الذي كان حصل عليه، بغطاء شيعي مطرز بخيوط مسيحية أعطى الرئيس المكلف جرعة دعم إضافية من شأنها أن تساهم في تحصين موقفه وتثبيت الأرضية التي يقف عليها.

يبدو واضحا أن ما بين الموقف السني ـ الشيعي الداعم للحريري، وبين حسابات رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل، هوّة سحيقة لا يمكن ردمها، خصوصا أن كل فريق يسبح في فضاء ويغني على ليلاه، فيما الأوضاع المعيشية والاجتماعية والمالية الضاغطة تحتاج الى كثير من التقارب وتدوير الزوايا لتشكيل حكومة تخفف من نتائج الارتطام الكبير الذي بتنا قاب قوسين أو أدنى من الوصول إليه.

لا شك في أن إيجاد صيغة توافقية حول مبادرة الرئيس بري، أفضل وأسهل بكثير من إعتذار الحريري والدخول مجددا في متاهة تكليف شخصية أخرى قد تفتقد الى الغطاء السني والى موافقة عين التينة وتواجه رفضا درزيا ومسيحيا، ما يجعلها رهينة في يد “فريق العهد” لتشكل حكومة مقطوعة من شجرة محكوم عليها بالفشل وربما تسقط في مجلس النواب.

يمكن القول، إن إعتذار الحريري لا يحل الأزمة بل على العكس يضاعف من تعقيدها، فرئيس الجمهورية ميشال عون يستغل ضعف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وإستقالته من مهامه، ويتصرف وفقا لنظام رئاسي، وباسيل تحركه شهوة السلطة فيريد الحصول على كل شيء والتحكم بمسار كل الأمور كرئيس فعلي للجمهورية، وهذا ما يدفعه منذ فترة الى اللف والدوران، والى تفشيل اللقاءات والمبادرات من أجل الحصول على “الثلث المعطل” سواء بالمباشر أو بالواسطة أو بالالتفاف على عملية التأليف، وهذا مرفوض ليس من الحريري فحسب بل من كل المكونات السياسية والطائفية والقوى الاقليمية والدولية، لكن ذلك لم يدفع عون الى تبديل مواقفه حيال أن يكون باسيل شريكا مضاربا لرئيس الحكومة والمتحكم بقراراته ومصيره.

لذلك، فإن إعتذار الحريري لن يبدل شيئا من الواقع القائم، حيث أن مطالب باسيل ستبقى على حالها مع أي رئيس مكلف لأن الثلث المعطل بالنسبة إليه بمثابة “أكون أو لا أكون”، فإما أن يعاد سيناريو الحريري بالتعطيل نتيجة ذلك، ونكون أمام تكليف جديد من دون تأليف، أو أن يرضخ الرئيس المكلف لشروط باسيل التي تصادر صلاحيات رئيس الحكومة وتضرب هيبة الموقع السني الأول وتستهدف إتفاق الطائف، وتحيي النظام الرئاسي، ما يضع البلاد على فوهة بركان سياسية وطائفية معطوفة على التحركات الاحتجاجية رفضا للأزمات الاجتماعية والمالية والاقتصادية.

ترى مصادر سياسية مواكبة أن ما يحصل اليوم هو إضاعة للوقت، فلا التمسك بالحريري يحل الأزمات، ولا غطرسة باسيل تحدّ من جنون الدولار، ولا عدم مبالاة عون تغطي على فشل العهد بكل مندرجاته، بل المطلوب تشكيل حكومة فورا بالتوافق بين عون والحريري.

وتكشف المصادر نفسها أن الذل الذي يعيشه اللبنانيون، وشعورهم المتنامي بانتهاك كراماتهم على مدار ساعات النهار أمام محطات الوقود وفي إنقطاع الكهرباء، وفي فقدان الأدوية وفي التسول على أبواب المستشفيات، وفي جنون الدولار، قد يجعل الأرض مهيأة لانفجار ثورة حقيقية لن تقتصر هذه المرة على مناطق محددة، بل سيكون آخر الدواء الاتجاه الشعبي نحو القصر الجمهوري، خصوصا وبحسب المعلومات المتوفرة، أن ضغوطات بدأت تمارس في الساحة المسيحية لنزع الخط الأحمر المرسوم حول العهد العوني!..