Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر May 26, 2021
A A A
شركات لبنانية تتماشى مع مرحلة “ما بعد كوفيد 19″… هل تُعتبر العودة آمنة؟
الكاتب: فرح نصور - النهار

تغيّر مفهوم مكان العمل والدوام مع جائحة كورونا، بحيث أصبح مكان العمل لا ينحصر بمكتب أو شركة.

ومع دخول العالم، لا سيّما لبنان، مرحلة “ما بعد كوفيد-19″، حيث بدأت حملة اللقاحات وفُتحت البلاد، وعزم عدد كبير من الشركات اللبنانية على العودة إلى العمل من المكاتب، أمور كثيرة تغيّرت في بيئة العمل، سواء لشكل المكاتب أو للدوامات ولطرق العمل. كيف تغيّر واقع العمل من المكتب “بعد كوفيد- 19″؟ وإلى أي مدى تُعتبَر العودة إلى المكاتب آمنة؟

تشير مسؤولة الموارد البشرية في شركة Fidelity للتأمين، أنّ العمل في الشركة أصبح هجيناً، ما بين قسم من الموظفين يداوم في المكاتب، وقسم آخر يداوم من المنزل، وإنتاجية الموظفين في الشركة استمرت على الوتيرة نفسها، سواء في العمل عن بُعد أم لدى العودة إلى المكاتب.

مع فتح البلاد، لم ينوجد الموظفون بكامل عددهم في المكاتب، إنّما سارت الشركة تدريجياً وصولاً إلى 75% من الحضور في المكاتب المفتوحة على بعضها. وحالياً، بدأ الموظفون يتلقّون اللقاح تباعاً، “ما سيساعد في تحصينهم، ويدفعهم لأن يأتوا إلى المكاتب بأريحية”، وفق المسؤولة.

واستدعت العودة الآمنة إلى مكاتب العمل، فصل كلّ موظّف في مكتبٍ على حدة، و”نحن كشركة خدمات، كان الموظّفون محمّسين إلى العودة للعمل من المكاتب، إذ عملنا يستدعي الاجتماع بالزبائن أيضاً، لذلك كان الموظفون يرغبون في استرجاع هذا التفاعل”.

من جهته، يفيد مسؤولٌ في التسويق الرقمي في شركة Notaclinic لخدمات تصميم الغرافيكس، ابرهيم شعيبان، أنّ العودة إلى العمل من المكاتب حتّمت على الشركة تغيير شكل المكاتب وتوزيع الموظفين بما يتناسب مع “عودة ما بعد كوفيد -19″، وبينما كان ثلاثة أشخاص في قسم التطوير مثلاً ينوجدون في غرفة واحدة، أصبح لكلّ منهم مكتب خاص، وحُوِّلت غرف الاجتماعات إلى مكاتب للموظفين. لذلك، لم يعد هناك حاجة للمداورة بين الموظفين بين عمل من المكتب ومن المنزل، حيث إنّ كلاً منهم أصبح في مكتب خاص، وأصبح العمل بالتالي كلّه من المكتب.

ويؤكّد شعيبان أنّ العودة إلى المكاتب كانت ضرورة، وأنّ الإنتاجية زادت أكثر في هذا الإطار، و”كان الموظّفون في الشركة سعيدين بالعودة للعمل والنشاط من المكاتب، وكانت ثمة حاجة لهذه العودة، شرط أن تكون آمنة”. وفيما تلقى قسم من الموظفين اللقاح، لا يزال الآخرون بانتظار أدوارهم، “وهذا الأمر يطمئنهم للوجود في المكاتب، مع المحافظة طبعاً على جميع تدابير الوقاية” وفق شعيبان.

وفي السياق نفسه، ترى صاحبة شركة MWPR للعلاقات العامة، مريانا وهبه، أنّ “العودة إلى العمل من المكاتب كانت إيجابية جداً، إذ غاب التواصل الإنساني والتفاعل المباشر بسبب العمل عن بُعد، بينما جميع نشاطاتنا في المكاتب قائمة على اجتماعات بين فريق العمل، وبين الموظفين والزبائن”.
وتروي أنّ “الموظفين كانوا مندفعين جداً للعودة إلى المكاتب كالأطفال لدى عودتهم إلى المدارس، فهم مبدعون ونحن بحاجة إلى القيام بعصف ذهني سوياً، لذلك، كانت هناك حاجة مُلِحّة لأن نعود إلى العمل من المكاتب لتلبية متطلبات العمل”.

لكن من الجانب الطبي، إلى أي مدى تُعتبر العودة إلى المكاتب آمنة؟ وهل يمكن تقليص تدابير الوقاية في بيئة عمل مُلقَّحة؟

يقول الدكتور محمد حجيج، أنّ “العودة الآمنة إلى مكاتب العمل تشترط بشكل أساسي التهوئة في المكاتب، عبر النوافذ المفتوحة حصراً، حتى ولو كان المكيّف شغالاً، من الضروري فتح النوافذ، فارتداء الكمامة في الأماكن المغلقة يلعب دوراً محدوداً جداً في الحدّ من انتقال العدوى”.

ويضيف حجيج الذي تابع العديد من حالات كورونا في الأشهر الماضية أنّه “حالياً، هناك تخوّف من انتشار السلالات المتحوّرة مثل السلالة الهندية، إذ هناك سلالة جديدة انتشرت في فرنسا ولا نعرف حتى الآن ما مدى تأثيرها، لكن لا شك في أنّ جميع السلالات الجديدة يكون انتشارها أسرع ويؤثر عليها اللقاح بنسبة أقلّ”.

لذلك، وفق حجيج، “العودة إلى العمل في المكاتب ممكنة لكن يجب توقع زيادة إصابات كورونا بعد شهرين أو ثلاثة، وقد تظهر مفاعيل هذه السلالات ما بين شهري آب وأيلول، وستكون هذه حال العالم أجمع ليس في لبنان فقط، لأنّ هذه السلالات انتشرت في العالم كلّه، لكنّها تستغرق وقتاً كي تظهر في المجتمعات، لذلك ما يمكن فعله الآن، هو عدم الاتكال على اللقاح فقط، إنّما اعتماد التهوئة كمفتاح لتفادي كورونا، فالمكاتب التي لا تحتوي أي منافذ يمكن فتحها، تشكّل أرضاً خصبة لنقل العدوى”.

ويشير حجيج إلى أنّ “في المؤسسات حيث قسم من الموظفين تلقّى اللقاح والقسم الآخر لم يتلقّه بعد، على الجميع التعامل وكأنّ أحداً لم يتلقَ اللقاح، لتطبيق وقاية سليمة، لأنّ مَن تلقّى اللقاح ليس بمأمن كلّي من الإصابة بكورونا، وفي حال التقط العدوى يمكنه أن ينقلها لمَن لم يتلقَ اللقاح بعد وستكون آثارها أصعب عليه. وفي حال تلقّي جميع الموظفين اللقاح، بالتأكيد يكون خطر الإصابة أقلّ لكنه لا يزال موجوداً”.

أمّا لجهة أعداد الأشخاص الآمنة في مكتب واحد، يقول حجيج إنّ “المسألة لا تتعلّق بالعدد بقدر ما تتعلّق بوجود شخص يحمل الفيروس وبمدى قدرة أجسام الأشخاص المحيطين به على التقاط العدوى”.

ونشر موقع “فوربس” Forbes مقالاً عن تغييرات يمكن توقّعها في مكان العمل في “ما بعد كوفيد- 19″، وعلى رأس هذه التغييرات أن يصبح العمل الهجين هو القاعدة في العمل، بحيث ستختار الشركات استخدام نموذج يقسم من خلاله الموظّفون وقتهم في العمل من المكتب لجزء من الأسبوع والعمل عن بُعد في الجزء الأخر منه.

ومن التغييرات، بحسب المقال، أنّ العمل لن ينحصر ما بين المنزل أو المكتب، ويصبح بذلك العمل من المنزل عملاً من أي مكان، ما دام لدى الموظفين اتصال بالإنترنت. لكن إلى جانب ذلك، ستصرّ بعض الشركات على عودة الموظفين الحضورية بدوام كامل إلى المكاتب. وسيكون تقديم ترتيبات عمل مرِنة أمرًا أساسيًا في الاحتفاظ بالموظفين وضمان مستويات أعلى من الرضا والمشاركة في ما يتعلّق بالعودة إلى العمل حضوريًا في المكتب، أو مواصلة العمل عن بُعد.