Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر May 11, 2021
A A A
افتتاحية “النهار”: تصاعد السباق بين الفوضى والتهدئة المالية
الكاتب: النهار

يومًا بعد يوم تزداد “عوارض” تفشي الفوضى الاجتماعية والنقابية والاقتصادية والمالية في كل الاتجاهات بما ينذر بحالة تفلت واسعة لم يعد مجرد كابوس نظري مرتقب، بل تثبت وقائع الازمات المعيشية والاجتماعية المتراكمة دفعة واحدة ان لبنان ينزلق اليه. وشهدت الساعات الأخيرة سباقاً لاهثاً بين تواصل مظاهر الفوضى الناجمة عن تفلت الأسعار والأزمات المفتعلة في بعض القطاعات الحيوية مثل المحروقات والأدوية وتفاقم الخلاف الطبي القضائي على خلفية اضراب الأطباء والمستشفيات من جهة، والخطوات والإجراءات الاستثنائية التي شرع مصرف لبنان في اتخاذها لتخفيف تداعيات الازمة المالية والاقتصادية ما امكن وتبريد الحمى الفوضوية التي تشهدها البلاد تحت وطأة الخشية الشعبية من رفع الدعم او استغلال هذا الخوف لاستثماره من جهة أخرى. ولكن الظاهرة اللافتة اكثر من أي وقت سابق تمثلت في ان البلاد انكشفت مرة جديدة عن غياب خيالي للمسؤوليات السياسية التي يفترض ان تضطلع بها الوزارت المعنية وحكومة تصريف الاعمال كلا، كما العهد الذي يستنسب وفق اجتهاداته متى يختار معايير “العهد القوي” بعقد اجتماعات خاصة بملفات معينة، ومتى ينكفئ عن الواجهة ويترك الأمور على غاربها تبعا لمصالح رموزه. ويجري ذلك فيما عاد ملف لبنان، وبعد أيام على زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت، يطرح على اجتماع وزراء الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي امس في بروكسيل من باب البحث في الخيارات الأوروبية عموما حيال ازمته بما فيها خيار العقوبات الذي شرعت فرنسا في الاستعدادات العملية لوضعه في التطبيق.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن استيائه إزاء المراوحة السياسية التي يشهدها لبنان، وبدأ التحضير لفرض عقوبات على مسؤولين سياسيين يعتبرهم مسؤولين عن العرقلة، وفق ما أعلن وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل.

وأعلن بوريل إثر اجتماع وزراء الخارجية : “نعمل على اتّباع سياسة العصا والجزرة. كل الخيارات مطروحة من أجل الضغط على الطبقة السياسية التي تحول دون الخروج من المأزق”. وأوضح بوريل “لقد أبلغَنا (وزير الخارجية الفرنسي) جان إيف لودريان الذي زار يوم الجمعة الماضي لبنان بالأوضاع هناك”.

ولوّح الوزير الفرنسي في بيروت بفرض عقوبات على مسؤولين عن المراوحة السياسية، بهدف تجنّب “انتحار جماعي” للبلد المنهار.

وشدد ديبلوماسي أوروبي على أن فرنسا كانت في غاية الوضوح بشأن ما يجب القيام به. كل الخيارات طرحت وإذا سارت الأمور على نحو جيد فإن الاتحاد الأوروبي مستعد لمساعدة لبنان.

وتابع الديبلوماسي: “لكن في الوقت الراهن، المأزق مستمر. ويبحث الاتحاد الأوروبي ممارسة ضغوط فردية على المسؤولين السياسيين الذين يعوقون تشكيل الحكومة وتبني الإصلاحات”.

 

انطلاق “المنصة”
وفي الجانب المالي من الازمة، ينطلق عمل منصة الصيرفة اليوم بهدف تأمين عملية بيع وشراء العملات الاجنبية النقدية وتحديداً الدولار، بسعر يحدد العرض والطلب على هذه المنصة التي ستلحظ العرض والطلب الموجه للمصارف والصيارفة لشراء وبيع الدولار من السوق،على ان تكون هذه العمليات متاحة للتجار والمستودرين والمؤسسات وأيضا للأفراد العاديين شرط تأمين مستندات ومعلومات محددة، وعلى ان يقوم مصرف لبنان بالتدخّل عند اللزوم، لضبط التقلبات بأسعار سوق الصيرفة، علماً أن السعر ستحدده حركة السوق، بمحاول للحد من المضاربات والسيطرة على “دولار” السوق. ووجّه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني كتاباً جوابيّاً إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول موضوع إطلاق منصّة الصيرفة، مبدياً موافقته للتنسيق معه على إطلاقها “بهدف المساعدة على تأمين ثبات القطع استناداً إلى أحكام المادة 75 من قانون النقد والتسليف” بحسب بيان الوزارة. وعلى الأثر صدرت عن المصرف المركزي التعاميم اللازمة لتوضيح آلية عمل منصة “صيرفة” وإيذاناً بانطلاق عملها اليوم .

ومع ذلك لم تغب مظاهر الازمة المتفاقمة في اتجاهات مختلفة اذ اصطف الناس في الطوابير امام محطات الوقود لليوم الثاني، في حين أكد ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا أن “شائعات كثيرة بُثّت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول رفع الدعم عن البنزين، ونحن كموزّعين لم نتبلغ أيّ مشروع برفع الدعم، وسعر البنزين لم يرتفع”.

وفاقم المشهد تفاعل القرار القضائي في قضية الطفلة ايلا طنوس سلبا في قطاع الاطباء والمستشفيات اذ بدأ اضراب الأطباء وأعلنت نقابة المستشفيات التوقف عن استقبال المرضى في جميع المستشفيات الخاصة في مختلف الاقسام بما فيها العيادات الخارجية باستثناء الحالات الطارئة ومرضى غسيل الكلى والعلاج الكيميائي وذلك ابتداء من امس ولغاية نهار السبت المقبل . ومن جهتها، اطلقت نقابة الصيادلة “صرختها الاخيرة ازاء الوضع المتردي” داعية “المنظومة السياسية للخروج بأي حل من شأنه اخراج القطاع الصيدلاني من غرفة العناية المركزة ومعه الشعب، الذي بات بين البحث عن علبة حليب للاطفال وعلبة دواء وتنكة بنزين ورغيف خبز كمن يعيش مأساة يومية يتمنى الموت فيها على الذل”.