Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر September 21, 2016
A A A
جيش إدلب الحر .. خطوة نحو عزل النصرة؟
الكاتب: عبدالله سليمان علي - السفير

أعلنت ثلاثة فصائل مُسلّحة نيّتها تشكيل «جيش إدلب الحر» استباقاً على ما يبدو لمساعي الاندماج الفصائلي التي كاد السعودي عبدالله المحيسني أن يقرّ بدوره في فشلها، بعدما نعاها قبله القيادي في «أحرار الشام» لبيب النحاس.
وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع الإشكالات التي رافقت طرد الجنود الأميركيين من بلدة الراعي، وإعلان بعض الفصائل انسحابها من غرفة عمليات «درع الفرات» احتجاجاً على المشاركة الأميركية، وبالتزامن مع استمرار الجهود المبذولة لمنع انهيار الاتفاق الروسي – الأميركي الذي ينصّ على ضرورة العزل بين «جبهة النصرة» و «الفصائل المعتدلة» بحسب التقييم الأميركي.
والفصائل الثلاثة التي تستعدّ للاندماج في ما بينها وتشكيل «جيش إدلب الحر» هي: «الفرقة 13»، و «الفرقة الشمالية»، و «صقور الجبل». وبحسب المُقدّم المُنشقّ أحمد سعود قائد «الفرقة 13»، فإن التشكيل الجديد سيتّخذ من مدينتي معرّة النعمان وكفرنبل بريف إدلب الجنوبي معقلاً أساسياً له.
وتشتهر هاتان المدينتان بمناهضتهما لتنظيم «جبهة النصرة». فالأولى ما تزال تشهد خروج تظاهرات مستمرة منذ حوالي أربعة أشهر للمطالبة بمحاسبة «جبهة النصرة» على اعتداءاتها ضدّ «الفرقة 13». أما الثانية، فهي مقرّ لعدد من حركات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المدعومة غربياً، والتي قامت «جبهة النصرة» بمحاولات كثيرة للتضييق عليها شملت إغلاق مقرّ راديو «فريش» والاعتداء بالضرب على بعض الناشطين كان من بينهم هادي العبدالله.
لذلك كان من المستغرب أن يُشدّد أحمد سعود على أن التشكيل الجديد «سيسعى لإقامة علاقات طيبة والتنسيق مع جيش الفتح باعتباره منتشراً على رقعة واسعة من محافظة إدلب، وكذلك التنسيق مع باقي الفصائل» والاستغراب ليس لأن «جبهة النصرة» تُمثّل جزءاً أساسياً من «جيش الفتح»، وهي ضالعة في الاعتداء على مقار «الفرقة 13» قبل أشهر عدة، حيث لا تزال التظاهرات تخرج ضدّها يومياً ، بل لأن «الفرقة 13» هي من أهم الفصائل «المعتدلة» المدعومة من الولايات المتحدة، وبالتالي فإن تنسيقها مع «جيش الفتح» أي مع «جبهة النصرة» يعتبر انتهاكاً لجوهر الاتفاق الروسي – الأميركي الذي ينصّ على أن يقوم الطرفان بتشكيل «خلية تنفيذ مُشتركة» لاستهداف «جبهة النصرة» بعد استتباب الهدنة لسبعة أيام مُتواصلة. كما أن أحد أهم مآخذ موسكو على واشنطن هو تباطؤها في تنفيذ التزامها بفصل «المُعارضة المُعتدلة» عن «جبهة النصرة»، فكيف والحال أن بعض هذه الفصائل تقول صراحة إنها تعمل على التنسيق مع «جبهة النصرة» وإقامة علاقات طيبة معها؟
غير أن بعض المراقبين يرى في تصريحات سعود محاولة لعدم استفزاز «جبهة النصرة» كي لا تقوم بأي حملة مُسبقة لتصفية الكيان الجديد والفصائل التي يتشكّل منها قبل أن يرى النور. ولا يستبعد هؤلاء أن يكون «جيش إدلب الحر» خطوة أولى في سلسلة خطوات لتشكيل فروع لـ «الجيش السوري الحرّ» في محافظات أخرى، لا سيما في المحافظات التي فيها وجود لـ «جبهة النصرة»، على أن يكون نواة تتجمّع حولها باقي «الفصائل المعتدلة» من أجل العمل على عزل «جبهة النصرة» تطبيقاً للتعهّدات الأميركية بموجب اتفاقها مع الروس. لكن هذا يبقى متوقّفاً على مصير الاتفاق نفسه أولاً، وعلى طبيعة ردّ فعل «جبهة النصرة» ثانياً.
وسادت في أوساط قادة الفصائل الإسلامية مخاوف كبيرة من أن يكون تشكيل «جيش إدلب» مؤشراً على فشل مساعي الاندماج العام بين الفصائل. وهو ما بدا جلياً من تصريح عبدالله المحيسني الناري عبر حسابه على موقع «تويتر» حيث كتب «والله إن فشل الاندماج لا قدّر الله .. فإن هذه الدماء والمآسي برقبة من أفشله». كما كتب القيادي في «جبهة النصرة» أبو ماريا القحطاني المعنى نفسه، مُهدّداً بأنه «سيكتب شهادته» حول الأمر.
وقد اختلفت الأنباء حول هوية من سيشغل منصب قائد «جيش إدلب» حيث تراوحت التقديرات بين قائد «الفرقة 13» أحمد سعود وقائد «صقور الجبل» النقيب المنشقّ حسن حاج علي. وكان «صقور الجبل»، وهو فصيل يتكوّن من عناصر معظمهم تركمان ومدعوم من تركيا، قد أعلن انسحابه من «غرفة عمليات درع الفرات» احتجاجاً على مشاركة جنود أميركيين فيها، كذلك فعل كل من «أحرار الشرقية» و «الفوج الخامس».
وفي هذا السياق، كان من اللافت إصدار «اللواء 51»، وهو من مُكوّنات «غرفة عمليات حوار كلس» ومُشارك في «درع الفرات»، بياناً يُبرّئ فيه نفسه من تهمة طرد الجنود الأميركيين من بلدة الراعي. ومما جاء في البيان أن «المستشارين الأميركيين دخلوا برفقة القوات التركية وتحت إشراف الإخوة الأتراك»، مُشيراً إلى أن «اللواء ليس صاحب قرار ولا يملك صلاحية إدخال أو إخراج أي شخص من تركيا وإليها»، ولكنّه شدّد على أن «اللواء يعمل ضمن غرفة عمليات تضمّ عشرين فصيلاً، ونحن جزء من غرفة العمليات ولا نتّخذ أي قرار يُخالف مواثيق الغرفة». مع العلم أن «أحرار الشرقية» الذي ظهر عناصره وهم يطردون الجنود الأميركيون من بلدة الراعي، هو من مُكوّنات «غرفة عمليات حوار كلس».
وعلى ما يبدو، فإن انسحاب بعض الفصائل من «درع الفرات» كان له دور في إضعاف العملية، حيث تمكّن تنظيم «داعش» أمس من استعادة السيطرة على قرى عدة شرق بلدة الراعي، قاطعاً بذلك الطريق المهمّة بين الأخيرة ومدينة جرابلس.
من جهة أخرى، نفت «أحرار الشام» الأنباء التي تحدّثت عن تعيين نائب قائد الحركة للشؤون العسكرية، أبي صالح الطحان، والمعروف بميوله «القاعدية»، قائداً عاماً لـ «جيش الفتح» خلفاً لأبي عمر سراقب الذي قُتل قبل أسبوعين بغارة جوية ما زالت الجهة التي قامت بها مجهولة حتى الآن.
***

0b8d0883-53a1-4e9a-87b4-569d7ead5071
أكراد خلال إحصاء سكاني في مدينة المالكية المعروفة باسم ديرك لدى الأكراد. (ا ف ب)