Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر September 16, 2016
A A A
التورط الأميركي مع إسرائيل
الكاتب: أشرف كمال - سبوتنيك

لا يمكن تجاهل الأخبار التي كشفت عن اتفاق يسمح لإسرائيل بالحصول على امدادات عسكرية متطورة من جانب الولايات المتحدة بقيمة 38 مليار دولار على مدار عشر سنوات، خاصة في ضوء الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والخلافات التي احتدمت بين إدارة أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بينامين نتنياهو.

نتنياهو قام بزيارة واشنطن بدعوة من رئيس مجلس النواب الأميركي، جون بينر، في آذار من العام الماضي بعد رفض البيت الأبيض استقباله، كما شنت حكومته هجوما ضاريا على سياسة أوباما خاصة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، حتى تخيل للبعض أن هناك شرخا كبيرا حدث في العلاقات بين الجانبين، وراحت وسائل الإعلام الأميركية تنتقد محاولات نتنياهو فرض رؤيته على واشنطن واستغلال أغلبية الحزب الجمهوري المؤيد لسياسات إسرائيل في المنطقة.

زوبعة في فنجان الحقيقة التي لا يجب أن تضيع وسط ركام الخلافات بين أوباما ونتنياهو، والوضع الراهن في الشرق الأوسط وما تشهده دول عربية كبرى ومحاولات إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة، تظل العلاقات بين تل أبيب وواشنطن الثابت الوحيد في تلك المعادلة، حيث لا تتأثر العلاقات الثنائية بالخلافات التي يمكن ان تطرأ بين الإدارتين، وأن الأسس الاستراتيجية للتعاون والتي بدأت مع إعلان قيام دولة إسرائيل لن تتغير، وهي كما تقول زعيمة “الحزب الديمقراطي” في مجلس النواب الأميركي “العلاقات الأميركية مع إسرائيل قوية وستبقى كذلك، لا تعتمد على الأشخاص. تتعلق بالقيم التي نشترك فيها. ونحن نتطلع إلى مواصلة عملنا معا”.

الخلافات بين نتنياهو وأوباما وتلك التي من المتصور أن تحدث مع أي إدارة أميركية أخرى، لن تؤثر على تعاون المؤسسات المختلفة مع إسرائيل، ولن تتغير بسببها استراتيجيات تم التوافق عليها منذ عقود، وما جرى بين أوباما ونتنياهو ليس سوى “زوبعة في فنجان” لم تمنع واشنطن تقديم مزيد من إمدادات السلاح المتطور إلى الحليفة إسرائيل. وجديد التعاون الإسرائيلي ـ الأميركي هو ذلك الاتفاق الذي يسمح بتقديم مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار على مدار العشر سنوات المقبلة، حيث تبحث تل أبيب حاليا عن 41.2 مليون دولار لتطوير صواريخ القبة الحديدية التي تمولها واشنطن بـ 1.2 مليار دولار إلى جانب 268 مليون دولار لتطوير برنامجي صواريخ “مقلاع داود” وصواريخ “آرو 3” فضلا عن التعاون المشترك بين الجانبين في الصناعات العسكرية المختلفة.

التورط الأميركي مع إسرائيل
يعتبر كتاب جورج بول، الدبلوماسي السابق بالخارجية الأميركية، الصادر عام 1992 بعنوان “الارتباط العاطفي: التورط الأميركي مع إسرائيل” وما يحمله من وثائق وروايات لشخصيات شاركت في صناعة القرار الأميركي، مرآة حقيقية لطبيعة العلاقات بين واشنطن والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. ويقول مؤلف الكتاب أن لجنة الشؤون العامة الأميركية — الإسرائيلية “أيباك” التي تشكل مجموعة الضغط الرئيسية المؤيدة لإسرائيل في الساحة الأميركية، لها نفوذ قوي في الولايات المتحدة، وتعمل لصالحها 100 لجنة عمل سياسي في الساحة الأميركية.

هناك اتفاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل من شأنه دفع واشنطن إلى خفض مستوى عملياتها الأمنية في الشرق الأوسط، لأن إسرائيل ستقدم لها المعلومات التي تريدها. التقليد السائد هو تعيين صحافيين متعاطفين مع إسرائيل كمراسلين في منطقة الشرق الأوسط، بحيث يكون مقرهم الرئيسي في إسرائيل. ولفت الكتاب إلى أن الرئيس الأميركي الراحل جون كيندي جاء إلى السلطة بتعهد قطعه على نفسه بتأييد حق تقرير المصير الفلسطيني والعمل على حل مشكلة اللاجئين. وكتب رئيس وزراء إسرائيل ديفيد بن غوريون إلى زعماء اليهود الأميركيين “إسرائيل ستعتبر هذه الخطة تهديداً لوجودها يفوق في خطورته كل التهديدات التي صدرت عن الرؤساء والملوك العرب”. وفي نهاية الأمر نجح الإسرائيليون وأصدقاؤهم في الضغط على كيندي وتغير موقفه والتأكيد على أن الولايات المتحدة ستساعد إسرائيل إذا ما تعرضت لهجوم”.

تقارير مراكز الأبحاث الأميركية تشير إلى أن الولايات المتحدة تقدم لإسرائيل منذ عام 1948 دعم دبلوماسي واقتصادي وعسكري، بلغ حتى الآن ما يزيد عن 100 مليار، في إطار المنطق الاستراتيجي للعلاقات بين الجانبين وما تمثله من توازن سياسي وعسكري في المنطقة العربية وفق رؤية واشنطن، وهذا ما يفسر استمرار المشاورات وتبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن عدد من الملفات الأمنية والسياسية في المنطقة، فضلا عن استمرار جهود الارتقاء بالتعاون العسكري التقني وتنسيق العمليات المختلفة. الخلاصة تمثل الولايات المتحدة الأميركية، بالنسبة لإسرائيل الحليف الاستراتيجي الذي يساندها في تحقيق مصالحها، وتمثل تل أبيب بالنسبة لواشنطن أهم ركيزة من ركائز الاستراتيجية الأميركية في المنطقة وتأمين مصالحها. ومن هنا فإنه من الصعب مجرد التصور بفك الارتباط بين الجانبين سياسيا واقتصاديا وعسكريا، خاصة أن العلاقات مع الدول العربية لم تتأثر مع انتشار القواعد العسكرية الأمريكية في أغلب دول المنطقة.