Beirut weather 12.41 ° C
تاريخ النشر January 4, 2021
A A A
ماذا كشف جاسم عجاقة لموقع “المرده” عن “مجلس النقد” وهل يشكل الحل؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

يعتبر البعض ان اعتماد مجلس النقد قد يشكل الحل للازمة المالية التي يمر بها البلد الا ان البعض الآخر يرى انه سيف ذو حدين لاسيما اذا لم يرتكز على أسس محددة فماذا يقول الأستاذ الجامعي والباحث الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة في حديث خاص لموقع “المرده” عن هذا المجلس؟.
يؤكد عجاقة أن “مجلس النقد هو حالة خاصة صغيرة من سياسة النقد، شارحاً أن المصارف المركزية لديها أهداف اجمالية نهائية، وهذه الاهداف النهائية عادة لا تستطيع هذه المصارف أن تؤثر عليها بشكل مباشر لذلك تعتمد أهدافاً وسيطة يكون لها تأثير مباشر على الاهداف النهائية. وبحسب النظرية النقدية هناك ثلاثة أهداف وسيطة: الهدف الوسيط الاول من خلال الكتل النقدية وهذه السياسة ليست ناجحة كثيراً في العالم ولكن هذا لا يعني ان ليس هناك رقابة للشق المتعلق بالكتل النقدية بل بالعكس هي تحت الرقابة ولكن لا يمكن من خلالهم التأثير على الاهداف النهائية للمصارف المركزية، أما الهدف الوسيط الثاني فهو هدف سعر الصرف فهو يثبت عادة او يحاولون تركه ضمن هامش معين وفي هذا الأخير يتدخل المصرف المركزي لتركه ضمن هذا الهامش. وهذا ما يقوم به مصرف لبنان ومجلس النقد يعتبر حالة خاصة من هذا الهدف الوسيط والتثبيت يكون متطرفاً أكثر يعني يجري تثبيت مئة في المئة من قيمة النقد ويصبح النقد مغطى بكمية من الدولارات او بكمية من الذهب مئة في المئة بحيث لا تطبع الاموال الا ويكون في المقابل هناك عملة صعبة او ذهب”.
واضاف عجاقة: “الهدف الوسيط الثالث هو هدف التضخم وهذا الهدف هو من اكثر الاهداف فاعلية، فالمصارف المركزية التي تتمتع بالاستقلالية تتّبع هذا الهدف لانه يأخذ بعين الاعتبار أموراً عدّة من بينها التأثير على الاقتصاد ككل ولديه مرونة وليونة أكبر نسبة الى مجلس النقد”.
ولفت عجاقة الى أن “مجلس النقد يُستخدم للخروج بطريقة او بأخرى من تضخم موجود فيه وهذا امر ايجابي فيه وعادةً كل البلدان التي تتخبط بنوع من انواع التضخم تلجأ الى اعتماد هكذا مجالس وكي “نخلق” هذا المجلس علينا الذهاب على قانون النقد والتسليف لتعديله ولا يكون لمصرف لبنان اي تأثير عليه فانه يسحب من مصرف لبنان صلاحية طبع العملة وتصبح من صلاحياته ويتوقف عن طبع الاموال الا في حال وجدت الدولارات والذهب في المقابل”، مشيراً الى ان سياسة المجلس النقدي بما يخص العملة هي سياسة محكومة بالمعادلات الحسابية وليس اي شيء آخر”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان مجلس النقد يشكل مَمراً آمناً نحو سعر صرف ثابت في هذه الظروف الصعبة، التي يخشى معها اللبناني ان يستمر تدهور سعر صرف عملته الوطنية في المرحلة المقبلة، وصولاً الى أرقام تضخمية خطيرة تشبه تلك التي بلغتها دول تعرّضت للانهيار المالي والحصار الاقتصادي؟ أجاب عجاقة بالقول: “لنفترض ان المجلس النيابي اجتمع وأقرّ انشاء هذا المجلس فان الاساسي والضروري في هذه العملية اننا يجب ان نحرر سعر صرف الليرة في فترة 30 يوماً اي يصبح سعر صرف كلّي متروك ومن بعد نهاية الأيام الثلاثين يؤخذ سعر صرف السوق ويُعتمد كسعر رسمي وهذا الامر يعني بكل بساطة أنه وفي ظل الاجواء السياسية والاقتصادية والأمنية والنقدية من الممكن ان نتعرض لتخفيض كبير بقيمة العملة اللبنانية ومما لا شك فيه ان لذلك تداعيات اجتماعية كبيرة ولكن الأكيد انه بواسطة مجلس النقد نستحصل على سعر صرف ثابت ولكن السؤال هو “بأي ثمن؟” والثمن يمكن ان يكون غالياً على هذا الصعيد”.
وعن معايير نجاح تجربة مجلس النقد على الوضع اللبناني قال: “ما يجب معرفته أن مجلس النقد هو شكل من أشكال السياسة النقدية بما يخص الطبع وله حسنات وسيئات واذا لم تطبق القوانين بشكل صارم كما حصل في حال الأرجنتين سابقاً فالأكيد اننا سنصل الى الفشل لا مُحال ومن الواجب معرفة ان لهذا المجلس عدداً من السيئات وعلى رأسها انه في حال كان الوضع الاقتصادي سيئاً جداً كحال لبنان فالناس تطلب أموالاً بالليرة اللبنانية واذا كان هناك مجلس نقدي فلن يكون هناك امكانية ولا بأي شكل من الاشكال طبع الاموال ما يعني ان الناس ستكون بلا أموال ولن تجد الدولة من يغطي عجزها وبالتالي لا يوجد انتظام في مالية الدولة مما سيؤدي الى افلاس الدولة واعلاء صرخة المودعين الذين سيتعذر عليهم الاستحصال ليس فقط على دولاراتهم لا بل على أموالهم بالليرة اللبنانية ويجب ان نعرف انه لدى اعتماد المجلس النقدي يجب ان يسبقه دراسة دقيقة كي لا تنقلب هذه التجربة الى تجربة سيئة”.
ما تأثير وجود مجلس للنقد على القطاع المصرفي الذي سيتم الاعتماد عليه، رغم فقدان الثقة به حالياً، للنهوض بالبلد مجدداً عندما يحين موعد تنفيذ خطة للانقاذ؟ اشار عجاقة في هذا الاطار الى أن “في اعتقادي ان مجلس النقد لا علاقة له بالقطاع المصرفي فمهمته معروفة ألا وهي طبع العملة فقط طبقاً لقواعد حسابية لا أكثر ولا أقل ولا يمكن القول ان مجلس النقد سيتدخل بسياسة القطاع المصرفي التي هي من مهام المصرف المركزي والحكومة ولا يمكننا الاعتبار ان لمجلس النقد قدرة على التأثير على القطاع المصرفي ولا أحد كفيل بردّ الثقة الى القطاع المصرفي الا حكومة قادرة على القيام بالاصلاحات المطلوبة وقضاء قوي يشكل ضمانة ليس فقط للقطاع المصرفي بل للاقتصاد ككلّ”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان تثبيت الليرة على الـ 5500 مشروع قابل للتنفيذ، أوضح عجاقة أن “مقالات عديدة تُنشر شمالاً ويميناً وتضع أرقاماً مبنية على خلفيات معينة ولكن لا أحد يمكن أن يعرف ذلك لانه اذا كنا نعتمد على مجلس النقد فانه يحدد بناءً على سعر صرف السوق ويمكن أن يضعها السوق على الثلاثة آلاف او على العشرة آلاف فسعر السوق هو من يحدد الرقم”.
هناك دول نجحت وأخرى فشلت مع مجلس النقد ففي الأرجنتين فشلت أما تجربة ليتوانيا فتكلّلت بالنجاح، فماذا عن لبنان؟ رداً على هذا السؤال رأى عجاقة أن المشكلة الاساسية في لبنان هي عدم تطبيق القوانين واذا جرى الاقرار باعتماد مجلس النقد بقوانين معينة واذا لم يتم الالتزام بشكل كبير فهناك صعوبة ان تنجح هذه التجربة أما اذا طُبّقت القوانين فنلجم ونوقف التضخم ولكن لن يكون هناك مرونة من ناحية الاقتصاد لانه اذا أرادت الحكومة اعتماد سياسة تحفيزية بحسب النظرية الكينيزية فتكمن اشكالية على هذا الصعيد واذا توفرت المساعدة الأجنبية القوية بالتزامن مع مجلس النقد فيمكن ان يُكتب لهذا الاجراء النجاح في لبنان”.