Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر December 30, 2020
A A A
حزب واحد… وصلاحيات رئاسية!
الكاتب: نون - اللواء

يبدو أن فريق رئيس الجمهورية ليس في عجلة من أمره لتظهير الحكومة العتيدة، والإعداد لمواجهة تداعيات التدهور المستمر في أوضاع البلاد ومعيشة العباد.

الأولوية ليست لتأليف الحكومة في حسابات أهل الحكم، لأن الفراغ الحكومي المستفحل، والذي يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، أتاح لفخامة الرئيس فرصة التفرّد بحكم البلاد، والتدخل بكل كبيرة وصغيرة، وإصدار التوجيهات اللازمة للوزراء والمدراء العامين، فضلاً عن الإيحاءات الضرورية للنيابات العامة وقضاة التحقيق.

وبحجة أن الحكومة المستقيلة تُصرّف الأعمال في أضيق حدود ممكنة، ولا تستطيع، دستورياً، أن تجتمع وتأخذ القرارات المناسبة، أخذت الاجتماعات المتكررة لمجلس الدفاع الأعلى، والذي يجتمع عادة بدعوة وبرئاسة رئيس الجمهورية، تأخذ طابع «الحكومة المصغرة»، حيث سرعان ما تتحوّل توصيات وتوجيهات المجلس إلى قرارات تنفيذية، سواء على مستوى اللجان الوزارية، أو بالنسبة للوزراء المعنيين.

إقفال البلد تهرباً من تفشي كورونا يخضع لتوصيات مجلس الدفاع، التعاقد مع شركة التحقيق الجنائي يتم بتوجيهات من فخامة الرئيس مباشرة إلى وزير المالية، من دون المرور برئيس الحكومة، التفاوض مع شركة «فايزر» الأميركية لشراء اللقاحات ضد الكورونا يحتاج إلى زيارة لقصر بعبدا والحصول على إذن من الرئيس لشراء اللقاحات، وهي عملية ممولة من البنك الدولي، تحرك القضاء لملاحقة السياسيين المتهمين بالفساد والإثراء غير المشروع، غالباً ما يتم بإشارات من قصر بعبدا، وتلك الإشارات لا تخلو في معظم الأحيان من الاستنسابية والكيديات السياسية.

رغم حجم الخسائر السياسية والمعنوية، بل والتاريخية، التي تُصيب العهد ورئيسه من استمرار سياسة المراوحة في الفراغ الحكومي، وإبقاء البلد يتخبّط في أزماته غير المسبوقة في تاريخه الحديث، تبقى حسابات الاستئثار بالسلطة، ولو على حساب الضرب بعرض الحائط بنصوص الدستور، والخروج عن مبدأ الفصل بين السلطات، وإحداث مثل الخلل الحالي في المعادلة الوطنية، وفي عدم احترام أصول وقواعد الشراكة الوطنية، هي الأساس في مواقف فريق العهد.

منذ اليوم الأول لولاية الرئيس عون، أخذ فريق العهد على عاتقه العمل على تغيير مفاهيم وثيقة الوفاق الوطني، وتعديل نصوص الدستور المنبثق عنها، بالممارسة اليومية، بعدما تعذر على هذا الفريق تغيير النصوص ضمن الأطر القانونية والدستورية الصريحة.

المفارقة المحزنة أن هذا الفريق يعيش أجواء الأنظمة الرئاسية، والصلاحيات المطلقة لفخامة الرئيس، وكأن البلد أصبح تحت نير حكم الحزب الواحد!